الحكومة الأردنية تنهي استعداداتها لإجراء الانتخابات النيابية الثلاثاء المقبل

الشعارات الانتخابية عبارات ووعود لا تقوى حكومات ومؤسسات دولية على تحقيقها

أردني يمر امام لافتات لمرشحين في الانتخابات البرلمانية (أ. ف. ب)
TT

انتهت الحكومة الأردنية من وضع الترتيبات والاستعدادات الفنية والإدارية لإجراء الانتخابات النيابية لمجلس النواب الأردني السادس عشر، المقررة يوم الثلاثاء المقبل. وقال المستشار السياسي لرئيس الوزراء الأردني الناطق الرسمي للانتخابات النيابية سميح المعايطة إن ما يشغل الحكومة بشكل أساسي في هذه الانتخابات هو نجاحها في إجراء انتخابات نزيهة تقنع المواطن وتعيد ثقته في العملية الانتخابية. وقال «إن ما ستحاسب عليه الحكومة هو قدرتها على إجراء انتخابات نزيهة ونظيفة التزاما بأحكام القانون، أما الاقتراع فيكون بقرار المواطن»، معربا عن اعتقاده أن الأردنيين لديهم نسب حماس للمشاركة في هذه الانتخابات.

في غضون ذلك، ذكرت مصادر قضائية أردنية، أمس، أن السلطات الأمنية أحالت ما لا يقل عن 25 شخصا من بينهم أحد المرشحين إلى المدعي العام، على خلفية اتهامات بشراء الأصوات.

وأضافت المصادر أن كل الأشخاص المشتبه فيهم هم من إحدى الدوائر الانتخابية في عمان. وهذه القضية هى الأولى التي يتم فيها اتهام مرشح في الانتخابات بشراء الأصوات، وهي ظاهرة ترددت تقارير أنها انتشرت على نطاق واسع في انتخابات 2007.

وقالت المصادر القضائية إنه في حالة إدانة المشتبه فيهم، فإنه قد يصدر حكم بالسجن لمدة سبع سنوات بحقهم بموجب تعديل جديد في قانون الانتخابات.

وجاءت هذه الخطوة على ما يبدو بعد القلق الذي أعرب عنه أول من أمس المركز الوطني لحقوق الإنسان الذي تموله الحكومة، وكشف عن وسائل جديدة للتلاعب تعرض للخطر نزاهة الانتخابات التي تجرى الثلاثاء المقبل.

وفي موضوع مراقبة الانتخابات، أشار المعايطة إلى وجود ثلاث جهات محلية تقدمت لمتابعة الانتخابات، وهي المركز الوطني والتحالف المدني ومركز الجسر العربي لحقوق الإنسان، حيث ستشارك هذه الجهات بنحو 2503 متابعين، مثلما توجد جهات دولية وعربية تقدمت بطلبات لمتابعة الانتخابات وتمت الموافقة عليها، ومجموعهم جميعا نحو 2761 شخصا، سيقومون بمتابعة الانتخابات محليا وخارجيا، إضافة إلى مئات الصحافيين الذين يتابعون عملية الاقتراع بطريقتهم الخاصة.

وفي موضوع الاحتياطات الأمنية المتخذة ليوم الاقتراع قال المعايطة «إن هناك خطة واضحة ومحكمة لضبط الأمن، وهناك توجيهات صارمة بالتعامل بحزم مع أي محاولات لإحداث خروقات، وإنه لن يتم التهاون مع أي شخص أو جهة تحاول خرق القانون».

ولم تخل الدعاية الانتخابية للمرشحين لهذه الانتخابات من صراعات وطرائف ووعود تبدو أحيانا طريفة ومضحكة للمواطن الأردني والمراقب. ويتبارى المرشحون الذين بلغ عددهم النهائي بعد انتهاء الفترة القانونية للانسحاب 763 يتنافسون على 120 مقعدا، في مداعبة عواطف المواطنين بشعاراتهم ولافتاتهم التي تغص بها شوارع عمان وسائر المحافظات المملكة.

ويرى عدد من المتابعين للانتخابات في هذه الشعارات «جملا وعبارات ووعودا لا تقوى حكومات ولا حتى مؤسسات دولية على تحقيقها». فهناك من وعد باستخراج النفط وإدخال الطماطم لكل منزل أردني، بعد ارتفاع سعر الكيلو الواحد لما يقارب الدولارين ونصف الدولار.. وينوي مرشح عن الدائرة الأولى بعمان العمل على مشاركة المنتخب الأردني لكرة القدم في كأس العالم حال وصوله إلى مجلس النواب. وقال المرشح الذي يحمل شعار «الشباب فرسان التغير» لإذاعة محلية «يجب العمل على رفع مستوى الأندية الرياضية لتصبح منافسة للأندية العربية والعالمية أيضا، والتركيز على الأماكن التي تفتقر للأندية والملاعب الرياضية».

ووعد مرشح في لواء المزار الجنوبي بالكرك في حال فوزه بأن يكون الأردن بلدا نفطيا.

وذكرت وسائل إعلام أردنية محلية أن مرشحا غربي العاصمة، اكتشف أن لافتاته الدعائية تتعرض للتمزيق في ساعات الظلام، وعند الترصد والتدقيق تبين أن من يمزقها هو الخطاط حتى يعود إليه المرشح.

ويلاحظ أن انطلاقة الحملات الانتخابية زادت من الطلب على «الجميد» السوري (اللبن المجفف) المستخدم في إعداد أكلة «المناسف» الشعبية التي تقدم في مثل هذه المناسبات. ويعلق عضو في لجنة مؤازرة لأحد المرشحين بأن كثيرا من الجالسين في الصفوف الأولى في حفلات افتتاح مقرات المرشحين الذين يكثرون من الهتاف والتصفيق هم من الشباب الذين يؤمون كل حفلات الافتتاح تقريبا، سعيا وراء وجبات المناسف والكنافة التي توزع بالمجان.

وبعيدا عن وجبات المناسف، وعد مرشح عن لواء الرمثا بأن يذهب إلى مجلس النواب بالحافلات وسيارات السرفيس في حال فوزه في الانتخابات، مشيرا إلى ضرورة أن تدخل الطماطم لكل بيت أردني.

ولم تخل الشعارات السياسية في عمان من الطرافة، ويقرأ أحدها «لا نرضى بديلا عن فلسطين إلا الجنة»، والأكثر طرافة أن إحدى المترشحات اكتفت بعبارة «من دون شعارات».

ومن طرائف الحملات الانتخابية في الدائرة الثالثة في عمان سعي مدير حملة أحد المرشحين إلى إقناع مرشحه بتغيير صورته التي عممت في شوارع عمان، ويبدو فيها المرشح عابسا مصابا بالقشعريرة.

وبين «من دون شعارات» وصورة المرشح من دون شعار، أصبحت الكثير من الشعارات، موضع تندر، بل ومثيرة للفضول، وتعكس ضحالة الحملات الانتخابية وغياب البرامج الواضحة للمرشحين.

ورفع بعض المرشحين شعارات تحمل وعودا أكبر من إمكانياتهم، لدرجة أن مرشحا في محافظة جنوبية وعد ناخبيه بإخراج النفط من البحر الميت حتى يوفر فرص عمل لأبناء محافظته. وذهب مرشح آخر إلى شعار أصبح موضع تندر، يقول «لنصوت على من يمثلنا وليس على من يمثل علينا». بينما أمعن مرشح آخر من محافظة الزرقاء في الطرافة بشعاره الرئيسي القائل «أنتم اليوم لي.. وأنا لكم باقي الأيام»، ومرشح آخر في الزرقاء أيضا رفع شعار «النيابة ليست وراثة.. أعطونا فرصة».

ويحاول مرشحون آخرون أن يسدوا بشعاراتهم الفراغ الذي خلفته مقاطعة الإسلاميين، فرفعوا شعار الحركة الإسلامية منذ 1989 «الإسلام هو الحل».

وكان لحق العودة للاجئين ودعم الشعب الفلسطيني والصراع العربي الإسرائيلي نصيب من شعارات الكثير من المرشحين، رغم طغيان القضايا والهموم المحلية على حملات أغلب المرشحين.

ويشار هنا إلى اكتفاء عدد من المرشحين بنشر صورهم على أعمدة الكهرباء وإشارات المرور في الشوارع والبيوت.. خالية إلا من اسم المرشح. ويقول رئيس قسم التربية وعلم النفس في كلية العلوم التربوية والآداب بعمان الدكتور عودة أبو سنينة «مع قرب إعلان هذا الاستحقاق والعرس الديمقراطي بدأ المرشحون في تعريف المواطنين على أنفسهم وشهاداتهم ومؤهلاتهم وأعمالهم حتى يتم إقناع جمهور الناخبين، ولهذا نرى الشعارات والصور المرفوعة على أعمدة الهواتف والكهرباء والجسور والميادين العامة». وأضاف «لو دققنا النظر في الشعارات المطروحة لوجدنها في بعض الدوائر الانتخابية تحمل مضامين بعيدة عن الخدماتية وهموم المواطن العادي، وهي تركز على الثوابت الوطنية والدستورية مثل (نعم الوطن للجميع)، والعدل والمساواة والديمقراطية، وهذه الشعارات جاءت من بنود الدستور وحقوق وواجبات المواطن، وهناك بعض الشعارات التي تركز على الشباب والأردن للجميع، والبعض الآخر عن الوحدة الوطنية».

وأشار إلى أن كل هذه الشعارات جاءت منسجمة مع بنود الدستور والثوابت الوطنية، وهناك من يركز على التغيير وعبر عنه بشعار «إرادتك أول التغيير»، وهناك «من دون شعارات»، وهذا يعني أن المرشح لا يريد أي شعارات يطرحها على المواطنين ويعني الالتزام بالعمل.

وبدوره، يرى أستاذ علم الاجتماع المشارك في جامعة البلقاء التطبيقية الدكتور حسين الخزاعي أن الدعاية الانتخابية هي حق مشروع من أجل التعريف بالمرشح وسيرته الذاتية وما يدعمه في الترشيح من خبرات ومؤهلات علمية وبرنامج انتخابي يستطيع أن يتبناه ويحققه للمجتمع والوطن وينطلق من هموم واحتياجات ومشكلات المواطن الاجتماعية والاقتصادية والخدماتية.

وأضاف أنه من خلال قراءة سريعة لمضمون الدعايات الانتخابية نجد أن معظمها يتمحور حول البعد الوطني والتركيز على قضايا الخدمات كالفقر والبطالة والحريات العامة، وتطبيق العدالة والمساواة بين كل أفراد المجتمع في التعيين والتعليم والتعليم العالي، والأمانة في إيصال الكلمة للمسؤولين وخدمة الوطن.

ورغم ما تثيره شعارات المرشحين والمرشحات من تعليقات، وأحيانا تندرات بين المواطنين الأردنيين، فإنها في النهاية شعارات فرضت نفسها على نقاشات وحوارات المواطنين، بين مؤيد أو معارض أو مشكك أو غير مبال.