البوسنة: مفاوضات تشكيل الحكومة قد تستمر حتى مطلع العام المقبل

مجلس الرئاسة المنبثق عن انتخابات أكتوبر بدأ مهامه رسميا

TT

منذ إجراء الانتخابات البوسنية العامة في 3 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، والأحزاب السياسية تسابق الزمن لتشكيل الحكومة الجديدة، التي تأخذ في العادة وقتا طويلا، بسبب التعدد الإثني والحزبي والديني، وهو ما يخضع في نهاية المطاف لمبدأ التوافق، ولأن الفترة المقبلة مزدحمة بالأعياد (عيد الأضحى ورأس السنة الميلادية) فإن عملية تشكيل الحكومة قد تتأجل إلى يناير (كانون الثاني) المقبل، على الرغم من أن مجلس الرئاسة الجديد - المشكل من باكر علي عزت بيغوفيتش (عن البوشناق المسلمين) ونيبوشا رادمانوفيتش (عن الصرب) وجيلكو كومشيتش (عن الكروات) - قد باشر مهامه رسميا الأربعاء الماضي.

ويبدو من واقع المفاوضات الجارية بين الأحزاب الفائزة في الانتخابات أن الحكومة ستتشكل من «حزب الاشتراكيين الديمقراطيين المستقلين» بقيادة الزعيم الصربي ميلوراد دوديك، و«الحزب الاشتراكي الديمقراطي» بقيادة زلادكو لوجومجيا، و«التجمع الكرواتي الديمقراطي» برئاسة دراغن تشوفيتش، و«حزب العمل الديمقراطي» الذي يرأسه حاليا سليمان تيهيتش، و«الحزب الديمقراطي التقدمي» الذي يقوده المخضرم ملادن إيفانيتش.

ولا يستبعد الأستاذ الجامعي والناشط السياسي، جمال الدين لاتيتش، أن تكون النتائج وما أفرزته وما ستفرزه سياسيا على المدى المنظور «رغبة خارجية أكثر منها داخلية»، معربا عن إحباط الكثير من البوشناق من تهم الراديكالية، وهو ما يعزز هذا الاتجاه للأسف. وتوقع أن ينجح الرئيس باكر علي عزت بيغوفيتش، في امتصاص هذا الانطباع لدى بعض المسؤولين في واشنطن كوزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، وبعض المسؤولين الأوروبيين. وأضاف لاتيتش متسائلا: «بعد زيارتها لسراييفو وبلغراد وبريشتينا الشهر الماضي، قالت كلينتون في بروكسل إنها لا ترغب في رؤية الراديكالية في قلب أوروبا، فهل نحن راديكاليون أم ضحايا حروب الإبادة؟». وأضاف: «الإسلام في أوروبا له أكثر من ألف عام، ويجب الاعتراف به؛ لأن البديل عن ذلك هو محاكم تفتيش وأفران غاز جديدة وكوارث إنسانية في كل مكان». لكنه أثنى على الجهود الأميركية والأوروبية الساعية لإيقاف مساعي زعماء صرب البوسنة عن الانفصال.

وعلى الرغم من أن هناك عدة أحزاب ستشارك في تشكيل الحكومة البوسنية المقبلة، فإن المناصب الوزارية، لا سيما وزارات السيادة (الخارجية والداخلية والمالية والعدل والدفاع)، سيتم تقسيمها بشكل جديد. فقد حصلت خلافات حول مناصب رئاسة الوزراء، والخارجية، بين الأحزاب الصربية والكرواتية والحزب الاشتراكي الديمقراطي، الذي طالب بمنصب رئاسة الوزراء، الذي ينازعه إياه التجمع الكرواتي الديمقراطي، في حين يتطلع الصرب لحقيبة الخارجية. ويرى لاتيتش، المطلع على كواليس اللعبة، أن «الكروات سيحصلون على منصب رئيس الوزراء، والصرب على حقيبة الخارجية، بينما سيحتفظ البوشناق بحقيبتي الداخلية، والمالية، اللتين ظلتا لمدة 15 عاما في يد الكروات، إلى جانب منصب نائب رئيس الوزراء». ولا يعرف من سيتقلد منصب وزير الدفاع الذي يشغله بوشناقي حتى الآن.