وفاة النائب والصحافي الكردي سامي شورش عن 60 عاما

قضى آخر شهور حياته لضمان انعقاد البرلمان

النائب الراحل سامي شورش («الشرق الأوسط»)
TT

غيب الموت صباح أمس الكاتب والصحافي والسياسي والبرلماني الكردي سامي شورش عضو كتلة التحالف الكردستاني والعضو البارز في الوفد التفاوضي الكردي، عن عمر يناهز 60 عاما.

وكان شورش قد أدخل إلى مستشفى القلب التخصصي المتقدم في أربيل قبل عشرة أيام إثر إصابته بجلطة قلبية فأدخل إلى غرفة العناية المركزة بالمستشفى لتلقي العلاج حيث أخضع لرقابة طبية فائقة وأجريت له عملية جراحية في القلب لكنه توفي يوم أمس متأثرا بمضاعفات المرض.

وتزامن رحيل النائب الكردي مع انعقاد جلسة مجلس النواب العراقي الذي خاض شورش مفاوضات عسيرة مع كتلته الكردستانية لضمان انعقادها بغية تجاوز أزمة تشكيل الحكومة العراقية.

ويعتبر سامي عبد الفتاح عبد الوهاب، الملقب بـ«شورش» والمولود في أربيل عام 1950 أحد الرواد الصحافيين في كردستان، حيث مارس العمل الصحافي منذ ستينات القرن الماضي عندما كان طالبا في جامعة بغداد التي حصل فيها عام 1973 على شهادته الجامعية، في حين حصل على شهادة الماجستير في جامعة لندن عن رسالته «تاريخ الأديان في الشرق الأوسط»، ومارس الكتابة الصحافية طوال سنوات وجوده في المنفى، وساهم في تأسيس إذاعة «العراق الحر» المعارضة التي كانت تبث برامجها من العاصمة التشيكية براغ عام 1998، وحصل على جائزة «ديفيد بروك» التي تمنح سنويا للصحافيين الأميركيين المتميزين.

التحق شورش في مقتبل عمره بالحزب الشيوعي العراقي جناح «القيادة المركزية»، قبل أن يلتحق عام 1974 بصفوف الثورة الكردية بعد استئناف القتال في جبال كردستان. وبعد انهيار الثورة عام 1974 إثر توقيع صدام حسين مع شاه إيران معاهدة الجزائر التي أنهت الثورة الكردية، اختار شورش البقاء خارج العراق وعدم العودة إلى سيطرة النظام العراقي، ومع اندلاع الثورة الكردية الجديدة عام 1975 انضم شورش إلى صفوف الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال طالباني.

وتعرض شورش في عام 1987 إلى محاولة اغتيال دبرتها المخابرات العراقية عن طريق إحدى عميلاتها وذلك بدس سم الثاليوم المميت في قدر من اللبن قدمتها العميلة إلى مجموعة من قيادات الثورة في منطقة جبلية على سبيل الهدية، وكان بينهم رئيس البرلمان الكردستاني السابق عدنان المفتي والسياسي الكردي المعروف محمود عثمان وغيرهم من قيادات الثورة، فنقل شورش إلى جانب عدد آخر من قيادات الثورة إلى إيران ومنها إلى بريطانيا للمعالجة من آثار التسميم.

وكتب شورش كثيرا من المقالات في الصحف العربية الدولية؛ منها «الشرق الأوسط» وعرف كمحلل سياسي في كثير من الأوساط الصحافية العربية، وألف كثيرا من الكتب القيمة باللغة العربية عن الثورة الكردية؛ من أبرزها كتابه «كردستان والأكراد - الحركة القومية والزعامة السياسية، إدريس بارزاني نموذجا» من مطبوعات دار «آراس» للطباعة والنشر.

وعين سامي شورش وزيرا للثقافة في حكومة الإقليم بين عامي 2004 - 2006، واختير رئيسا لقائمة التحالف الكردستاني في أربيل في انتخابات مجلس النواب العراقي التي أجريت في 7 مارس (آذار) الماضي وحصل على أكبر عدد من أصوات الناخبين في أربيل. وعند تشكيل كتلة الائتلاف الكردستاني لوفدها التفاوضي كان شورش أحد أبرز قيادات الوفد الذي خاض مفاوضات عسيرة مع الكتل السياسية العراقية.

وفي لقاء مع عدنان المفتي، الصديق المقرب لشورش، أكد لـ«الشرق الأوسط» أن سامي شورش «كان صديقا مقربا رافقني منذ سنوات طفولتنا ومراحل دراستنا الابتدائية والإعدادية والجامعية أيضا، إلى جانب كوننا رفقاء النضال في جبال كردستان، وعلى الرغم من اختلافنا في الرؤى والمواقف في كثير من محطات النضال السياسي والثوري، فإننا احتفظنا بمشاعر وأواصر الود والمحبة بيننا، فلم تستطع ظروف النضال والمنفى أن تفرقنا».

من جانبه، ألقى فاضل ميراني سكرتير المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يقوده رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني كلمة مؤثرة أثناء مراسم دفن شورش، أشار فيها إلى أن الفقيد «كان كتلة من الكفاءة السياسية والإدارية، لذلك استحق عن جدارة تعيينه وزيرا للثقافة بحكومة إقليم كردستان.. وكانت إمكاناته ومقدرته في إدارة فن المفاوضات قد أهلته ليكون أحد قيادات الوفد التفاوضي الكردستاني مع الكتل السياسية العراقية، ولكن للأسف لم يعش شورش ليجني ثمرة جهوده الطيبة خلال المفاوضات العسيرة التي خاضها».

وكان الرئيس العراقي جلال طالباني قد بعث ببرقية تعزية ومواساة إلى أسرة شورش قال فيها: «نعتبر رحيله المفاجئ خسارة كبيرة للنضال السياسي والبرلماني لشعبنا الكردستاني».