المساعدات الأميركية لإسرائيل ستصل إلى 20 مليار دولار إذا وقعت السلام مع الفلسطينيين

مسؤول أميركي لـ «الشرق الأوسط»: الأمور تتحرك.. باراك يؤيد الصفقة.. أحد الآباء الروحيين للمستوطنين يهدد بإقامة دولة يهودية على مستوطنات الضفة

TT

في الوقت الذي تتصاعد فيه نشاطات المستوطنين اليهود ضد المقترحات الأميركية لتجميد الاستيطان، وتبلغ حد التخويف الإرهابي لقادة سياسيين في اليمين، كشف النقاب في تل أبيب، أمس، عن أن هناك رزمتي مساعدات أميركية لإسرائيل. واحدة تعطى مقابل تجميد البناء الاستيطاني لثلاثة شهور، وقد نشرت أول من أمس وتتضمن هدية هي عبارة عن 20 طائرة حديثة، وواحدة تعطى مقابل التوقيع على اتفاق سلام مع الفلسطينيين خلال السنة المقبلة، وتشتمل على اتفاقيات سرية ودعم مالي ومادي وعسكري قيمته 20 مليار دولار.

وقالت مصادر سياسية لصحيفة «هآرتس» العبرية، أمس، إن هذه المساعدات غير المسبوقة عرضت على نتنياهو خلال لقائه المطول (سبع ساعات ونصف الساعة) يوم الخميس الماضي في نيويورك. وهي تشتمل على بنود تقوي إسرائيل في مواجهة التهديدات الإيرانية وتمنحها التفوق العسكري الاستراتيجي المضمون على كل خصومها مجتمعين في الشرق الأوسط. وقد جاءت بهذا السخاء غير العادي لغرض توصيل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إلى وضع يستحيل معه أن يقول لا. ونقلت الصحيفة على لسان قائد عسكري كبير في الجيش الإسرائيلي، أنه قال إن هذه الصفقة لا يجوز رفضها، لأنها تمنح إسرائيل قوة ردع عسكرية هائلة، ليس من المصلحة الدخول في تفصيلاتها.

ورفض البيت الأبيض أمس التعليق مباشرة أو الرد على تفاصيل حزمة الحوافز للإسرائيليين. وقال مسؤول في الإدارة الأميركية لـ«الشرق الأوسط» إن البيت الأبيض لن يعلق في هذه المرحلة، إذ الأمور «تتحرك». إلا أنه حرص على التوضيح بأن «سياساتنا ورأينا حول بناء المستوطنات لم تتغير، ولكننا نبقى مركزين على الهدف البعيد الأمد، وبالطبع نناقش تبعات هذه القضية مع الطرفين». وتعتبر الإدارة الأميركية «الهدف البعيد الأمد» - أي تحقيق السلام - يستوجب إعطاء حوافز كبيرة للإسرائيليين. وبعد أن حاولت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما الضغط العلني على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وفشلت بالحصول على نتيجة، تحاول الآن سياسة الجزرة.

ويفضل البيت الأبيض في المرحلة الراهنة أن يترك المواقف الرسمية المعلنة لوزارة الخارجية الأميركية، إذ يحاول أوباما البقاء بعيدا عن الأضواء كي لا يواجه المزيد من الحرج. وأطلقت مجموعة «الأميركيين للسلام الآن»، وهي مجموعة من الأميركيين اليهود المؤيدين لحل الدولتين، حملة لدعم أوباما علنا في مساعي السلام.

وتجند وزير الدفاع الإسرائيلي، اإيهود باراك، إلى جانب هذ الصفقة، مؤكدا أنه ينطلق في ذلك ليس من منطلق للعملية السلمية فحسب، بل بالأساس من منطلق موقعه كوزير للدفاع وكرئيس سابق لأركان الجيش. وفي مقابلة مع إذاعة الجيش، قال باراك إن «20 طائرة إف 35 إضافية للجيش الإسرائيلي هي أهم بما لا يقاس من الاحتكاكات الحزبية والسياسية». وكشف باراك عن أن جيشه كان قد طلب شراء 40 طائرة من هذا النوع، ولكن بسبب التقليص في الميزانيات اتفق على 20 طائرة فقط بتكلفة وصلت 3 مليارات». وبحسبه فإن واشنطن تقترح على إسرائيل استكمال العدد مقابل تجميد الاستيطان لمدة 3 شهور.

وادعى باراك أنه «في حال عدم التوصل إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين، فإن «الأميركيين يعرضون علينا صفقة أكبر بـ 6 أو 7 أضعاف». وقال باراك إن هناك إمكانيتين: «إما أن نصل إلى تفاهم مع الولايات المتحدة والتي ستجد طريقة لإجبار الفلسطينيين على الجلوس إلى طاولة المفاوضات، أو أن يصل الفلسطينيون والعالم الغربي إلى تفاهمات مع الولايات المتحدة على حساب المصالح الإسرائيلية».

ويلاحظ المراقبون الإسرائيليون أن نتنياهو بات على يقين أنه يستطيع تمرير الصفقة الأميركية خلال اجتماع المجلس الوزاري الأمني المصغر، الذي يجتمع كل يوم أربعاء. ففي هذا المجلس 15 وزيرا، سبعة منهم يؤيدون الصفقة بينهم نتنياهو نفسه. وستة منهم يعارضونها، هم وزراء من الليكود ومن «إسرائيل بيتنا». لكن اليمين المتطرف يعمل كل ما في وسعه لثني النواب المؤيدين عن قرارهم. وهو يتصرف بنوع من الهستيريا لتحقيق ذلك. فقد أجرى مظاهرة صاخبة أمام بيت وزير الداخلية، مطالبين بأن لا يسير على طريق الخيانة الذي رسمه نتنياهو. وتوجه وزير الإعلام، يولي أدلشتاين وأربعة نواب متطرفين من الليكود، إلى الرئيس الروحي لحزب «شاس»، الحاخام عوفاديا يوسف، مطالبين إياه بمنع وزرائه من الامتناع عن التصويت قائلين إن هذا الامتناع يعني أن حزبه يساند عملية قتل مشروع الاستيطان.

من جهة ثانية هاجم البروفسور هيليل فايس، وهو مستوطن متطرف، رئيس الحكومة الإسرائيلية بحدة، وقال إن الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) والحكومة ليسا على صلة مع الناس. وأعلن أنه سيدعو رفاقه المستوطنين إلى التمرد والعصيان والامتناع عن دفع الضرائب والإعداد للإعلان عن إقامة دولة يهودية مستقلة في الضفة الغربية تكون منفصلة تماما عن إسرائيل. وقال إن «الاستيطان يجب أن يعرف نفسه ككيان سياسي قائم على أرض إسرائيل أو كحكم ذاتي أو كدولة يهودية».