الانتخابات المصرية: أكثر من 6 آلاف مرشح يتنافسون على 508 مقاعد

الحزب الوطني الحاكم ينافس نفسه في بعض الدوائر

TT

شهد اليوم الأخير لتلقي طلبات الترشح للانتخابات البرلمانية المصرية، التي ستجرى في 28 من نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، إقبالا شديدا من ممثلي مختلف الأحزاب، وفي مقدمتها الحزب الوطني (الحاكم)، وذلك قبيل إغلاق باب قبول الطلبات من راغبي الترشح. وفتحت مديريات الأمن أبوابها لاستقبال الأوراق حتى الخامسة عصر أمس، خلافا لبقية الأيام التي كان الموعد الأخير لتلقي الطلبات فيها حتى الساعة الواحدة والنصف ظهرا.

وشهدت بعض الدوائر، كما حدث بمحافظة الإسماعيلية ومعظم محافظات الصعيد، تقديم الحزب الوطني لأوراق أكثر من مرشح على المقعد نفسه، فيما وصفته قيادات بالحزب بأنه لإتاحة الفرصة أمام الناخبين للتعبير عن إرادتهم الحرة، وعلق آخرون أنه محاولة لتفتيت أصوات المستقلين، خاصة مرشحي الإخوان المسلمين، بينما رآه المرشحون تخبطا حزبيا ونوعا من أنواع «اللعب بالنار»، بحسب تعبيرهم.

إلى ذلك، قام الحزب الوطني، وللمرة الأولى في تاريخه، بالدفع بأكثر من مرشح على لوائحه للمقاعد نفسها. حيث شهدت مدينة الإسماعيلية إعلان الحزب لأربعة مرشحين على مقاعد الفئات بالدائرة الثانية، وتكرر الأمر في الدائرة الثالثة.

وقالت مصادر داخل الحزب الوطني بالإسماعيلية إنه تم ترشيح أكثر من مرشح في الدوائر التي تنشط فيها جماعة الإخوان المسلمين ولهم بها أغلبية ساحقة، لضمان تفتيت الأصوات لمواجهة المستقلين وجماعة الإخوان.

فيما برر صفوت الشريف، الأمين العام للحزب الحاكم، ذلك بقوله في تصريحات صحافية «بأن الحزب تقدم بمرشحيه لانتخابات مجلس الشعب في كافة دوائر الجمهورية، وأنه قام بترشيح مزدوج في عدد من الدوائر، وذلك تعبيرا عن نتائج استطلاعات الرأي العام والمجمعات الانتخابية والانتخابات الداخلية، ولإتاحة الفرصة للناخبين للتعبير عن إرادتهم في اختيار النائب الذي يمثلهم».

وعلى الرغم من الهدوء النسبي الذي اتسمت به الأيام الخمسة المخصصة لقبول أوراق الترشيح، عدا بعض الدعاوى القضائية التي أقامها مرشحون غالبيتهم ينتمون لجماعة الإخوان المحظور نشاطها رسميا في البلاد (والذين تقدموا كمرشحين مستقلين) لقيدهم بالجداول الانتخابية وتمكينهم من التقدم للترشيح.

غير أن تقديم الحزب الحاكم لأوراق مرشحيه للمنافسة على 508 مقاعد من بينها 64 مقعدا مخصصة للمرأة، قبل الموعد المحدد لغلق الأبواب بدقائق قليلة، بدا كأنه مناورة لمنع تقدم عدد من أعضائه كمستقلين في حال عدم اختيارهم على قوائم الحزب، ومنافسة أقرانهم الذين أقرهم الحزب في قوائمه التي اعتمدها الرئيس المصري حسني مبارك.

واعتمد الحزب الحاكم في سرية تامة أسماء مرشحيه عن كل الدوائر وأحاطها بالكتمان الشديد ضمانا لما سماه «الالتزام الحزبي»، فيما توعدت قياداته أي عضو يخرج عن هذا الالتزام ويتقدم للترشيح منافسا لمرشحي الحزب الذين تم اختيارهم عبر تجربة «المجمع الانتخابي»، فضلا عن إجبار المتقدمين للترشيح عبر الحزب بتسليم بطاقات الرقم القومي (الهوية) للحزب ضمانا لعدم خروجهم عن الالتزام الحزبي المقرر، حيث تعتبر سندا أساسيا ضمن أوراق الترشح.

غير أن هذه الإجراءات المشددة لم تمنع عددا من المرشحين عن الحزب الحاكم من تجهيز أوراق مماثلة وبديلة، واستصدار بطاقات جديدة للهوية وحجز أماكن لهم داخل لجان فحص الطلبات في اليوم الأخير للتقدم للترشيح، فور علمهم بعدم اختيار الحزب لهم وتزكيته لمرشح آخر، علاوة على قيام بعض المرشحين الآخرين عن الحزب بتقديم أوراق ترشحهم بالفعل كمرشحين مستقلين في سرية تامة، مشيرين إلى أنه إذا تبين اختيار الحزب لهم كمرشحين عنه فسيقومون خلال الفترة القانونية بسحب أوراقهم كمستقلين.

من ناحية أخرى، توقع مصدر بالإدارة العامة للانتخابات بوزارة الداخلية في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن تتجاوز أعداد المرشحين 6 آلاف مرشح في ضوء الأحكام القضائية النافذة التي حصل عليها عدد كبير منهم على مستوى الجمهورية من محاكم القضاء الإداري، وتفيد بقيدهم في الجداول الانتخابية، إلى جانب تقدم مرشحي الحزب الحاكم دفعة واحدة.

إلى ذلك قال مصدر باللجنة العليا المشرفة على إجراء الانتخابات لـ«الشرق الأوسط» إن اللجنة تتابع عن كثب مجريات العملية الانتخابية، وإنها تقف على مسافة واحدة من جميع المرشحين بمنأى كامل عن توجهاتهم السياسية والحزبية وإنها أصدرت تعليمات مشددة باستيعاب وقبول طلبات راغبي الترشيح المتواجدين داخل المديريات الأمنية بشتى المحافظات حتى لما بعد المواعيد الرسمية المقررة لإغلاق باب الترشيح.

وتضمنت كشوف المرشحين لخوض غمار تلك الانتخابات ممثلين عن أغلب الأحزاب السياسية المصرية وفي مقدمتها أحزاب الوفد والتجمع والناصري والغد والأحرار والتكافل والدستوري الحر والخضر وغيرها، فيما تغيب عن خوض الانتخابات حزب الجبهة الديمقراطي، فيما تضمنت قوائم الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم عددا كبيرا من رموزه التقليديين أعضاء البرلمان الحالي، في مقدمتهم مفيد شهاب وزير الدولة للشؤون القانونية، وعبد السلام المحجوب وزير التنمية المحلية، وكمال الشاذلي رئيس المجالس القومية المتخصصة، ومحمد عبد اللاه أمين لجنة العلاقات الخارجية بالحزب الحاكم، إلى جانب عدد من الوزراء الحاليين. لكن تبقى المعركة الأشرس في المنافسة بين الحزب الحاكم الذي استحوذ على الغالبية العظمى من المقاعد على مدى العقود الماضية، ومنافسه الأقوى وسط صفوف المعارضة الممثل في جماعة الإخوان المسلمين، التي استحوذت على 88 مقعدا في الانتخابات السابقة.

على صعيد آخر، ناشدت اللجنة العليا للانتخابات كافة وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة الالتزام بالحيدة والموضوعية خلال تغطيتها لمراحل عمليات انتخابات مجلس الشعب التي ستجري في 28 من نوفمبر الجاري بما يعكس أفضل القيم المهنية التي يتصف بها الإعلام المصري ويهيئ المناخ الملائم الذي يمارس فيه المواطن دوره في إطار من سيادة القانون.