كلينتون عن شمال وجنوب السودان: إما زواج بسلام وإما طلاق حضاري

وزير إعلام الجنوب يدعو لطلاق سلمي.. والخرطوم تتوقع خططا تخريبية.. ومجلس الأمن يخصص جلسة

وزير الدفاع السوداني عبد الرحيم حسين (يمين) والوزير الجنوبي نيال دينغ نيال في مؤتمر صحافي مشترك بالخرطوم أمس (رويترز)
TT

شددت الولايات المتحدة على أهمية إجراء الاستفتاء حول تقرير مصير جنوب السودان، بغض النظر عن نتيجته، وقالت إن العامل الأهم هو أن يكون إجراء الاستفتاء وتطبيق نتيجته سلميا.

واعتبرت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أن «أفضل وصف هو إما أنهما سيبقيان متزوجين ويتعايشان بطريقة أفضل، وإما يتم طلاق بينهما ولكنه يجب أن يكون طلاقا سلميا ومدنيا». وأضافت: «في كل حال، يجب أن يكون هناك تفكير حذر حول كيفية تعايشهما لأن من الواضح أن الأرض لن تتفكك، سيبقون متصلين وسيكون عليهم حل كل القضايا العالقة بينهما».

وصرحت كلينتون بهذه التصريحات بعد لقائها وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط في العاصمة الأميركية، حيث بحثا الأوضاع في السودان، بالإضافة إلى بحث سبل استئناف مفاوضات السلام والتأكيد على تشكيل حكومة وحدة وطنية في العراق ودعم المحكمة الدولية في لبنان. ووصفت كلينتون علاقتها بأبو الغيط، التي التقته مع مدير الاستخبارات المصرية اللواء عمر سليمان، بأنها «علاقة عمل وثيقة ومنتجة».

وأوضح أبو الغيط أنه بحث مع كلينتون «أفكارا مصرية وأفكارا أميركية حول ضمان وصول السودان إلى مرحلة تسمح باستفتاء شفاف من دون عنف بالإضافة إلى عدم وقوع عنف بعد الإعلان عن نتائج الاستفتاء».

وبينما تلتزم واشنطن بموعد 9 يناير (كانون الثاني) لإجراء الاستفتاء في السودان ضمن تطبيق بنود اتفاق السلام الشامل في السودان، هناك ترقب بإمكانية تأجيل الاستفتاء في منطقة أبيي الغنية بالنفط وسط تساؤلات حول تقاسم السلطة والثروات بين الجنوب والشمال في حال تم الانفصال.

وقالت كلينتون: «وزير الخارجية (المصرية) وأنا اتفقنا على أهمية حل سلمي للسودان، حل سلمي بين الشمال والجنوب والحاجة إلى إحراز الأطراف تقدما في محادثاتهم حول القضايا العالقة، وخاصة التوصل إلى اتفاق للمضي قدما في منطقة أبيي». وأضافت: «نريد حل القضايا في أبيي، وربما يمكن حلها قبل الاستفتاء لأن بعد الاستفتاء عليهم تناول هذه القضايا بكل حال».

وشددت كلينتون على أن «الولايات المتحدة لم تغير موقفها من القضية الأساسية، وهي أن على الشمال والجنوب التوصل إلى اتفاق للمضي قدما، وعليهم أن يتوصلوا إلى اتفاق حول كيفية التقدم في المستقبل وحل كل القضايا العالقة.. وبغض النظر عن نتيجة الاستفتاء، فأمام الطرفين الكثير من العمل». وأكدت وزيرة الخارجية الأميركية أن واشنطن والقاهرة والاتحاد الأوروبي يعملون مع جهات عدة لتقريب وجهات النظر بين المسؤولين في شمال وجنوب السودان.

من جانبه، قال السيناتور جون كيري إن الحكومة السودانية تدرس عرضا جديدا من الرئيس الأميركي باراك أوباما وقد تفضل إيجاد تسوية عن طريق التفاوض للنزاع بشأن منطقة أبيي المنتجة للنفط. وأضاف كيري - وهو ديمقراطي يرأس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي - أن لديه تفاؤلا حذرا في أعقاب زيارة إلى المنطقة سعى خلالها إلى حفز محادثات حاسمة قبل استفتاءي يناير.

وقال كيري للصحافيين: «الأمور تسير ببطء، وبصراحة، بشكل أبطأ مما يود المرء، لكنني أعتقد أنه توجد احتمالات لتحقيق تقدم.. عدت بانطباع أنهم إذا كان يمكنهم تسوية هذا الأمر فإنهم سيفضلون أن يفعلوا ذلك وهم يدركون المخاطر». وعرض أوباما رفع السودان من القائمة الأميركية الرسمية للدول الراعية للإرهاب شريطة أن يتعاون مع الاستفتاءين المقرر إجراؤهما في يناير واللذين سيقرران هل يصبح جنوب السودان دولة مستقلة، وهل تنضم منطقة أبيي الغنية بالنفط إلى الشمال أو إلى الجنوب.

في سياق ذي صلة، دعا وزير الإعلام بحكومة الجنوب، برنابا مريال بنجامين، خلال منبر أسبوعي لمجلس وزراء الجنوب، إلى ما سماه طلاقا سلميا بين شمال السودان وجنوبه، لكنه شدد في الوقت ذاته على ضرورة قيام علاقات سلمية بين الطرفين في حال اختيار الجنوبيين للانفصال، واستبعد برنابا أن تكون دولة الجنوب فاشلة، وقال: «الدولة الفاشلة في الشمال».

في غضون ذلك توقع مساعد المدير العام للشرطة السودانية، الفريق العادل العاجب، نشاطا مخربا لعدد من المنظمات، خلال مرحلة استفتاء جنوب السودان لاستقطاب الشباب لخلق الكراهية والبلبلة بين الشمال والجنوب. وتكهن ببروز مخاطر ومهددات أمنية مما يتطلب تضافر الجهود مع الأجهزة الأمنية والعدلية بوضع خطط مغايرة لخطة الانتخابات وتأمين المواطنين من المخاطر المتوقعة. وأشارت الداخلية السودانية إلى «نشاط منظمات طوعية تنشط داخل البلاد، مما يشكل خطرا على أمن البلاد»، واتهم بشير المنظمات الطوعية التي تقدم المساعدات للاجئين بمعسكرات دارفور بنشر الكراهية والحقد ضد الحكومة.

إلى ذلك علمت «الشرق الأوسط» أن مجلس الأمن الدولي قرر عقد جلسة خاصة عن الأوضاع في السودان يوم الأربعاء المقبل، سيقدم خلالها الأمين العام للأمم المتحدة تقريره الخاص والسنوي، بينما يشارك في الجلسة وزراء خارجية عدد من الدول ويرأسها وزير الخارجية البريطاني، ويليام هيغ بحضور وزير الخارجية السوداني، علي كرتي، ووزير التعاون الدولي بحكومة الجنوب، دينق ألور، ووزير السلام في حكومة الجنوب، باقان أموم. وأشارت المصادر إلى أن تقرير مكتب الأمين العام للأمم المتحدة حول الوضع في السودان سيتطرق إلى التحضيرات للاستفتاء على حق تقرير المصير لجنوب السودان وملف أبيي والوضع في دارفور وقضايا ما بعد الاستفتاء على حق تقرير المصير المختلف حولها ما بين الشريكين.