العالم يترقب إطلاق «مانديلا بورما»

زعيمة المعارضة سو تشي تنهي عقوبتها اليوم وتساؤلات حول قدرتها على مواصلة التحدي

مناصرون لسان سو تشي يحملون صورها في رانغون أمس عشية الإفراج المرتقب عنها (أ.ب)
TT

باتت زعيمة المعارضة البورمية على وشك استعادة حريتها، لكن كثيرين يتساءلون كيف ستتمكن اونغ سان سو تشي المنقطعة عن العالم بشكل شبه تام منذ سبع سنوات من مواصلة معركتها السياسية ضد المجلس العسكري الحاكم في بلادها.

ويتوقع الإفراج عنها اليوم، وهو اليوم الأخير من حكم الإقامة الجبرية الصادر بحقها. ولا تزال سو تشي، التي شبهت أحيانا بنيلسون مانديلا، تجسد منذ أكثر من عشرين عاما من المعارضة للنظام العسكري في بورما.

وأمس، تم تعزيز الإجراءات الأمنية في رانغون، وتجمع نحو 600 من أنصارها أمام مقر حزبها «الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية»، بانتظار الإفراج عنها، وقد ارتدى بعضهم قمصانا قطنية بيضاء طبعت عليها صورتها. وكان شرطيون يصورون التجمع خارج المبنى الذي علقت عليه لافتة كتب عليها «حان الوقت لإطلاق سراح اونغ سان سو تشي».

غير أن أنصار «سيدة» رانغون عادوا مساء إلى منازلهم بدعوة من مسؤولي الرابطة الذين لم يتلقوا أي تأكيد لإطلاق سراحها.

وأعلن مسؤولون بورميون أنه «من المؤكد» أن يتم إطلاق سراح المعارضة الحائزة جائزة نوبل للسلام. وقد حض أربعة خبراء من الأمم المتحدة أمس النظام العسكري البورمي على إطلاق سراحها في المهل المحددة. وأوضحوا في بيان أنه «نظرا لظروف اعتقال اونغ سان سو تشي الذي تم بموجب الإجراءات القانونية الخاصة ببورما، فإن عقوبتها تنتهي السبت في 13 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي»، داعين السلطات إلى «رفع كل القيود على تنقلاتها ونشاطاتها».

ولدت سان سو تشي في 19 يونيو (حزيران) 1945، والتحقت بأفضل مدارس رانغون قبل أن تستكمل دراستها في الهند، حيث عينت والدتها سفيرة عام 1960 ثم في أكسفورد.

وخلال عملها كأستاذة مساعدة في معهد الدراسات الشرقية في لندن، تزوجت البريطاني مايكل أريس الأستاذ الجامعي المتخصص في شؤون التبت والبوذية، وقد أنجبت منه طفلين. وبعد عودتها إلى بورما في أبريل (نيسان) 1988 للاهتمام بوالدتها المريضة، ألقت أول كلمة علنية لها في أغسطس (آب) من ذلك العام، فكان لخطابها البسيط والصادق أثر كبير في نفوس البورميين.

وحصلت على دعم المعارضة والغرب اللذين أدركا مدى شعبيتها، وقد ضحت بعائلتها وحياتها الخاصة في سبيل القضية التي تناصرها. وفي 1999 حين كان زوجها ينازع في بريطانيا إثر إصابته بالسرطان، اختارت البقاء في بورما خشية ألا تتمكن من العودة إلى بلادها في حال خرجت منها. وقد فقدت التواصل مع بلادها منذ وضعها النظام العسكري في الإقامة الجبرية قبل سبع سنوات، ولم تبق على اتصال سوى مع قادة الرابطة القدامى، عبر محاميها.

ووضعت سو تشي، التي يكن لها زعيم المجلس العسكري الجنرال ثان شوي، حقدا شخصيا، في الإقامة الجبرية بشكل متواصل منذ 2003، وقد حرمت من حريتها على مدى نحو 15 سنة من السنوات الـ21 الأخيرة. وكانت سو تشي في مايو (أيار) 2009 على وشك إنهاء عقوبة سابقة بالإقامة الجبرية حين تمكن أميركي من الوصول إلى منزلها في رانغون بعدما قطع سباحة بحيرة بمحاذاته.

وفي أغسطس (آب)، حكم بتمديد إقامتها الجبرية 18 شهرا إضافية. وأكد مونغ زارني، المحلل في «كلية لندن للاقتصاد» أنه «لن تتحول إلى ناشطة إنسانية، بل ستتعاطى السياسة». لكن بأي طريقة ستتعاطى السياسة، ومع من؟ وهل ستواصل التعامل مع قادة الرابطة الوطنية للديمقراطية القدامى؟

يقول بافين شاشافالبونغبون من معهد الدراسات حول جنوب شرقي آسيا في سنغافورة «إن أرادت خوض معركة ضد الحكومة الجديدة، فسيترتب عليها أولا أن تحرص على تعزيز أحزاب المعارضة». كما توقع أن تعمد إلى تأسيس حزب جديد تستقطب إليه «سياسيين جددا وشبانا لضمان من يطبق رسالتها».

وكانت الرابطة الوطنية للديمقراطية فازت في انتخابات 1990 من دون أن تتمكن من تسلم السلطة، وقررت مقاطعة الانتخابات الأخيرة، الأحد الماضي، مما أدى إلى حلها. وخرج بعض الأعضاء المعارضين لسياسة المقاطعة من صفوف الرابطة، وأنشأوا القوة الديمقراطية الوطنية، لكنهم لم يحصلوا سوى على عدد ضئيل من المقاعد.

وقال اونغ ناينغ اوو المحلل في معهد فاهو للتنمية: «سيكون هناك أمل كبير، بأن تتولى مجددا قيادة المعركة من أجل الديمقراطية وضد المجلس العسكري»، لكنه توقع أن تكون بحاجة قبل ذلك إلى «بعض الوقت لاستيعاب كل ما جرى في الخارج أثناء احتجازها».

فقد تغير وجه البلاد خلال سبع سنوات، فانتشرت مقاهي الإنترنت والمباني الشاهقة في رانغون، وبات البورميون الشبان يتنزهون وهم يتكلمون على هواتفهم النقالة. وقد أبلغت الزعيمة المعارضة المحرومة من الهاتف والإنترنت منذ سبع سنوات، أنها ترغب في التواصل مع شبان العالم عبر موقع «تويتر» للمدونات القصيرة. غير أن ما يجمع عليه المحللون هو أن الشعب سيكون في استقبالها. وقال مونغ زارني إن «رانغون برمتها سترغب في رؤيتها. إنها مثل مانديلا، لطالما كان لها القدرة على تحريك الناس وحشدهم».