وزراء خارجية الدول الأفريقية الأطلسية يحذرون من تنامي تهديدات الجريمة

قالوا في اجتماعهم الثاني في الرباط إن هناك «مخاطر حقيقية» تواجه دولهم

TT

حذر وزراء 23 دولة أفريقية مطلة على المحيط الأطلسي من تنامي «تهديدات حقيقية ومتعددة الأبعاد، تواجه هذه الدول، خاصة في مجالات الجريمة العابرة للحدود وأعمال القرصنة في جميع الأنشطة التجارية». وقال بيان أصدره وزراء خارجية هذه الدول أمس بعد انتهاء أشغال الدورة الثانية في الرباط للمجموعة التي باتت تعرف باسم «الدول الأفريقية الأطلسية»: إن القضايا الاقتصادية والأمن الاجتماعي والبيئي في منطقة المحيط الأطلسي باتت تعرف تعقيدا على نحو متزايد، وعبروا عن قلقهم بشأن مخاطر تواجهها البلدان الأفريقية المطلة على المحيط الأطلسي.

وفي ختام اجتماعاتهم، صادق الوزراء الأفارقة على خطة عمل في مجالات تنموية خاصة مثل «اقتصاد البحر» وما يرتبط به وحماية الموارد البحرية والحوار السياسي والأمن والطاقة والبيئة والشراكة المؤسساتية المحلية وتنسيق القوانين والنصوص القانونية في المجالات الرئيسية. وقالت مصادر دبلوماسية في الرباط: إن الدول الغربية، خاصة واشنطن تشجع هذا التجمع الإقليمي الجديد، على اعتبار أن هذه الدول هي التي تواجه الساحل الشرقي للولايات المتحدة، وترغب واشنطن بصفة خاصة، في تعاون مع هذه الدول في مجال «مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والاتجار بالبشر».

إلى ذلك، قال الطيب الفاسي الفهري، وزير الخارجية المغربي: إن مفهوم الساحل الأطلسي الأفريقي لم يعد مفهوما جغرافيا فحسب، بل تعداه وأصبح يترجم مفاهيم محددة لتعزيز فرص التضامن والتعاون بين دول المنطقة. وأضاف الفهري خلال المؤتمر الوزاري الذي حضره وزراء خارجية دول أفريقية مثل السنغال وغانا والغابون ونيجيريا وغينيا وموريتانيا والكونغو وتوغو، إضافة إلى تمثيل أقل لباقي الدول الأفريقية، أن المؤتمر كان بمثابة فرصة لبحث مصالح دول الساحل والأطلسي الأفريقية، وجعلها تنعم بالسلم والأمن والرخاء. وقال الفاسي الفهري إن الدول التي شاركت في الاجتماع الوزاري للدول الأفريقية المطلة على المحيط الأطلسي: «عملت على وضع خطة عمل شاملة للتعاون والتنسيق في الميادين السياسية والأمنية والاقتصادية والبيئية». وأضاف أن المصادقة على مخطط العمل في هذه المجالات ستخول بث ديناميكية جديدة في المسلسل الأفريقي الأطلسي وتقوية الانخراط الجماعي الذي عبرت عنه الدول المعنية بقوة قبل سنة في اجتماعها الأول بالرباط. ودعا الفاسي الفهري لبث «روح الأطلسي» بشكل أوسع بين رجال الأعمال والمجتمع المدني ووسائل الإعلام.

وشدد الوزراء الأفارقة على ضرورة اعتماد نهج تدريجي من قبل الدول المطلة على المحيط الأطلسي لتحقيق المصالح المشتركة بين هذه الدول، ودعم التوجه نحو السلام والاستقرار والرخاء المشترك بالمنطقة. وأشار الوزراء إلى أن هذا الفضاء يتيح فرصا واسعة للتعاون. ودعا الوزراء إلى مزيد من التشاور والتعاون الاقتصادي، بهدف تنمية الموارد والتنظيم البيئي وتعزيز الأمن الجماعي. وناقشوا الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية وأثرها على الدول الأفريقية المطلة على الأطلسي، وأشاروا إلى أن منطقة الساحل الأفريقي تحتوي على قدر كبير من الموارد المتنوعة تتطلب استغلالا سليما، لمواجهة التحديات التي تواجه البلدان الأفريقية، بما في ذلك البطالة والفقر والتخلف.

يشار إلى أن وزراء الدول الأفريقية بحثوا خلال اجتماع الرباط كذلك سبل إنشاء مؤسسات دائمة لهذا التجمع الإقليمي الجديد في القارة. وقال بيان أصدرته الخارجية المغربية إن لقاء الرباط، عمل على تعزيز الحوار بين هذه الدول من أجل مجابهة التحديات والتهديدات التي تواجهها هذه البلدان.

وقال الفاسي الفهري في وقت سابق: «إن المغرب يعتزم توسيع تعاونه مع الدول الأفريقية، ويأمل، في هذا السياق، في تنظيم حوار رفيع حول دعم الاستثمارات الخارجية في هذه القارة، لذلك اقترح إنشاء تحالف من أجل التنمية الأفريقية، كإطار لتأمين تناسق المبادرات الثنائية والإقليمية والدولية المتعددة الموجهة لأفريقيا». وقال كذلك إن بلاده ستعمل على التعاون مع الدول الأفريقية في مجالات الأمن الغذائي والصحة والتعليم والصيد البحري، وذكر أن هناك 96 اتفاقية وقعت مع الدول الأفريقية، تركز على مسألة فتح المجال للقطاع الخاص المغربي في الاستثمار في الأسواق الأفريقية. وتجدر الإشارة إلى أن هناك عدة أنشطة تتم في هذا المجال، خاصة في مجالات البنوك والتعدين والزراعة والماء والكهرباء والنقل الجوي.

وفي سياق آخر، قال الفاسي حول الوجود العسكري المغربي في الدول الأفريقية: إن هناك 1561 جنديا مغربيا يشاركون في قوات أممية في عدد من الدول الأفريقية، تسهم في حفظ السلام في هذه الدول. وقال الطيب الفاسي الفهري، وزير الخارجية: إن هذه القوات تسهم «في إعادة بناء المؤسسات السياسية والانتقال الديمقراطي في هذه الدول الأفريقية». يشار إلى أن أكبر عدد من القوات المغربية توجد ضمن قوات حفظ السلام الأممية في كوت ديفوار (ساحل العاج)، في حين توجد قوات أخرى في منطقة البحيرات في الكونغو. ويتولى المغرب كذلك تدريب عدد من الضباط الأفارقة في مدارسه وكلياته العسكرية، إضافة إلى توفير حراس شخصيين لبعض القادة الأفارقة، كما هو الشأن في غينيا الاستوائية. يشار إلى أن الدورة الأولى لهذا الاجتماع عقدت السنة الماضية في الرباط، واختير المغرب مقرا دائما لهذا التجمع الإقليمي.