كلينتون تجتمع مع نتنياهو 7 ساعات دون اتفاق حول وقف الاستيطان واسئناف المفاوضات

بلدية القدس تقر مشروعا استيطانيا جديدا في بيت صفافا بينما كان اللقاء دائرا

TT

امتد الاجتماع بين وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، سبع ساعات ونصف الساعة، في نيويورك، الليلة قبل الماضية، ولكنهما لم يتوصلا إلى صيغة بشأن تجميد البناء الاستيطاني، تتيح استئناف المفاوضات المباشرة بينه وبين الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن).

وقالت مصادر إسرائيلية إن تقدما ما حصل في هذا اللقاء، وإن طواقم المفاوضات ستواصل عملها لإيجاد هذه الصيغة في القريب. وتحدثت هذه المصادر عن احتمال إنجاز الحوار مع واشنطن في غضون ثلاثة أسابيع وعندها سيسافر نتنياهو إلى واشنطن ويجتمع مع الرئيس باراك أوباما ليبلغه بنفسه أمر الاستعداد للعودة إلى المفاوضات المباشرة.

وكان مقررا لهذا الاجتماع ساعة ونصف الساعة فقط، وتوقع المراقبون أن يؤدي إلى تصعيد جديد في التوتر بين البلدين، خصوصا أن إسرائيل كانت قد كشفت عن مشاريع بناء استيطانية في القدس الشرقية المحتلة (1350 وحدة سكنية) وفي مستعمرة أرئيل (800 وحدة)، وتبين أن نتنياهو كان قد صادق عليها واستنكرتها الإدارة الأميركية بتصريحات من كلينتون نفسها والرئيس أوباما والناطق بلسان الخارجية الأميركية. وعادت كلينتون لتستنكر هذا البناء قبيل انعقاد اللقاء مع نتنياهو. ثم كشف النقاب عن قرار اتخذته بلدية القدس في وقت انعقاد الاجتماع نفسه، لبناء 138 وحدة سكنية استيطانية في منطقة بيت صفافا جنوب شرقي المدينة. إلا أن الاجتماع جرى في جو ودي، كما قال الطرفان، ورفضا الإدلاء بأي معلومات عن مضمونه، واكتفيا بإصدار بيان من الخارجية الأميركية يقول إن كلينتون أكدت ضرورة إيجاد صيغة تقارب بين الالتزام بإقامة دولة فلسطينية في حدود 1967 مع تعديلات حدودية طفيفة وبين الالتزام بضمان أمن إسرائيل، وإن المحادثات كانت بناءة وجرت في جو ودي، وإن الولايات المتحدة ملتزمة بأمن إسرائيل.

ووصف البيان اللقاء بأنه جيد، مع تبادل وجهات نظر ودية ومنتجة من الطرفين. وعلى الرغم من أن البيان شدد على «أهمية مواصلة المفاوضات المباشرة لتحقيق أهدافنا»، لم تتضح كيفية العودة إلى المفاوضات مع إصرار السلطات الإسرائيلية على مواصلة النشاط الاستيطاني. وكان من اللافت أن البيان شدد على «التزام الولايات المتحدة الثابت بأمن إسرائيل والسلام في المنطقة»، ولكن من دون أي إشارة إلى الاستيطان، الأمر الذي تعتبره واشنطن والمجتمع الدولي غير شرعي، ولكن تصر إسرائيل عليه.

وكان نتنياهو قد طالب واشنطن بإعطاء ضمانات أمنية لإسرائيل، مقابل خوض المفاوضات، ولذلك الإشارة في البيان المقتضب إلى أمن إسرائيل تأتي ضمن سلسلة خطوات لاسترضاء إسرائيل. وأوضح البيان أن كلينتون «كررت أن الولايات المتحدة تؤمن بأن من خلال المفاوضات حسنة النية، يمكن للطرفين أن يتفقا على نهاية للنزاع وإنجاز هدف الفلسطينيين بإقامة دولة مستقلة وقابلة للعيش، بناء على خطوط 1967، مع تبادل الأراضي، وهدف إسرائيل بدولة يهودية مع حدود آمنة ومعترف بها تعكس التطورات اللاحقة وتتناسب مع متطلبات إسرائيل الأمنية».

لكن، لم يضع نتنياهو اسمه على هذا الجزء من البيان، مما يعني أنه لم يوضح موقفه من الحل النهائي مجددا. وشدد البيان على أن متطلبات إسرائيل الأمنية «ستؤخذ كليا في عين الاعتبار في أي اتفاق سلام مستقبلي».

وأكدت وزارة الخارجية الأميركية أن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين سيواصلون العمل خلال الأيام المقبلة. وتترقب واشنطن إعلان موعد اجتماع لجنة المتابعة العربية لعملية السلام، المتوقع عقده بعد عيد الأضحى. وتعمل الإدارة على الخروج بنتيجة لتجميد الاستيطان قبل اجتماع اللجنة المتوقع لبحث موضوع مواصلة المفاوضات المباشرة مع إسرائيل من عدمه. وقالت مصادر إسرائيلية إن هذه الصيغة تدل على أن الأميركيين مصرون على إبقاء مضمون المحادثات سريا، ولكن شيئا ما يتقدم. وكما يبدو أن هناك بداية تفاهمات حول تجميد البناء الاستيطاني لفترة محدودة ومناطق محدودة، وأن التوتر الحاصل من جراء مشاريع الاستيطان الإسرائيلية سيكون مسألة عابرة، خصوصا أن نتنياهو أمر وهو في نيويورك بدعوة الوزراء السبعة الذين يقودون الحكومة في القضايا المصيرية إلى اجتماع طارئ يعقد مساء اليوم، من أجل الاتفاق على طرح مشترك لهم في جلسة الحكومة العادية غدا. وقال نتنياهو، أمس، لدى وصوله إلى إسرائيل إنه متفائل من محادثاته وإنه يأمل في أن تستأنف المفاوضات في القريب. فيما قالت كلينتون في الولايات المتحدة إنها تزداد قناعة بجدية الرئيسين نتنياهو وأبو مازن حول التوجه إلى المفاوضات.

وكانت كلينتون قد تعهدت قبيل اللقاء مع نتنياهو بإيجاد طرق لدفع عملية السلام المتوقفة في الشرق الأوسط، فيما عبر نتنياهو عن جديته في المفاوضات. وعبرت كلينتون في تصريحات للصحافيين قبل اجتماعها مع نتنياهو في نيويورك عن اعتقادها بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس «كانا جادين في المحادثات» التي توقفت أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي بسبب الخلاف على البناء الاستيطاني. وأضافت أن «نتنياهو وعباس ملتزمان جدا بالتوصل إلى حل الدولتين، وسنجد طريقة في اتجاه التوصل إلى ذلك». ورفضت كلينتون الكشف عن مضمون اللقاء ولكنها أكدت أن المحادثات «تشمل كل شيء».

وحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت»، فإن نتنياهو قال في مستهل لقائه مع كلينتون إن أمله كبير في توسيع المفاوضات لتشمل «الكثير من البلدان العربية الأخرى»، مشيرا إلى أن الإسرائيليين «جادون فعلا في القيام بذلك»، من دون الكشف عن قائمة الدول التي ترغب إسرائيل في مشاركتها بالمفاوضات. وقال إن فرص التوصل إلى اتفاق سلام سوف تتحسن بشكل كبير إذا ما تم تحقيق تفاهمات أمنية شاملة بين إسرائيل والولايات المتحدة، وذلك في إشارة إلى الرغبة في التوصل إلى اتفاق يمنح إسرائيل وجودا عسكريا طويل الأمد في وادي الأردن على طول الحدود الشرقية للدولة الفلسطينية المستقبلية مع الحصول على مساعدات مالية أميركية للترتيبات الأمنية التي ستكون ضرورية إذا تم التوصل إلى اتفاق سلام.

من جهة ثانية، هاجمت رئيسة حزب «كديما» المعارض سياسة الحكومة وقالت إنها تعطل مسيرة السلام وتهدد العلاقات مع الولايات المتحدة وتتصرف مثل مريض نفسي يعاني من انفصام الشخصية. وأكدت أن وزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان، يتصرف بطريقة تثير الغضب في العالم على السياسة الإسرائيلية، بينما يسكت نتنياهو عليه لأنه يعطيه دورا يمينيا متطرفا ويختبئ وراء هذا الموقف، الذي هو في الحقيقة موقف الحكومة كلها.