تايلاند ترحل «تاجر الموت» الروسي إلى الولايات المتحدة.. وموسكو تنتقد الخطوة «غير القانونية»

بعد أكثر من عامين على اعتقاله في بانكوك

TT

بعد أكثر من عامين من المماطلة، اختارت تايلاند ترحيل تاجر الأسلحة الروسي فيكتور بوت، المعروف بـ«تاجر الموت»، إلى الولايات المتحدة ليواجه هناك اتهامات بالإرهاب، بعد أن اعتقلته في العام 2008، في خطوة أغضبت روسيا التي وصفت الخطوة بأنها «غير قانونية وأملتها ضغوط غير مسبوقة» من جانب واشنطن. وقال مسؤول تايلاندي في أحد المطارات إن بوت رحل من تايلاند على طائرة مستأجرة متجهة إلى الولايات المتحدة بعد قرار حكومة بانكوك السماح بترحيله، بحسب ما نقلت وكالة «رويترز».

وتسببت قضية بوت البالغ من العمر 43 عاما، بنزاع دبلوماسي بين موسكو وواشنطن طوال العامين الماضيين، وقد حذرت موسكو أمس من أن خطوة تايلاند قد تعيد تعقيد العلاقات مع واشنطن. وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من نيروبي، إن تسليم بوت إلى الولايات المتحدة يمثل «أقصى أنواع الظلم»، وأن روسيا «ستواصل دعمه (بوت) بكل الوسائل». وتعهدت وزارة الخارجية الروسية بـ«اتخاذ الإجراءات الضرورية لضمان الدفاع عن حقوق بوت مواطن الاتحاد الروسي». وقالت في بيان: «من المؤسف جدا أن السلطات التايلاندية رضخت لضغوط سياسية من الخارج ونفذت هذا الترحيل غير القانوني لفي.إيه بوت». وكانت الخارجية الروسية قد قالت في وقت سابق إن قضية ترحيل بوت وراءها دوافع سياسية يمكن أن تضر بتعزيز الروابط الأميركية الروسية وتقوض جهود البيت الأبيض «لإعادة ضبط العلاقات» بين موسكو وواشنطن. ورفض متحدث باسم السفارة الأميركية في بانكوك التعليق على القضية.

وانتقد قنصل روسيا في بانكوك الطابع «السري» لعملية التسليم. وقال القنصل أندري دفورنيكوف لوكالة «إنترفاكس» «لقد تم كل شيء بسرعة فائقة وحتى بطريقة عاجلة وبسرية بحسب انطباعي. وهذا يثير الدهشة». وفي تطور مفاجئ، وافقت الحكومة التايلاندية رسميا على الطلب الأميركي لتسليم بوت مما أزال العقبة الأخيرة أمام ترحيله ومحاكمته أمام محكمة أميركية. وتتهمه واشنطن بتهريب السلاح منذ التسعينات إلى أنظمة دكتاتورية ومناطق صراع في أفريقيا وأميركا الجنوبية والشرق الأوسط. وقام عشرات من رجال الشرطة وقوات الكوماندوز بحراسة سجن بانجكوانج الخاضع لإجراءات أمن مشددة في بانكوك حيث كان بوت محتجزا. ونقل في سيارة فان ترافقها مجموعة من سيارات الأمن.

وكانت محكمة تايلاندية قد أجازت ترحيل بوت لكن السلطة التنفيذية كان يمكنها تعطيل القرار إذا رأت أن ذلك يضر بالعلاقات الخارجية أو يؤذي أفرادا معنيين. وصرح تريرونغ سواناخيري نائب رئيس الوزراء التايلاندي بأنه لا يعتقد أن العلاقات مع روسيا ستزداد سوءا، وأضاف أن تايلاند كانت على اتصال بالدولتين لشرح العملية القانونية. وقال: «مهمتنا كانت أن نقرر ونفعل الصواب. يستحيل إرضاء الجميع». وأضاف: «قرار الحكومة استند إلى حكم المحكمة التي رأت أن القضية ليست سياسية وما من سبب يدعو لعدم ترحيله».

وأفلت بوت من عقوبات الأمم المتحدة والولايات المتحدة لتجميد أمواله والحد من تنقلاته وقال إن الاتهامات الموجهة له من «خيال أميركا»، وأصر على أنه رجل أعمال بريء. وكانت بانكوك تخضع لضغوط مستمرة من قبل كل من الأميركيين الذين كانوا يريدون محاكمة من يصفونه بأنه «أحد تجار الأسلحة الأكثر خطورة في العالم»، والروس المصممين على «بذل كل ما في وسعهم لاسترداده». واعتقل بوت في بانكوك في مارس (آذار) 2008 بعدما التقى عملاء أميركيين ادعوا أنهم قياديون من حركة التمرد الكولومبية «القوات المسلحة الثورية الكولومبية» (فارك). ويتكلم بوت ست لغات واستخدم ما لا يقل عن سبع هويات للقيام بأنشطته.

ويشتبه في أن الروسي الذي استخدم سبعة أسماء مستعارة، كان يستفيد من اللغات الست التي كان يتقنها لتسليم أسلحة ومعدات مختلفة إلى جهات متخاصمة في كافة أرجاء العالم، من الحروب الأهلية الأفريقية إلى التمرد الكولومبي مرورا بالشرق الأوسط. واستوحي فيلم «لورد أوف وور» من شخصية بوت الذي كان بطله الممثل نيكولاس كيدج. وقد يتعرض بوت لعقوبة السجن المؤبد في الولايات المتحدة. وبحسب تقرير للأمم المتحدة، ولد بوت في دوشانبي (طاجيكستان) في 1967 ودرس في المعهد العسكري للغات الأجنبية في موسكو قبل أن يلتحق بسلاح الجو. ونفى على الدوام أنه كان ينتمي إلى الاستخبارات السوفياتية السابقة (كي جي بي).

ووفقا للأمم المتحدة وأجهزة الاستخبارات الغربية، استفاد بوت بعد سقوط جدار برلين من عروض بيع أسلحة سوفياتية في قواعد عسكرية تم هجرها بأسعار بخسة. وأبدع بوت خصوصا عندما قرر ألا يعهد إلى جهة من الباطن مهمة نقل الأسلحة بل أن يؤسس أسطولا من طائرات الشحن. وتقول منظمة العفو الدولية إنه في مرحلة من المراحل كانت لبوت نحو خمسين طائرة في كافة أنحاء العالم. ووصف الصحافي الأميركي دوغلاس فرح الذي أسهم في تأليف كتاب «تاجر الموت»، بوت بأنه «ضابط سوفياتي عرف كيف ينتهز فرصة قدمتها ثلاثة عوامل توفرت مع انهيار الاتحاد السوفياتي وهي طائرات مهجورة على مدارج بين موسكو وكييف، ومستودعات ضخمة من الأسلحة والعتاد كان يحرسها جنود لم يتلقوا أي أجر وزيادة كبيرة في الطلب على الأسلحة».