الولايات المتحدة تستخدم طائرات من دون طيار لتعقب «القاعدة» في اليمن

مسؤول يمني ينفي ويقول لـ «الشرق الأوسط» أن هذه المعلومات تقوي العناصر الإرهابية

TT

قال مسؤولون أميركيون بارزون إن الولايات المتحدة عبأت طائرة «بريداتور» من دون طيار، بهدف تعقب عناصر تنظيم «القاعدة»، داخل اليمن للمرة الأولى خلال أعوام، ولكنها لم تقم بإطلاق أي صواريخ من هذه الطائرات، لأنه يعوزها توافر معلومات استخباراتية جازمة بشأن أماكن اختباء المتمردين.

نفى مسؤول يمني صحة الأنباء التي تحدثت عن نشر طائرات أميركية من دون طيار في اليمن وتحليقها على بعض المناطق اليمنية التي يعتقد أن عناصر من تنظيم القاعدة موجودون بها، وقال طارق الشامي، رئيس دائرة الفكر والإعلام في حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم في اليمن: «إن ما نشر عبارة عن تسريبات صحافية».

وقال الشامي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، تعليقا على هذه الأنباء: إن التعاون بين اليمن والولايات المتحدة الأميركية عبارة عن «تنسيق فيما يتعلق بتبادل المعلومات، وكذلك تدريب وتأهيل قوات الأمن المتخصصة في محاربة الإرهاب»، وأضاف أن بلاده لديها «موقف معلن بعدم السماح لأي تدخل أجنبي في الشؤون الداخلية، سواء كانت تحت مسمى مكافحة الإرهاب أو غيره»، معتبرا أي تدخل أجنبي في شؤون اليمن الداخلية، من شأنه أن «يعمق المشكلة ويفاقمها وأن يجعل العناصر الإرهابية في مركز أقوى، وبالتالي يخلق حالة من التعاطف مع تلك العناصر التي تصرح بأنها تحارب الاحتلال والتدخل الأجنبي».

وفي نفس الوقت، قال روبرت غيتس، وزير الدفاع الأميركي، أمس، إن الجيش الأميركي قد يعزز تدريب القوات الأمنية اليمنية كوسيلة لوضع مزيد من الضغوط على «القاعدة»، بعد مؤامرة الطرود الناسفة الفاشلة في الشهر الماضي.

وقال غيتس: «أعتقد أنه فيما يتعلق بالتدريب ونحو ذلك، فهناك أمور أكثر بوسعنا أن نفعلها لمساعدة اليمنيين وتقوية قدراتهم، وأعتقد أنه من العدل أن نقول إننا نبحث معهم مجموعة مختلفة من الاحتمالات بناء على هذه الخطوط». وعندما طلب منه الاستفاضة لم يقل غيتس سوى: «أعتقد أن التركيز الأساسي سيكون على التدريب».

ويقول محللون إن الحكومة المركزية اليمنية الضعيفة تواجه مشكلات اقتصادية هائلة ومشاعر قوية مناهضة للأميركيين، تعقد شراكتها مع واشنطن.

ويحذرون من أن أي وجود عسكري أميركي كبير يمكن أن تكون له نتائج عكسية، ويغذي اللهجة الخطابية التي يستخدمها «القاعدة» في التجنيد. وعززت الولايات المتحدة، بالفعل، المساعدة المقدمة لليمن لمكافحة الإرهاب من 4.6 مليون دولار فقط في عام 2006، إلى 155 مليون دولار في السنة المالية 2010، في انعكاس للتهديد المتزايد المتوقع من تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، الذي وصف بأنه أنشط فرع لـ«القاعدة» خارج قاعدتها التقليدية في أفغانستان وباكستان، حسب تقرير لـ«رويترز».

ويأتي استخدام الطائرات من دون طيار في إطار حملة ضد فرع تنظيم «القاعدة» الذي زعم المسؤولية عن هجمات أحبطت قبل إتمامها استهدفت ضرب أهداف أميركية كان يمكن أن تخلف آثارا كارثية، ومن بينها المؤامرة الأخيرة لوضع طرود مفخخة على طائرات شحن.

وأفاد مسؤولون أميركيون بأن طائرات «بريداتور» تجوب سماء اليمن منذ عدة أشهر بحثا عن قيادات وعناصر تابعة لتنظيم «القاعدة» في شبه الجزيرة العربية، وأشار مسؤول بارز في إدارة الرئيس باراك أوباما إلى أن قيادات من تنظيم «القاعدة» في شبه الجزيرة العربية «اختبئوا تحت الأرض»، بعدما تمكنوا من الصمود أمام الكثير من الهجمات، تضمنت قوات يمنية، وصواريخ «كروز» أميركية، مطلع العام الحالي.

ويظهر استخدام طائرات أميركية من دون طيار اعتماد الولايات المتحدة على هذا السلاح في محاربة تنظيم «القاعدة» وتنظيمات إرهابية أخرى.

وتظهر عملية تعبئة هذه الطائرات محاولة من جانب الإدارة الأميركية لتنشيط حملة مضت من دون ضربة أميركية واضحة على مدى قرابة ستة أشهر، وأثنى مسؤولون على التعاون اليمني، وقالوا إنهم حصلوا على حرية كبيرة، وردا على سؤال بشأن ما إذا كانت الطائرات من دون طيار ستكون حرة في إطلاق صواريخها، وقال مسؤول ثان في الإدارة: «الشيء الوحيد الذي يقع ضمن قائمة المحظورات حاليا هو نزول قوات على الأرض».

وتحدث المسؤولون وآخرون، شريطة عدم ذكر أسمائهم؛ إذ إنهم يناقشون عمليات استخباراتية وعسكرية حساسة. ويقول مسؤولون يمنيون إن الولايات المتحدة لم تضغط حتى الآن لإطلاق صواريخ باستخدام الطائرات «بريداتور»، وأشاروا إلى أنه كانت لديهم تحفظات كبيرة بشأن سلاح قالوا إنه قد تكون له نتيجة عكسية، وقال مسؤول يمني بارز: «لماذا نكسب أعداء في الوقت الحالي؟ الأميركيون غير مرفوضين في اليمن، والغرب مرحب به. لماذا نضيع ذلك كله من أجل ضربة أو ضربتين في وقت لا تعرف فيه من توجه إليه الضربات؟».

وبدلا من ذلك، طلب اليمن من الإدارة الأميركية أن تسرع من وتيرة شحن مروحيات ومعدات أخرى تعهدت بها الإدارة كي تستخدم، مع الاعتراف بالرد السلبي الذي يمكن أن تتسبب فيه حملة أميركية أكثر وضوحا. وقال مسؤول دفاع أميركي إنه أعدت خطط تهدف إلى مضاعفة المساعدات العسكرية تقريبا لتصل إلى 250 مليون دولار عام 2011.

وقال مسؤولون بارزون في الإدارة إن التعاون مع الرئيس اليمني، علي عبد الله صالح، كُثف في أعقاب مؤامرة الطرود المفخخة، وإن وقف رحلات الشحن والرحلات التجارية المقبلة من اليمن في أعقاب ذلك نبه الحكومة إلى تكلفة وجود تنظيم «القاعدة» داخل الدولة، وقال مسؤولون إن الرئيس اليمني ضُغط عليه الأسبوع الماضي من أجل توسيع جهود اليمن الذاتية وإعطاء مساحة أكبر للولايات المتحدة. وقال المسؤول البارز في إدارة أوباما: «بناء على المكان الذي نحن فيه حاليا ومقدراتنا ومنصاتنا وسلطاتنا وتصاريحنا، ربما تبدو العملية الأميركية - اليمنية القائمة على تعقب تنظيم القاعدة مختلفة تماما بعد 12 أو 18 شهرا».

وتحدث مسؤولون أميركيون عن توسع كبير في الاستخبارات، ويجري توفير أصول مهمة، ومن بينها وصول فرق إضافية تابعة لوكالة الاستخبارات المركزية، وما يصل إلى 100 مدرب من العمليات الخاصة، وتعبئة وسائل استطلاع متطورة ونظم تنصت إلكترونية تديرها أجهزة استخبارات، ومن بينها وكالة الأمن القومي.

وقال مسؤولون إن عناصر بارزة في تنظيم القاعدة، ومن بينهم رجل الدين الأميركي المولد، أنور العولقي، يستفيدون من التضاريس الوعرة داخل اليمن، وعلاقاتهم بشبكة قبلية، ويمكنهم ذلك من الاختفاء عن الأعين.

ويقول المسؤول البارز في الإدارة الأميركية إن «الحكومة اليمنية لديها أفضل قدر من المعرفة» فيما يتعلق بأنشطة التنظيم، «ولكن معرفتهم محدودة أيضا».

ورفض مسؤولون أميركيون ذكر تفاصيل عن الطائرات التي تعمل من دون طيار، التي جرى تعبئتها في اليمن، غير أنهم قالوا إنها تعمل من خلال قيادة العمليات الخاصة المشتركة الأميركية، المسؤولة عن تعقب الإرهابيين المشتبه فيهم بمختلف أنحاء العالم. وفي المقابل فإن الطائرات المماثلة التي تستخدم داخل باكستان تديرها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية.وتطير الطائرات «بريداتور» داخل اليمن من قاعدة خارج الدولة، رفض مسؤولون أميركيون ذكرها. وتضم الخيارات الأقرب المنشآت العسكرية الأميركية داخل جيبوتي وقطر. وتوضح قلة المعلومات الاستخباراتية في اليمن سبب اتجاه عمليات مكافحة الإرهاب الأميركية داخل معقلين رئيسيين لتنظيم «القاعدة»، باكستان واليمن، في اتجاه غير الذي أريد منها.

وقد زادت وتيرة الهجمات باستخدام طائرات من دون طيار في الحزام القبلي داخل باكستان بصورة حادة خلال الأشهر الكثيرة الماضية، وهي زيادة تتناسب مع الحرب الأميركية المكثفة ضد حركة طالبان في أفغانستان. وقد شنت طائرات من دون طيار تديرها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية 38 هجوما داخل باكستان خلال سبتمبر (أيلول)، وأكتوبر (تشرين الأول)، إلى جانب أربعة حتى الآن من الشهر الحالي.