مخاوف في البصرة من عودة العنف مجددا إلى الشارع

أحدهم لـ«الشرق الأوسط» متسائلا: ماذا نفعل لو منح المالكي التيار الصدري وزارة الداخلية؟

عنصر في الشرطة العراقية يحرس مدخل كنيسة في بغداد أمس (أ.ف.ب)
TT

«أم شيماء» امرأة بصرية في العقد الخامس من عمرها فقدت ابنتها شيماء إبان موجة العنف الطائفي وسيطرة المجاميع المسلحة على الشارع البصري بين عامي 2005 و2007، حيث قالت عن تلك الحادثة التي وصفتها بالمروعة إن «ابنتي خرجت صباحا إلى جامعتها، لكنها لم تعد؛ لتبلغني الشرطة بعدها بأنها خطفت وقتلت على أيدي مجهولين». وتابعت «منذ ذلك اليوم لم أدع أيا من أبنائي الستة يذهب إلى المدرسة».

الحادثة التي وقعت لشيماء، طالبة الجامعة، وقعت للكثير من أبناء البصرة، فمنهم من قتل ومنهم من هجر والقسم الآخر ظل صامتا لا يتحدث حتى عن العملية الأمنية التي نفذت في البصرة في مارس (آذار) 2008 لترجع الحياة الطبيعية إلى المدينة المعروفة بإرثها الفني والثقافي الكبير وتعدد الطوائف التي تسكنها.

لكن هذه الأيام عادت مشاعر الخوف والحذر لدى أهل البصرة نتيجة التقارب الكبير بين ائتلاف دولة القانون بقيادة رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته نوري المالكي والتيار الصدري الذي يعرف بتشدده والأخبار التي تناقلتها وسائل الإعلام حول إمكانية منح وزارة الداخلية للأخير. وعبر أهالي مدينة البصرة عن مخاوفهم في أحاديث لـ«الشرق الأوسط» طلب أغلبهم عدم الكشف عن اسمه. ويقول أحدهم، وهو أستاذ في جامعة البصرة، إن «المالكي عندما أتى إلى البصرة في مارس 2008 وفرض القانون فإنه جاء بعد أن بعث أغلب أساتذة جامعة البصرة رسائل إليه مفادها (إن لم تنقذنا فإننا لن نقاوم أكثر وسنجلس في بيوتنا ولن نذهب للجامعة مجددا)، لذا قدم إلى البصرة ونفذ تلك العملية الأمنية»، مضيفا «نحن أهالي البصرة ماذا نفعل لو منح المالكي التيار الصدري وزارة الداخلية؟».

وكانت أنباء قد ترددت عن صفقة سياسية بين التيار الصدري والمالكي بمنح مناصب مهمة ووزارات للتيار الصدري في حال تأييد الأول لترشيح المالكي لولاية ثانية ومنها وزارة الداخلية أو مواقع مهمة في الوزارة تسيطر على عملية التعيينات فيها.

الخوف والحذر والترقب تعدى أساتذة الجامعة ليصل إلى النساء في البيوت، حيث تقول إحداهن وهي ربة بيت وأم لستة أولاد، اثنان منهم في المرحلة الجامعية، إن «ابني الكبير كان أحد طلاب كلية الهندسة الذين اعتدي عليهم في تلك السفرة الترفيهية الشهيرة بحدائق الأندلس عام 2005 وجاءني يومها ملطخا بالدماء فإذا عادت الجماعات المسلحة إلى الشارع مجددا، أعتقد أنني سأفقد أحد أبنائي لأنهم اعتادوا على الحرية ولا يقبلون أن تسلب منهم».

وتابعت «أنا انتخبت المالكي وقائمته في انتخابات مجالس المحافظات الأخيرة والبرلمان لسبب واحد، لأنه قضى على تلك الجماعات فأطالبه بحقي وبصوتي الانتخابي ألا يضع الوزارات الأمنية بيد أناس لا يعرفون الأمن».

من جانبه، بين أحد الأطباء أن «أكثر المتضررين من الجماعات المسلحة هم شريحة الأطباء في البصرة، حيث هجر وقتل الكثير منهم كالدكتور خالد المياحي طبيب اختصاصي في الجملة العصبية ليصل الأمر بقاتليه إلى أن ثقبوا رأسه بجهاز المثقاب (دريل كهربائي)، هكذا كان عقابنا في البصرة»، مضيفا أن «الخارجين على القانون إذا عادوا إلى البصرة سوف نخسر الكثير من الطاقات البشرية والعلمية لأنهم بالتأكيد سوف يرحلون». وتساءل «كم ستبقى من الحريات الشخصية أو العامة في البصرة أو حتى في العراق إذا ما تسلم متشدد وزارة أمنية مهمة؟». ومنذ فترة بعيدة دأبت القوات الأمنية على الإعلان عن فعالياتها داخل محافظة البصرة وتكثر التقارير والبيانات لتلك القوات ويتم نشرها وتوزيعها على وسائل الإعلام بانتظام وتشير أكثرها إلى أن تلك القوات قامت بالقبض على العصابات المسلحة التي تمتهن القتل والسطو المسلح والسرقة، لكن لم تتم الإشارة في أي من تلك البيانات إلى الجهات التي تقف وراء تلك العصابات بحسب صحافي مهتم بشؤون الجماعات المسلحة. الصحافي الذي طلب أيضا عدم الكشف عن اسمه أشار إلى أن «هناك أهدافا ثابتة لتلك الجماعات كباعة الخمور وغيرهم وأغلب من ينفذ تلك العمليات لا يتم إلقاء القبض عليه، فلم نسمع أو نقرأ بيانا يشير إلى إلقاء القبض على من يقوم بتفجير محال الخمور أو التسجيلات الصوتية أو تأجير الآلات الموسيقية إذن هناك صفقة غير معلنة وإذا ما سيطر متشدد على وزارة الداخلية ستكون الحرية الشخصية حبرا على ورق»