انتحار مدرس يثير توترات في لوس أنجليس

انتقادات ومظاهرات ضد نشر تقييم أداء المدرسين على الإنترنت

TT

شعر زملاء ريوغوبيرتو رولاس بالذعر عندما تخلف عن العمل في أحد أيام شهر سبتمبر (أيلول) الماضي. وكان زملاء رولاس يصفونه بأنه مدرس مخلص يعلم التلاميذ قبل المدرسة، ويبقى معهم بعدها، وكان يأخذ التلاميذ من مدرسته الابتدائية الواقعة جنوب لوس أنجليس إلى الشاطئ في عطلات نهاية الأسبوع.

وعندما عُثر على جثته في أحد الأودية بغابة لوس أنجليس الوطنية، وقرر الطبيب الشرعي أن الوفاة وقعت نتيجة حادث انتحار، أصبحت وفاة رولاس مثار جدل، واستحوذت على اهتمام أكبر جريدة في المدينة حيث دخلت في خضم الجدل الدائر حول إصلاح ثاني أكبر إدارة تعليمية في الولايات المتحدة.

وعندما نشرت صحيفة «لوس أنجليس تايمز» قاعدة بيانات حول «تحليل القيمة المضافة» لكل مدرس في الإدارة التعليمية الموحدة بمدينة لوس أنجليس في أغسطس (آب) الماضي، تم تقييم رولاس على أنه «أقل فعالية من المستوى المتوسط». وقال زملاء رولاس إنه أصبح محبطا بشكل ملحوظ بعد نشر التقييم، وأشار أفراد أسرته إلى أن هذا التقييم أسهم في موته. ويوم الاثنين الماضي، نظم مائتا شخص مسيرة إلى مبنى جريدة «لوس أنجليس تايمز»، حيث حملوا لافتات وأطلقوا أهازيج تطالب الجريدة بإزالة اسم رولاس من قاعدة بياناتها على الإنترنت.

ورددت الحشود التي تكونت في الغالب من تلاميذ ومدرسين وآباء من مدرسة «ميرامونتي» الابتدائية، التي كان يدرس فيها رولاس للصف الخامس الابتدائي أهازيج تقول: «من حصل على علامة «ضعيف»؟ يا جريدة لوس أنجليس تايمز؟».

وقد زادت شعبية تقديرات القيمة المضافة للمدرسين، التي تستخدم التحسينات في درجات الاختبار للمدرسين لتقييم فعالية المدرسين في الولايات المتحدة مع دعم إدارة التعليم الفيدرالية، التي ربطت عمليات تقييم المدرسين بالسباق إلى الفوز بأكبر حصة من برنامج المنح الحكومية لهذه التقديرات.

ولكن استخدام هذه التقييمات يبقى مثيرا للجدل. وقد أكدت اتحادات المدرسين أن هذه الطريقة ناقصة وليست عادلة، وعارضت هذه الاتحادات تنفيذها في شتى أنحاء الولايات المتحدة.

وكانت جريدة «لوس أنجليس تايمز» قد جمعت قاعدة بياناتها باستخدام درجات الاختبارات القياسية المسجلة خلال سبع سنوات والتي تم الحصول عليها من خلال طلب مقدم للحصول على النتائج العامة. واعتبر إيه جا دوفي، رئيس اتحاد مدرسي لوس أنجليس المتحدين، والذي ساعد في تنظيم مسيرة الاثنين الماضي، رولاس نموذجا للمشكلات التي تعتري تقديرات القيمة المضافة. وقال دوفي: «تقديرات القيمة المضافة تمثل نظاما قاصرا. لقد كان رولاس مدرسا عظيما قدم الكثير من الخدمات للمجتمع».

وقد امتنعت جريدة «لوس أنجليس تايمز» عن التعليق على القضية باستثناء بيان صدر بعد وفاة رولاس قالت فيه: «الجريدة مستمرة في التعبير عن تعاطفها مع عائلة رولاس وتلاميذه وأصدقائه وزملائه». ونشرت جريدة «لوس أنجليس تايمز» قاعدة البيانات التي تعتمد على سجلات نتائج الاختبارات المسجلة في الولاية لمدة سبع سنوات في الإدارة التعليمية الموحدة بمدينة لوس أنجليس، لأنها تتعلق بشكل مباشر بأداء الموظفين العموميين الذين قدموا خدمة مهمة، ولاعتقادها بأن الآباء والعامة يمتلكون الحق في الحكم على البيانات بأنفسهم.

وكانت اتحادات المدرسين قد عارضت بشكل كبير الابتعاد عن نظام التثبيت في العمل، الذي تعتمد فيه عمليات تسريح العمال على التقدم في السن وليس الأداء. وكانت اتحادات المدرسين قد صرفت مؤخرا في واشنطن - حيث استخدمت ميشيل رهي، مديرة المدرسة تقييمات المدرسين الشاملة لتسريح المئات من «المدرسين غير الفاعلين» - مئات الآلاف من الدولارات على حملة تستهدف الإطاحة بعمدة مقاطعة كولومبيا المؤيد الرئيسي لها. وكان فيني قد خسر في الانتخابات الأولية للحزب الديمقراطي التي جرت خلال شهر سبتمبر الماضي. وقد استقالت رهي خلال الشهر التالي لخسارة فيني في الانتخابات.

وعلى الرغم من معارضة اتحاد المدرسين، فقد أعلن أرني دونكان، وزير التعليم الأميركي، عن تأييده لتطبيق درجة أكبر من الشفافية في تقييمات المدرسين، وتستعد الإدارة التعليمية في مدينة نيويورك أيضا لإصدار تقارير تحمل بيانات عن مدرسيها، ولكن هذه الخطوة متوقفة على نتيجة جلسة استماع لإحدى المحاكم من المزمع عقدها في نهاية الشهر الجاري.

وفي مدينة لوس أنجليس، حيث تحركت المنطقة التعليمية تجاه إجراء إصلاحات بارزة، مثل تسليم السيطرة على بعض المدارس منخفضة الأداء بشكل مزمن إلى مديري المدارس التجريبية، يدفع أعضاء من مجلس إدارة المدرسة بشكل متزايد من أجل تنفيذ تقديرات القيمة المضافة. وقالت يولي فلورز، عضو مجلس إدارة المنطقة التعليمية الموحدة بمدينة لوس أنجليس: «عدم إدراج مقاييس القيمة المضافة ليس مقبولا. ولكن هذه المقاييس يجب أن تكون جزءا من نظام تقييم أكثر شمولا».

وقال إريك إيه هانوشيك، وهو زميل بارز في معهد «هوفر» التابع لجامعة ستانفورد، والذي يدرس أنظمة المساءلة في المدارس، إن تقديرات القيمة المضافة يجب أن يتم دمجها مع عوامل أخرى. ولكنه ذكر أن نظام التثبيت في العمل لم يقدم أي تقييم مجدٍ لأداء المدرس. وأضاف هانوشيك: «الآن، وبعد أن نشرت جريدة لوس أنجليس تايمز هذه النتائج، أعتقد بأن المارد قد خرج من القمقم، وسوف يرغب الآباء في الحصول على هذه المعلومات. وأنا أفترض أن معارضة الاتحاد تعتبر آخر جهد يمكن أن يقوم به اتحاد المدرسين للقول إن المدرسين يجب ألا يتم تقييمهم مطلقا. وهذه هي فرصتهم لانتهاز موقف مأساوي، وتحويله إلى موقف يمكن أن يستغلوه لمصلحتهم السياسية الخاصة».

ولكن راندي وينغارتين، رئيسة الاتحاد الأميركي للمدرسين، أكدت أن الاعتماد على تقديرات القيمة المضافة قد أعاق بالفعل جهود تنفيذ تقييمات شاملة للمدرسين. وقالت وينغارتين: «لقد اقترح اتحادنا نظاما شاملا لتقييم المدرسين طبقته أكثر من 50 ضاحية. وسوف يتعرض العمل الجيد الذي نؤديه والذي يكمن في محاول عمل تقييمات شاملة للمدرسين للضرر بفعل هذا الإصرار على تطبيق نظام القيمة المضافة».

* خدمة «نيويورك تايمز»