تركيا تدخل على خط المفاوضات العراقية وأوغلو يزور أربيل وبغداد لـ«المشورة»

وزير الخارجية التركي لـ «الشرق الأوسط»: لا أهداف محددة سوى إبلاغ دعمنا لمبادرة بارزاني

رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني لدى استقباله وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو في أربيل أمس (أ.ف.ب)
TT

في زيارة سريعة ومفاجئة وصل أربيل صباح أمس وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو واجتمع فور وصوله برئيس الإقليم مسعود بارزاني للتباحث معه حول آخر المستجدات على الساحة السياسية العراقية وأزمة تشكيل الحكومة المقبلة والاجتماع المرتقب لقادة الكتل العراقية في أربيل. وجاءت الزيارة قبل يوم واحد من عقد الطاولة المستديرة المقرر اليوم في أربيل لحسم الأزمة والاتفاق على تقسيم المناصب الرئاسية بين الكتل.

وقبيل توجهه إلى قاعة الاجتماع مع بارزاني أدلى الوزير التركي بتصريح خص به «الشرق الأوسط» حول الهدف من زيارته المفاجئة، خصوصا أن بعض وسائل الإعلام قد تحدثت عن وجود ضغط إقليمي على الكرد للتخلي عن مطالبتهم برئاسة الجمهورية مقابل تسليمهم منصبي رئاسة البرلمان ورئاسة المجلس السياسي لاستراتيجيات الأمن الوطني، لكن أوغلو شدد في تصريحه الخاص على أنه «ليست هناك أي أهداف محددة للزيارة في ما عدا إبلاغ دعم الحكومة التركية للرئيس بارزاني في مبادرته بشأن الخروج من أزمة تشكيل الحكومة العراقية المقبلة، إلى جانب بحث تعزيز العلاقات التركية مع الإقليم».

وأضاف أوغلو: «العراق بلد جار لتركيا وتهمّنا مصلحته وأمنه واستقراره، وعليه فإن تركيا تريد أن تقوم بدور فاعل في المساعدة على تجاوز الأزمة الحكومية الراهنة، ومن هذا المنطلق فإننا نؤكد دعمنا الكامل لمبادرة الرئيس بارزاني وجهوده المتواصلة لتقريب وجهات نظر الأطراف المعنية بالأزمة ومحاولة جمعهم على طاولة مستديرة تخرج العراق من أزمته، ولن تألو تركيا جهدا في سبيل الإسراع بتشكيل الحكومة القادمة، التي نؤيد دعوة الرئيس بارزاني بضرورة أن تكون حكومة شراكة وطنية تمثل جميع المكونات العراقية».وأشار أوغلو أيضا إلى أن «تركيا تعتبر دعم العراق من الناحية السياسية واجبا عليها وستفي بذلك، وسنحاول في هذا الإطار أن نقوم بدورنا في زيارتنا إلى بغداد واجتماعنا بالقادة العراقيين».

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن أوغلو في أربيل أن زيارته «تأتي لمناقشة وتقديم استشارة لأربيل وبغداد في مسألة تشكيل الحكومة»، وأضاف الوزير التركي: «نتمنى أن تشكل حكومة عراقية قريبا لأنها ضرورية، ونحن دورنا استشارة وتقديم المساعدة في تشكيلها».

وكان بارزاني أطلق منتصف سبتمبر (أيلول) مبادرة للخروج من أزمة تشكيل الحكومة تركز على «التوافق الوطني وتوضيح مبدأ الشراكة وتقسيم المناصب وتقليل صلاحيات رئيس الوزراء، حتى يمكن أن نصل إلى حكومة تستطيع أن تحل مشكلات البلد».

وأضاف أوغلو: «لدينا اهتمام بمبادرة مسعود بارزاني، سنناقش ونعطي الاستشارة في مسألة الحكومة من خلال هذه المبادرة». وأرجأ رئيس السن في البرلمان فؤاد معصوم، عضو التحالف الكردستاني، جلسة مقررة للبرلمان الاثنين المقبل إلى الخميس بغية إفساح المجال أمام مبادرة بارزاني على ما يبدو.

وغادر وزير الخارجية التركي أربيل بعد لقائه بارزاني عن طريق مطار أربيل الدولي متوجها إلى بغداد. وفي بغداد التقى أوغلو برئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته نوري المالكي، وشدد خلال اللقاء على دعم تركيا للعراق والوقوف إلى جانبه في كل ما يحافظ على الأمن والاستقرار وتحقيق الازدهار فيه، وقال إن «العراق بلد مستقر، وهذا ما يهم تركيا، والعراقيون هم من يقررون تشكيل حكومتهم، ولا أحد يتدخل في ذلك».

وكانت مصادر مطلعة قد تحدثت عن ضغط تركي في إطار تحرك إقليمي لاحتواء أزمة تشكيل الحكومة العراقية، وذلك بدفع القيادة الكردية للتنازل عن منصب رئاسة الجمهورية مقابل رئاستي البرلمان العراقي والمجلس السياسي. وتحول منصب رئاسة الجمهورية مؤخرا إلى «العقدة» أمام تشكيل الحكومة العراقية، بعد أن أصبح منصب رئاسة الوزراء شبه محسوم لرئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي، وتوجه القائمة العراقية للحصول على رئاسة الجمهورية بصلاحيات. لكن الأكراد يتمسكون بالمنصب باعتباره «حقا قوميا». كما أشارت مصادر إلى أن واشنطن حاولت ثني الأكراد أيضا عن المطالبة بالمنصب وإقناعهم بالتنازل عنه من أجل إنهاء أزمة الحكومة المعلقة منذ نحو 8 أشهر. وقال محمود عثمان القيادي في التحالف الكردستاني إن أوغلو حث على تفعيل مبادرة بارزاني، لذلك جاءت زيارته إلى أربيل ومن ثم بغداد، ملمحا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى احتمالية أن يكون أوغلو قد طرح على الجانب الكردي مسألة التنازل عن رئاسة الجمهورية للقائمة العراقية «وفقا لما يعرفه الجميع من علاقات طيبة تربط التحالف الكردستاني بالقائمة العراقية».

لكن القيادي في كتلة الائتلاف الكردستاني نجيب عبد الله الذي شارك في اجتماع أمس مع بارزاني أكد لـ«الشرق الأوسط» أن لا صحة لضغوط إقليمية أو تركية على الأكراد للتنازل عن رئاسة الجمهورية، وأضاف أن «الرئيس بارزاني لم يبلغنا بوجود أي ضغوطات بهذا الشأن، بل على العكس من ذلك، جددنا ككتلة كردستانية موقفنا الثابت من منصب الرئاسة لصالح الكرد كما ورد في ورقة التفاوض الكردية».

وأضاف عبد الله: «في اجتماع أمس وضعنا جميع التفاصيل حول المفاوضات الطويلة التي أجريناها مع الكتل العراقية مع تحديد مواقف كل كتلة على حدة، ثم بحثنا في النقاط الخلافية المتبقية والعالقة بين الكتل التفاوضية وأعددنا جدولا بها، وسنقدمها لقادة الكتل السياسية في اجتماعهم اليوم».

وأكد القيادي الكردي أن «هؤلاء القادة سيصلون اليوم إلى كردستان لوضع الحلول لتلك النقاط الخلافية تمهيدا لحضور الجلسة البرلمانية المرتقبة يوم الخميس المقبل».