عريقات لـ «الشرق الأوسط» : نطالب بمعاملتنا أسوة بفرنسا تحت الاحتلال

قال إن الفلسطينيين يعدون طلبين لمجلس الأمن.. أحدهما للاعتراف بالدولة والثاني لإدانة الاستيطان

وزير الخارجية المغربي الطيب الفاسي المهري يرحب بصائب عريقات أمس («الشرق الاوسط»)
TT

تستعد السلطة الفلسطينية لتقديم طلبين لمجلس الأمن، الأول يتعلق بإدانة مواصلة الاستيطان من طرف إسرائيل وتحميلها مسؤولية توقف المفاوضات، والثاني يتعلق بطلب عضوية فلسطين كدولة تحت الاحتلال على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

وقال المفاوض الفلسطيني صائب عريقات لـ«الشرق الأوسط» إن السلطة بصدد وضع اللمسات الأخيرة على الطلب المتعلق بالاستيطان، حيث تهدف من ورائه إلى تحقيق ثلاثة أهداف، أولها إدانة الحكومة الإسرائيلية وتحميلها المسؤولية الكاملة عن انهيار المفاوضات التي كانت قد انطلقت في سبتمبر (أيلول) الماضي تحت الرعاية الأميركية، لكونها اختارت الاستيطان على السلام. الهدف الثاني كما يقول عريقات هو التوصل إلى إصدار قرار أممي «يعتبر الاستيطان لاغيا وباطلا ولا يخلق حقا ولا ينشأ عنه التزام». أما الهدف الثالث فيتعلق بطلب «تطبيق ميثاق جنيف حول حماية المدنيين زمن الحرب على الأراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة والقدس وقطاع غزة».

أما الطلب الثاني الذي تعتزم السلطة الفلسطينية تقديمه لمجلس الأمن خلال الأشهر المقبلة فيتعلق بطلب عضوية فلسطين على حدود 1967 كدولة تحت الاحتلال وعاصمتها القدس الشرقية. وقال عريقات: «نحن الآن نتمتع بصفة عضو مراقب في الأمم المتحدة. وطبعا نعلم أننا عندما سنقدم طلب العضوية الكاملة، فإن مجلس الأمن لن يستطيع الاعتراف بنا كدولة، فهو يستطيع فقط قبول العضوية ومن ثم فهو سيصدر بيانا وقرارا يدعو فيه الدول الأعضاء للاعتراف بدولة فلسطين». وأوضح عريقات الذي يشارك في منتدى «ميدايز» في طنجة، لـ«الشرق الأوسط» أن الفلسطينيين كانوا قد أعلنوا استقلالهم خلال المجلس الوطني الفلسطيني المنعقد في الجزائر عام 1988. وأضاف: «الآن حصلنا على اعتراف 107 دول، ولدينا سفارات رسمية في عشرات الدول. لكن للأسف الولايات المتحدة لم تعترف بنا، وكذلك 21 دولة من الاتحاد الأوروبي الحالي لم تعترف بنا بعد، غير أن لدينا فيها مفوضيات. هناك أيضا دول في أميركا اللاتينية، ودول آسيوية كاليابان وكوريا الجنوبية ما زالت لم تعترف بنا. ونحن نأمل عندما تذهب فلسطين وتقدم طلب العضوية الكاملة لمجلس الأمن، أن يعترف بها كدولة كاملة في حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، لكن تحت الاحتلال».

وأشار عريقات إلى أن هذا الوضع الشاذ لدولة كاملة ولكن تحت الاحتلال ليس جديدا في القانون الدولي، فقد سبق لعدة دول أن انضمت إلى الأمم المتحدة وهي تحت الاحتلال، كما جرى مع فرنسا في عام 1941 عندما كانت تحت الاحتلال النازي. وأوضح عريقات أن هذا الإجراء القانوني من شأنه أن يجعل حدود الدولة معترفا بها دوليا.

وعن وضعية السلطة الفلسطينية حاليا يقول عريقات إن إسرائيل أفرغتها من محتواها. وأضاف: «السلطة ولدت بتعاقد دولي في عام 1993 كآلية لنقل الشعب الفلسطيني من الاحتلال إلى الاستقلال. وعند الولادة كانت السلطة تتمتع بولايات شخصية وأمنية وقانونية وسياسية ووظيفية. لكن للأسف عملت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة على سحب كل تلك الولايات من السلطة بعدوان مستمر وبحصار متواصل، وبسياسات الاستيطان والاغتيالات والاعتقالات إلى أن أفرغتها من كل محتواها». وتابع القول: «إن الاتفاقات الموقعة لم تكن تسمح لإسرائيل بأن تقتحم مثلا رام الله، لكنهم الآن يقتحمون كل يوم، ويصولون ويجولون دون رادع. نريد أن نقول للعالم إننا كسلطة فلسطينية وطنية لم نولد لنكون مجرد اسم في خدمة الاحتلال. وإذا اعتقدت إسرائيل أنها تستطيع الإبقاء على السلطة مجرد اسم دون مضمون فهي مخطئة. كما أننا لا ندعو إلى حل السلطة، فالسلطة هي ثمرة كفاح الشعب الفلسطيني، ولكننا نريد أن تكون السلطة بمضمونها، كسلطة انتقالية تنقلنا إلى الاستقلال. وإذا كانت إسرائيل تسعى إلى ذلك، فهي سلطة الاحتلال وستكون مسؤولة مسؤولية كاملة».

وعن حظوظ طلب العضوية الذي سيقدم لمجلس الأمن، قال عريقات: «المشاورات ما زالت متواصلة، ولا أستطيع التكهن. ولكن نحن نبذل جهودا مع الدول الأعضاء. فلا مشكلة لدينا مع روسيا والصين كعضوين دائمين في مجلس الأمن، في اعتقادي أن فرنسا وبريطانيا ستسيران معنا. ولكن تخوفنا الأساسي هو من أميركا. لذلك سيكون لنا حديث مطول مع أميركا حول هذه المسألة، ولن يكون هذا الحديث معنا فقط كفلسطينيين ولكن كعرب».

وعن الانقسام الفلسطيني الداخلي قال عريقات: «هذا أسوأ ما حدث للشعب الفلسطيني ويجب أن تتم المصالحة بشكل فوري وأن ننهي انقساماتنا.

نحن شعب إلى هذه اللحظة ما زلنا نرزح تحت نير الاحتلال برا وبحرا وجوا. والاحتلال الإسرائيلي يقرر يوميا من يخرج ومن لا يخرج، ما يدخل وما لا يدخل، ويقوم باعتداءات يومية على غزة، ويمارس الحصار الظالم واللاإنساني على 1.5 مليون إنسان، يمنع عنهم الغذاء والدواء والوقود بشكل يومي، وبالتالي فلا مبرر أن يستمر هذا الانقلاب وهذا الانقسام ساعة واحدة. فالمصالح العليا تتطلب وحدتنا الوطنية، نحن نأمل أن الحوار الذي بدأ، وهو حوار مبارك، يجب دعمه من الجميع ومن كل المخلصين، قد يحتاج إلى وقت. لكن لا بد أن يكون لدينا تصميم، ولا بد أن ندرك كفلسطينيين أننا إن لم نساعد أنفسنا فلن يساعدنا أحد».