«أملاك الغائبين» تصادر أملاك الفلسطينيين بالقدس و«دائرة الأراضي» تسربها لمنظمات استيطانية

الدولة الإسرائيلية تدعم رسميا النشاط الاستيطاني في المدينة المقدسة

عجوز فلسطيني يتظاهر امام منزل سلام فياض في حي بيت حانينا في القدس المحتلة احتجاجا على استمرار اعتقال احد اقربائه، امس (أ.ف.ب)
TT

ربما تتركز الحرب الفلسطينية - الإسرائيلية في السيطرة على الأرض والمكان في القدس المحتلة، في حي سلوان القريب من المسجد الأقصى أكثر من غيره. وبينما لا يجد الفلسطينيون في القدس سوى دعم محدود لتمويل هذه الحرب من جانب السلطة في رام الله، فإن إسرائيل ومؤسساتها وجمعياتها ومتبرعين من الخارج يتجندون في هذه الحرب بكل الأموال والإمكانيات اللازمة.

وكشفت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، أمس، تحت عنوان «هآرتس تكشف: الدولة تعطي أراضي القدس الشرقية لمنظمات يمينية»، عن قيام دائرة أراضي إسرائيل بنقل ملكية عقارات في حي سلوان والبلدة القديمة في القدس المحتلة مصادرة لجمعيات استيطانية يمينية مثل «إلعاد» و«عطيريت كوهانيم» دون عطاءات بأسعار زهيدة للغاية.

وتبين من تحقيق أجرته الصحيفة أن سلطة «أملاك الغائبين (الفلسطينيين)» تبدأ أولا بمصادرة الأملاك، ثم تقوم «دائرة أراضي إسرائيل» بنقلها لهذه المنظمات.

وجاء في التحقيق أن مسجل الجمعيات يسمح لـ«عطيرت كوهانيم»، و«إلعاد»، اللتين تعملان على توطين اليهود في سلوان، بتلقي ملايين الشواقل من متبرعين مجهولي الهوية لدعم نشاطاتهما تحت غطاء سري. وتساند الدولة هذه الجمعيات بتغطيتها عبر «قانون أملاك الغائبين» أو بموجب أوراق تقول إن الأملاك التي تمت السيطرة عليها كانت بملكية يهودية. ومثلا، سيطرت «أملاك الغائبين» على منزل موسى العباسي في سلوان، عام 1988، وبعد 3 سنوات أجرته لـ«إلعاد» مقابل 23 شيكلا شهريا. وحسب التقديرات، فإن نحو 80 صفقة عقدت بين الدولة والجمعيات الاستيطانية بهذا الشكل.

وأكدت «هآرتس» أن «إلعاد» وع«طيريت كوهانيم»، أصبحتا تملكان عقارات ضخمة في القدس، إذ تعملان بشكل سري، وتفعلان شركات ثانوية بعضها مسجل خارج البلاد، وتخفيان جهة المتبرعين بالأموال.

وبحسب التقرير، فإن «إلعاد» جلبت حتى الآن نحو 500 يهودي للاستيطان في سلوان وحدها، في حين تخصصت «عطيريت كوهانيم» في السيطرة على الأملاك في البلدة القديمة عموما، وحارة المسلمين خصوصا، ونجحت بإدخال 60 عائلة استيطانية إليها، إضافة إلى مئات طلاب المدارس الدينية التلمودية. ويشير التقرير إلى دور الدولة المركزي في كل هذا، فقد سربت للجمعيتين عشرات الأملاك، ومن دون مناقصات، وفوق ذلك، خصصت عشرات الملايين من الشواقل لتوفير الحماية لهذه الأملاك وسكانها الجدد.

ونشرت هذه المعلومات بناء على أمر المحكمة التي طلبت تسليمها (أي المعلومات) إلى الناشط الإسرائيلي اليساري درور أتيكس، بعد مداولات قضائية استمرت 3 سنوات، طلب خلالها الاطلاع على دور الدولة في تمويل الجمعيات الاستيطانية.

وتطرق التقرير إلى أسلوب «إلعاد» بوصفها الشريك الأبرز في إقامة حزام استيطاني حول البلدة القديمة عبر السيطرة على منازل عربية. ونقلت الصحيفة عن ديفيد بئري، مؤسس جمعية «إلعاد»، أن إحدى طرق الاستيلاء على الأملاك العربية في المنطقة، هي عبر شراء الأملاك منهم بواسطة شخص يدّعي أنه أحد عناصر حزب الله، وبعد ذلك يقوم ببيعها للجمعية.

وتفرض الجمعية ومعها الدولة ستارا من السرية حول هويات سماسرة العقارات بعضهم فلسطينيين، حفاظا على حياتهم.

وتعتبر «إلعاد» من أغنى الجمعيات في إسرائيل، وتقول تقارير عام 2008، إن أملاكها وصلت إلى 104 ملايين شيكل، منها 94 مليون شيكل من تبرعات سرية، و10 ملايين شيكل حصلت عليها كمدخول من السياحة إلى ما يسمى «مدينة داود» في سلوان.

وبينما تتجند إسرائيل ومتبرعون للسيطرة على البلدة القديمة، أظهرت دراسة فلسطينية حقوقية، أعدها مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، أن أصحاب المنازل الفلسطينيين المهددة بالهدم في القدس، يفضلون هدم منازلهم بأيديهم، بدلا من ترك المهمة لبلدية القدس، مما يكلفهم أموالا طائلة تفرضها البلدية، وما يتبع ذلك من فتح ملفات جنائية لأصحاب هذه المنازل، مما يعرضهم أحيانا للاعتقال أو فقدانهم لوظائفهم.

وتطرقت الدراسة التي نشرت تحت عنوان، «الاحتياجات القانونية والهدم الذاتي في البلدة القديمة»، إلى المساهمة القليلة للسلطة في دفع تكاليف المتابعات القانونية لأصحاب المنازل المهددة بالهدم، وحسب الدراسة فإن السلطة تقوم بتغطية 20% فقط، أما المؤسسات القانونية فهي تتابع 13.5% من هذه القضايا.

وشملت عينة الدراسة 148 أسرة، أُخطرَت بهدم منازلها بحجة البناء من غير ترخيص. وقال معد الدراسة نبيل عبد الله، وهو باحث ميداني، «إن 121 عائلة من أصل 148 طلبت منهم البلدية هدم منازلهم بأيديهم، فقبل معظمهم ذلك، بسبب الخوف على المبنى الأصلي أحيانا، وعلى أبنية الجيران، والخوف من فقدان الوظيفة، إذ يعمل كثير منهم في مؤسسات رسمية، وهذا يعني أنهم سيخسرون الوظيفة في حال فتح ملف جنائي بحقهم، ورابعا الخوف من الاعتقال لأن جزءا من أصحاب هؤلاء البيوت كبار في السن ولا يتحملون ظروف الاعتقال.. وبضغط من الأسرة، يرضخ صاحب المنزل لقرار الهدم الذاتي».

وجاء في الدراسة أن جميع البيوت التي شملها المسح مقرر هدمها، إضافة إلى أن 74.4% من أصحاب هذه البيوت أدينوا بالسجن لعدم الالتزام بقرارات المحكمة أو بسبب التأخر في دفع الغرامة.