مسؤول استخبارات إسرائيلي بارز: حماس تمتلك صواريخ يمكنها الوصول لتل أبيب

حمل مصر مسؤولية تهريب الأسلحة لغزة.. والقاهرة: الأسلحة تصل للقطاع عبر الساحل الذي تسيطر عليه تل أبيب

TT

حذر مسؤول استخباراتي إسرائيلي بارز من أن مسؤولي حماس في قطاع غزة يمتلكون صواريخ يمكنها ضرب أهداف على بعد 80 كيلومترا (50 ميلا)، وهو مدى أكبر من المدى الذي كان معلنا من قبل «مما قد يضع ساحل مدينة تل أبيب ضمن مجال منصات إطلاق هذه الصواريخ».

وألقى المسؤول باللائمة على مصر، وقال إنها لم تتخذ الإجراءات الكافية لوقف التهريب من خلال شبكة من الأنفاق على طول الحدود القصيرة نسبيا بين صحراء سيناء التابعة لمصر والأراضي الفلسطينية. وأكدت مصر من جانبها أمس أن إجراءاتها الأمنية الحدودية مشددة، وأن ما ادعته تل أبيب من أن هناك نوعا من التراخي في ما يخص التصدي لتهريب الأسلحة إلى قطاع غزة هو أمر عار عن الصحة. وأشارت مصادر أمنية مصرية إلى أن تلك الأسلحة تصل إلى القطاع عبر البحر الذي تسيطر عليه إسرائيل، لا البر. وأكد مسؤول أمني مصري أن مصر كانت تكافح التهريب بنجاح.

وقال مسؤول الاستخبارات الإسرائيلي لوكالة «أسوشييتد برس» إن حماس، التي فرضت سيطرتها على غزة في عام 2007 «تبذل جهودا كبيرة جدا لبناء قدراتها العسكرية.. وبناء قدراتها الصاروخية في قطاع غزة، وكل هذا يحدث بسبب شيء واحد مهم، وهو تهريب الأسلحة عبر مصر إلى قطاع غزة». وقال المسؤول المطلع على معلومات استخباراتية عالية المستوى والذي قدم معلومات موجزة للمراسلين الأجانب بشرط عدم الكشف عن هويته «معظم الأنفاق التي تستخدم لتهريب هذه الصواريخ والمتفجرات والأسلحة الأخرى توجد في منطقة تتراوح مساحتها بين ثلاثة وأربعة كيلومترات» أو ما يصل إلى 2.5 ميل.

وقال «نحن نراها في أجهزتنا الاستخباراتية. ولدينا صور عن هذه الأنفاق. وفي عدد كبير من الأماكن، يمكننا أن نعرض صورا لجنود مصريين يوجدون على بعد أقل من 20 مترا من فتحة أحد الأنفاق، وأن النفق يتم تشغيله تحت أعينهم وتحت سيطرتهم ولا يفعل أي فرد أي شيء تجاه هذا الأمر. وبإمكان مصر أن توقف كل عمليات تهريب الأسلحة هذه خلال 24 ساعة إذا أرادت أن تفعل ذلك، لأن هناك عددا كافيا من القوات ورجال الشرطة المصرية الموجودين على طول هذه الحدود».

وأكد النائب الإسرائيلي أرييه إلداد، عضو لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في البرلمان الإسرائيلي، والذي يمتلك القدرة على الوصول إلى مواد سرية تقديرات هذا المسؤول. وقال في تصريحات لوكالة «أسوشييتد برس»، متهما خلالها مصر بالسماح لحركة حماس بالاستحواذ على أسلحة في مقابل مغادرة المسلحين الإسلاميين لمصر فقط «مصر ليست دولة يمكن أن تسمح بدخول كميات كبيرة من الأسلحة من دون معرفة السلطات. وبإمكان المسؤولين في مصر تدريب قوات الشرطة على البحث عن المهربين بسهولة، لكنهم لا يفعلون ذلك».

وقال مسؤول استخباراتي مصري بارز لوكالة «أسوشييتد برس» إن قوات الأمن المصرية عكفت على تأدية مهامها بنجاح على الحدود مع غزة. وذكر أنهم اعترضوا 50 طنا من المتفجرات خلال العامين الماضيين، وأنهم تلقوا إشادة من أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية على عملهم. ويبلغ طول الحدود المصرية مع قطاع غزة نحو 8 أميال فقط (13 كيلومترا). وعززت مصر من وجودها على الحدود بعد انسحاب إسرائيل من قطاع غزة في شهر سبتمبر (أيلول) عام 2005 وتسليمه إلى السيطرة الفلسطينية. ورد المهربون بحفر أنفاق طويلة تخترق منطقة الحدود القريبة. وقال المسؤول الأمني إن المصريين قد عثروا على 675 نفقا منذ بداية العام الحالي. وقد ساعدت الولايات المتحدة مصر بمعدات متقدمة لاكتشاف الأنفاق عبر اكتشاف التحركات التي تجري تحت الأرض، وتم تدريب الكثير من المصريين في الولايات المتحدة على استخدام هذه المعدات. وبنت مصر أيضا جدارا فولاذيا على طول الحدود لمنع المهربين من اختراق مصر، على الرغم من أن بعض المهربين قد اخترقوا هذا الجدار.

وأكد مصدر أمني مصري لـ«الشرق الأوسط»، أن الإجراءات الأمنية الحدودية مشددة. وأضاف «أقمنا العشرات من الحواجز الأمنية داخل رفح المصرية وعلى الطرق المؤدية إليها لمنع عمليات التهريب أيا كان نوعها عبر الأنفاق.. والأسلحة التي تصل إلى غزة لا تمر بالأراضي المصرية، بل عن طريق ساحل البحر الذي تسيطر عليه القوات البحرية الإسرائيلية»، رافضا الإفصاح عن مزيد من التفاصيل الخاصة بعمليات تهريب الأسلحة عبر البحر. وتابع أن التهريب «هو طبيعة أي منطقة حدودية في العالم، ولا توجد أي حدود دولية مؤمنة بشكل كامل».

ورغم أن حركة حماس كانت قد أوقفت عمليات إطلاق صواريخها بشكل كبير منذ آخر هجوم عسكري إسرائيلي في بداية عام 2009، قال المسؤول الأمني الإسرائيلي إن هدف الحركة ما زال يتمثل في ضرب المدن الإسرائيلية. وأضاف المسؤول «اليوم، هناك صواريخ يتراوح مداها بين 70 و80 كيلومترا (45 إلى 50 ميلا) في قطاع غزة، وعليه فإن هذا يعني أننا يمكن أن نجلس هنا ونتحدث، ويسقط صاروخ على رؤوسنا خلال خمس دقائق». وهذا المدى يعني أن الصواريخ يمكن أن تصل إلى تل أبيب، المحور التجاري والثقافي لإسرائيل. ويعيش نحو مليوني شخص في تل أبيب، التي كانت قد استهدفت من قبل الرئيس العراقي الراحل صدام حسين بصواريخ سكود خلال حرب الخليج عام 1991.

وأشارت التقديرات إلى أن حركة حماس قد حسنت من قدراتها في الشهور الأخيرة. وكانت تقديرات سابقة قد ذكرت أن مدى صواريخ حماس يقترب من 60 أو 70 كيلومترا، أو 40 إلى 45 ميلا تقريبا. وخلال يوم الأحد الماضي، عرضت القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي مقطع فيديو لنظام «القبة الحديدية» الإسرائيلي القادر على إسقاط الصواريخ. وهذا النظام مصمم لحماية إسرائيل من الصواريخ التي قد يتم إطلاقها من غزة ولبنان. لكن عملية نشره هذا النظام كانت قد تأجلت عدة مرات، واتضح الآن أن هذه العملية منذ عدة شهور على الأقل.

ووجه المسؤول الأمني الإسرائيلي اتهاما صريحا عندما قال إن الفساد يقوض أي جهود لوقف التهريب من مصر إلى غزة. وقال إن الضباط والجنود المصريين يتلقون رشاوى للتغاضي عن عمليات التهريب. وأكد إلداد هذا القول، وقال «عندما تمر قافلة أسلحة عبر مصر، تتم رشوة الكثير من الناس على طول الطريق. ومن السهل رشوة الحراس وأفراد الشرطة الذين يخدمون على الحدود». وقال المسؤول «على الجانب الآخر، كان التعاون الاستخباراتي مع مصر فعالا بخلاف ذلك. ونحن نرى المصريون، في مجالات أخرى، عندما يمتلكون معلومات استخباراتية محددة عن هجمات إرهابية فإنهم يتفاعلون في معظم الأوقات بشكل سريع جدا ويحاولون منع هذه الهجمات». وقال المسؤول الاستخباراتي الإسرائيلي إن السلطة الفلسطينية، منافس حركة حماس، بذلت جهودا حقيقية وناجحة من أجل الحفاظ على الأمن ومنع تنفيذ هجمات على إسرائيل في الضفة الغربية. لكنه حذر من أن هذا النجاح كان قد اعتمد على التقدم الذي تحقق في محادثات السلام المتوقفة حاليا مع إسرائيل، ومع وجود الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيسه وزرائه سلام فياض في السلطة. وأضاف المسؤول أن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية تعتقد أن تدمير إسرائيل وإقامة «خلافة» إسلامية ليس فقط في منطقة الشرق الأوسط ولكن في أوروبا أيضا يبقى الهدف طويل الأمد لحركة حماس.

من جهته رد المصدر الأمني المصري على المزاعم الإسرائيلية التي تحدثت عن «وجود فساد ورشاوى، مما ساعد على ازدياد التجارة السرية للأسلحة» بقوله إنها مزاعم «ليس لها أي أساس من الصحة، وإن السلطات المصرية تراقب مثل هذه الأمور بدقة، وإنه تم ضبط حالتين فقط لتلقي الرشوة لتسهيل وصول بضائع إلى الأنفاق، وتمت إحالتهما للمحاكمة.. وهي حالات فردية لا تمثل ظاهرة بين رجال الأمن». وواصل المسؤول قائلا «العشرات من رجال الأمن المصريين قتلوا وأصيبوا برصاص المهربين أثناء تصديهم لمحاولات تهريب البشر والمخدرات على الحدود بين مصر وإسرائيل، وهذا يعني أن مصر تتعامل مع هذا الملف بشكل جدي جدا».