الصدر يدعو لتشكيل أفواج لحماية دور العبادة بما فيها الكنائس

مسيحيو جنوب العراق: حذر وترقب وتفكير في الهجرة بحثا عن الأمان

نائبا رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي وطارق الهاشمي خلال زيارتهما لكنيسة «سيدة النجاة» في بغداد أول من أمس لتقديم التعازي لذوي ضحايا هجوم الأحد الماضي («الشرق الأوسط»)
TT

استنكر مقتدى الصدر أمس الهجوم على كنيسة «سيدة النجاة» في بغداد الأحد الماضي والهجمات الدامية التي تلتها في مناطق غالبيتها شيعة في بغداد ودعا الحكومة إلى «تشكيل أفواج لحماية الأماكن المقدسة والعتبات والمساجد وقبل ذلك الأديرة والكنائس ودور العبادة لكل الأديان وروادها».

وأضاف الصدر أن «تحرير مسلمين اثنين لا يعني جواز قتل هذا العدد من المسيحيين وأن إعدام قادة البعث أو الخلافات السياسية الأخرى لا تعني زج الشعب في دوامة الرعب والخوف وسلب الأمن والأمان». ويشير الصدر بذلك إلى تبرير «القاعدة» هجومها على الكنيسة باحتجاز الكنيسة القبطية المصرية امرأتين سرت شائعات حول اعتناقهما الإسلام، الأولى في 2004 والثانية في يوليو (تموز) 2010. وقد أعلن تنظيم دولة العراق الإسلامية المرتبط بـ«القاعدة» مسؤوليته عن الهجوم على المسيحيين في كاتدرائية سيدة النجاة للسريان الكاثوليك مساء الأحد حيث مقتل 53 شخصا بينهم 46 من المصلين وإصابة العشرات بجروح.

وفي كربلاء، قال أحمد الصافي ممثل المرجع الكبير آية الله علي السيستاني في خطبة الجمعة أمام مئات المصلين في ضريح الإمام الحسين إن «استهداف الكنائس ومحاولة القتل الفظيع بهذه الطريقة أمر مرفوض نستنكره ولا يمكن أن نقبله». وأضاف أن «الانفجارات الأخرى لم تكن عشوائية وليس هدفها حصد الأرواح كيفما اتفق (...) إنما جرت البلاد للاحتراب والقتال في الشارع في حرب طائفية وهذا يجب أن يقرأه المسؤول السياسي بعناية».

إلى ذلك، قال مسيحيون في البصرة لـ«الشرق الأوسط» إنهم يفكرون في الهجرة بعد حادثة «كنيسة النجاة». فبعد 5 أيام من قدومه إلى البصرة مسقط رأسه قرر ميلاد ناجي الرحيل إلى سورية ومنها إلى أميركا التي كان قد وصلها إبان فترة العنف الطائفي الذي ضرب العراق والبصرة بين عامي 2005 و2007. ويقول ناجي: «وصلت إلى البصرة قبل مذبحة كنيسة سيدة النجاة في بغداد وعند سماعي بالخبر وبعد أن رأيت التشدد الأمني تذكرت تلك الأيام في عام 2005 عندما أجبرت على ترك البصرة لا لشيء سوى أني مسيحي»، وتابع: «فكرت أن أستقر في البصرة لكن بعد كل ما جرى لن أبقى دقيقة واحدة وسأرحل مجددا».

وبعد أحداث كنيسة سيدة النجاة في بغداد بدأت القوات الأمنية في البصرة زيادة إجراءاتها الأمنية حول الكنائس ودور العبادة فيما رأى بعض أبناء الطائفة المسيحية أن التشدد الأمني والخوف قد يدفعهم للبحث عن مكان آمن يلجأون إليه.

وعن الإجراءات الأمنية حول الكنائس يقول الأب سمعان كصكوص راعي كنيسة العذراء للسريان الأرثوذكس في البصرة لـ«الشرق الأوسط» إن «البصرة معروفة بأمانها وطيبة أهلها لكن الإرهاب قد يستغل الفرص فالقوات الأمنية زادت من إجراءاتها حول دور العبادة المسيحية في البصرة»، مضيفا أن «من تلك الإجراءات هو تشديد الحراسة على الطرق المؤدية للكنائس وزيادة عدد قوات الحماية ونجد أن هناك تعاونا ما بين قوات الأمن والحرس المكلف بحماية تلك الكنائس».

والكثير من العائلات المسيحية في البصرة أرغمت ما بين عامي 2005 و2007 على ترك المدينة بسبب تهديدات تلقوها من جماعات مسلحة وقتذاك ليتضاءل عددهم ويصل إلى أقل من ربع ما كانوا قبل عام 2003 ليعود بعضهم إلى البصرة بعد العملية العسكرية في مارس (آذار) 2008. وتباينت آراء أبناء الطائفة المسيحية في البصرة حول تهديدات تنظيم القاعدة باستهداف المسيحيين ويقول أبو فادي (60 سنة): «نحن نقوم بأخذ الاحتياطات اللازمة ونفعل ما بأيدينا والقلق يساورنا في أحيان كثيرة»، مضيفا أن «الأمر ليس بأيدينا وإذا استمر الخوف سوف نفكر فعليا في البحث عن أماكن أكثر أمانا نعيش فيها نحن وعائلاتنا لكن إلى الآن البصرة مستقرة».

أما أحد الشباب المسيحيين الذي رفض البوح باسمه خوفا من كشف هويته فبين أن «الاستهداف موجود ونتوقع ردود أفعال كثيرة لكن الله هو من يحفظنا». وتابع: «أنا مثلا بدأت فعليا في إجراءات السفر وسوف ألتحق بأخي في بلجيكا».