ناقل رسالة كيسنجر يوضح لـ «الشرق الأوسط» حقيقتها: صغتها على شكل افتراضي.. ومعلوماتها من مصادر رسمية

حزب الله: بغض النظر عن أي التباس فيها فإنها تشكل عين السياسة الأميركية

TT

في خطابه في «يوم الشهيد» أول من أمس، قرأ أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله، وكما قال، نص رسالة من وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر نشرتها جريدة «النهار» كرد على رسالة أخرى كان قد بعث بها العميد السابق لحزب الكتلة الوطنية الراحل، ريمون إده، إلى كيسنجر يتهمه فيها بتدمير لبنان. لكن إدارة جريدة «النهار» قالت إنها نشرت في 12/ 6/1976 رسالة العميد إده إلا أنها لم تنشر يوما أي رسالة لكيسنجر.

وتبين أن الرسالة نشرت في مجلة «الحوادث»، وهي للكاتب الصحافي سليم نصار الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» تفاصيل ما حصل حينها وما كتب. فقال إن «المعلومات الواردة في نص الرسالة مستقاة من مصادر رسمية، بينها رئيس الوزراء في حينه تقي الدين الصلح، ووزير الخارجية فؤاد نفاع، ومترجم البيت الأبيض كميل نوفل. وفضلت ألا أنسب المعلومات إلى مصادرها الأصلية حرصا على سريتها المطلوبة. لذلك قمت بصوغها على شكل رسالة جوابية افتراضية من هنري كيسنجر إلى العميد إده، ردا على كتابه المفتوح في صحيفة (النهار)». وأضاف نصار «حاولت قدر المستطاع إبعاد الشكوك عن مصادري، علما بأن محضر ذلك الاجتماع مسجل لدى الدوائر المختصة. وأذكر جيدا أن كيسنجر افتتح اللقاء بسؤال الرئيس فرنجية إذا كان الجيش اللبناني قادرا على ضرب الفلسطينيين وضبط نشاطاتهم في الجنوب. ورد عليه فرنجية بسؤال محرج «إذا كان الجيش اللبناني قادرا فلماذا عليه أن يضرب الفلسطينيين الذين طردوا من بلادهم ويحاولون استردادها؟!». ولفت نصار إلى أن ذلك اللقاء اتسم بالحدة والتوتر. وأضاف «بناء على تلك المعلومات المتوافرة لدي، وضعت الكلام بصيغة افتراضية حرصا على سمعة مصادري».

بدوره، رد العميد الحالي لحزب الكتلة الوطنية كارلوس إده، على السيد نصر الله، فقال «بعدما اطلعنا بعمق على أرشيف حزب الكتلة الوطنيّة، وأرشيف العائلة، تأكدنا أن هذه الوثيقة غير موجودة، وبعد استشارة قدماء الحزب أكدوا لي القصة التي سبق أن سمعتها من العميد ريمون إده وهي التالية: كتب العميد ريمون إده في بداية الحرب (1975 – 1976) رسالة مفتوحة إلى وزير خارجية أميركا آنذاك هنري كيسنجر بقيت من دون جواب». وأشار إده إلى أن «هذه الرسالة الرد التي يتكلم عنها السيد حسن نصر الله ظهرت في مجلة (الحوادث) وليس في صحيفة (النهار)، وكتبت على الأرجح بيد الصحافي الراحل سليم اللوزي حسب شهادة قدماء الحزب». وأضاف «ومن دون أن ندافع عن الولايات المتحدة أو عن هنري كيسنجر، من الصعب التصديق أن يكون وزير أميركي للخارجية يزاول مهماته قد توجه إلى شخص لا يعرفه بالعبارات التي كتبت، هذا لا يعني أنه لا يفكر فيها، لكنها لم تذكر برسالة موجهة إلى العميد الراحل ريمون إده». وأشار إده إلى أن «الشخص الذي أعلم السيد نصر الله إما أنه لم يتأكد من معلوماته أو أنه كان يعلم واستعمل وثيقة غير صحيحة من أجل البروباغندا». وتمنى إده على السيد نصر الله أن «يعتمد في سياسته على معلومات أفضل من هذه»، وقال «لكن نكرر أننا نقدر له استشهاده بالعميد ريمون إده، وبمصداقية ضمير لبنان، لكن لا يجب أن يأخذ جزءا من سياسة العميد ريمون إده ويترك البقية، خصوصا مواقف العميد الرافضة كليا لوجود فئات مسلحة خارج سيطرة الدولة».بالمقابل، شدد عضو المجلس السياسي في حزب الله، غالب أبو زينب، على أنه «وبغض النظر عما إذا كانت الوثيقة أو الرسالة من كيسنجر إلى ريمون إده نشرت في صحيفة (النهار) أو يوجد فيها التباس، فهي تصيب عين الواقع في السياسة الأميركية، وتشكل قراءة للموقف الأميركي تجاه لبنان بشكل عام»، مضيفا «إذا قفزنا عن هذه الرسالة يمكن أن نحضر الكثير من الوثائق التي تقع ضمن هذا الإطار والتي يمكن الاعتماد عليها».

وكان نصر الله قد تمنى على «قوى 14 آذار ومسيحييها وبالأخص شباب مسيحيي (14 آذار) قراءة ما كتبه كيسنجر وبدقة»، ونقل نصر الله عن كيسنجر قوله في 14 يونيو (حزيران) 1976 في عز الحرب الأهلية «صحيح أنني أفكر في خلق دويلات شبيهة بإسرائيل بعدما فشلت في إقناع الدول العربية بالصلح الانفتاحي وقبول هذه الدولة الجديدة كجزء من المنطقة، وأن الأحداث الدامية التي افتعلناها في لبنان أمنت لنا أرضية مثالية لتقسيم النفوس الموحدة وتدمير صيغة التعايش، في ذلك الوقت بين المسيحيين والمسلمين، وإحداث خلل أساسي في النظام الديمقراطي في المنطقة». ويضيف نصر الله نقلا عن كيسنجر «أنا رأيي أن لبنان أصبح عبئا على الغرب لكثرة ما أعطت حريته من أفكار كانت تستعمل ضدنا وليس ضد دول المنطقة، لهذا قررت إلغاء هذه الحرية في لبنان وجعل نظامه نظاما ذيليا، وأنت تعلم أن طمس النظام اللبناني لعامين هو أمر ضروري للوصول إلى التسويات في هذه المنطقة». ويتوجه كيسنجر إلى إده، يضيف نصر الله، بالقول «إن نظرتك عاطفية، لكن أنا أنظر من زاوية المصالح الأميركية والمصالح الإسرائيلية.. إن الحرب لن تتوقف في بلادكم إذا تهدد أمن إسرائيل. أنت تطلب مني أن أثق بصداقتك المخلصة، لكني أريد أن أقول لك إن إخلاصي هو لإسرائيل ولا يعادله إلا إخلاصي لزوجتي وبلادي».