إسرائيل تقرر الانسحاب «من طرف واحد» من قرية الغجر بعد اتهام حزب الله بإجهاض اتفاق عليه مع الحكومة

أهالي القرية: المشروع يكرس تمزيق القرية وعائلاتها

TT

أعلن وزير الخارجية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، أمس، أن بلاده قررت الانسحاب من قرية الغجر المحتلة بشكل أحادي الجانب، وادعى أن حكومته عرضت على حكومة لبنان التفاوض حول هذا الانسحاب، ولكن حزب الله الذي يعتبر جزءا من هذه الحكومة، أجهض فكرة الاتفاق على إعادة الأراضي للبنان.

وأضاف ليبرمان، الذي كان يتحدث لدى استقباله وزير خارجية ألمانيا، أن المجلس الوزاري الأمني المصغر سيبحث خطة الانسحاب من الغجر في جلسة قريبة له، في حالة موافقة الأمم المتحدة عليها. وذكر أن مدير عام وزارته، يوسي غال، أعد هذه الخطة بالتنسيق التام مع قوات «اليونيفيل» التابعة للأمم المتحدة والمرابطة في الجنوب اللبناني وتراقب تطبيق قرار مجلس الأمن 1701.

وكانت مصادر سياسية مقربة، كشفت أن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، سيجتمع اليوم مع الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، ليعرض عليه خطة الانسحاب هذه. وأضافت أن هذا التطور جاء في أعقاب موافقة «اليونيفيل» على تولي مهمة الأمن، بعد الانسحاب الإسرائيلي، أيضا، في هذه المنطقة.

وحسب مصادر مطلعة، فإن المخطط الجديد يقضي بالالتزام بترسيم الحدود بين إسرائيل ولبنان (الخط الأزرق)، كما حدده مراقبو الأمم المتحدة قبل سنوات. وهذا يعني أن الغجر ستقسم إلى نصفين، أحدهما لبناني والثاني يبقى تحت السيطرة الإسرائيلية. ولكن البوابات ستبقى مفتوحة بينهما وستواصل إسرائيل تزويد القرية بالخدمات الأولية، مثل الصحة والماء والكهرباء والخدمات البلدية كافة. لكن أهالي الغجر رفضوا هذا المشروع. وقال نجيب خطيب، الناطق بلسان المجلس المحلي في القرية، إن هذا المخطط مبني على المفاهيم الإسرائيلية التقليدية التي لا تعترف بسكان الغجر وحقوقهم، واتهم الحكومة الإسرائيلية بـ«نهب» 10 آلاف دونم أرض للقرية. وقال: «نحن سوريون وقريتنا سورية وينبغي أن تحل قضيتنا عندما تحل قضية الاحتلال الإسرائيلي لهضبة الجولان السورية».

ومن المعروف أن الغجر قرية صغيرة تقع على خط الحدود بين سورية ولبنان، ولكن هذه الحدود لم ترسم بشكل رسمي مثل بقية الحدود مع سورية. وفي سنة 1967 بدت هذه البلدة ضائعة. فبعد الحرب بقيت شهرين، بلا اهتمام من أي طرف. فالسوريون اعترفوا باحتلالها وامتنعوا عن دخولها. واللبنانيون يعتبرونها قرية سورية لذلك لم يتدخلوا. وإسرائيل لم تعرف أنها احتلتها، فلم تدخلها. وعندما بدأت تعاني من نقص في الغذاء، خرج أهلها يفتشون عمن احتلها. وهكذا دخلها الاحتلال الإسرائيلي. وفي سنة 1981 ضمتها إسرائيل رسميا إلى حدودها كقرية ومنحت سكانها بطاقة الهوية الإسرائيلية.

عدد سكانها 2200 نسمة وخلال فترة الاحتلال بدأت تتوسع نحو الأراضي اللبنانية، نتيجة احتياجات التكاثر الطبيعي. وعندما تم ترسيم الخط الأزرق وجدوا أنفسهم على طرفي الحدود، حيث إن القسم الشرقي منها بات في تخوم لبنان. وأصبح تطبيق القرار 1701 يعني تمزق القرية وعائلاتها، بحيث أصبح الأب يسكن في الطرف المحتل والولد يسكن في لبنان. ومنذ ذلك الحين وهم يناضلون ضد هذا التمزق ويطالبون بالإبقاء على القرية موحدة تحت الحكم السوري أو اللبناني أو بشكل مؤقت تحت الاحتلال الإسرائيلي، قائلين مصيرنا كمصير الجولان كله. والحل الذي تقترحه إسرائيل حاليا، يقضي بتكريس هذا الفصل من جهة والإبقاء على التواصل من جهة ثانية، ولكن نجيب خطيب يقول: «نحن لا نثق بأن إسرائيل ستبقي الأبواب مفتوحة وواثقون من أنها لن تسمح لنا باستخدام أراضينا».

من جهته، فتح الجيش الإسرائيلي أبواب القرية أمام الصحافيين لأول مرة منذ ترسيم الحدود، في محاولة للبرهنة على أن إسرائيل جادة في خطة الانسحاب منها. ويتوقع المراقبون أن يستطيع نتنياهو تمرير المشروع في حكومته، ولكن مع معارضة واسعة من رفاقه في اليمين المتطرف، الذين يريدون الاحتفاء باحتلالهم للقرية وأراضيها الخصبة. وفي بيروت، رحب النائب اللبناني في كتلة الوفاء للمقاومة (حزب الله) علي عمار بالإعلان الإسرائيلي، وأعرب عن أمله في أن يشمل الانسحاب أيضا مناطق أخرى محل نزاع على طول الحدود اللبنانية - الإسرائيلية. وقال لوكالة الصحافة الفرنسية: «مطلوب من العدو الإسرائيلي أن ينسحب ليس من شمال الغجر فقط إنما هناك أراض محتلة أخرى! هناك مزارع شبعا وتلال كفرشوبا». وأضاف: «وأيضا عليه أن يوقف عملياته العدوانية المستمرة يوميا سواء عبر الطلعات الجوية أو الخروقات البحرية والبرية أو عدوانه من خلال شبكات التجسس التي يزرعها محاولا زرع الفتن داخل لبنان وتعريض الأمن الوطني اللبناني للخطر».

وأكد النائب علي عمار أن «أي انسحاب يكون بفعل صمود الجيش والشعب والمقاومة. وهو نتيجة من نتائج هذا الصمود».