غيتس: لدينا أدلة على أن خامنئي بدأ يتساءل عما إذا كان نجاد يكذب عليه

وزير الدفاع الأميركي أكد أن العقوبات على طهران بدأت تحدث انقساما.. والخيار العسكري قد يوحد البلاد

TT

أعلن وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس أمس أنه يتوقع أن العقوبات الدولية المفروضة على إيران قد تسبب انقساما داخليا في إيران، في إشارة جديدة إلى تمسك الإدارة الأميركية بالخيار الدبلوماسي لمعالجة ملف إيران النووي، بدلا من التفكير في الخيار العسكري في الوقت الراهن. ويأتي ذلك في وقت تنتظر فيه واشنطن نتائج اجتماع مرتقب الشهر المقبل مع إيران بمشاركة الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا التي تنسقه الممثلة العليا لشؤون السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون.

وتعول إدارة أوباما على أن يقر النظام الإيراني بأن من مصلحته عدم السعي إلى الحصول على سلاح نووي، ولذا تستخدم سياسة العصا والجزرة وتعرض على إيران الحوار، بينما تفرض المزيد من العقوبات الاقتصادية عليها. وقال غيتس: «الحل بعيد الأمد الوحيد لتجنب قدرة نووية إيرانية هو أن يقرر الإيرانيون أن ذلك ليس من مصلحتهم». وأضاف: «كل شيء آخر يعتبر حلا قصير الأمد، حل سنتين أو ثلاث».

وقال غيتس أمس إن العقوبات المفروضة على إيران ربما تسبب انشقاقا بين الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد والزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي. وأضاف في حديث لمجلس إدارة صحيفة «وول ستريت جورنال» المجتمعين في واشنطن: «لدينا بعض الأدلة على أن خامنئي بدأ الآن يتساءل عما إذا كان أحمدي نجاد يكذب عليه بشأن تأثير العقوبات على الاقتصاد.. وما إذا كان يحصل على الرؤية الصحيحة فيما يتعلق بحجم المشكلات التي يعانيها الاقتصاد (الإيراني)».

وكان الحرس الثوري الإيراني، قوات النخبة الموالية للمرشد الأعلى، قد وجه مؤخرا انتقادات غير مسبوقة لأحمدي نجاد، حول صراعه مع مجلس الشورى الإيراني (البرلمان) ومحاولة حكومته إضعاف دور المؤسسة التشريعية من خلال الضغط لتمرير تشريعات سعى النواب الإيرانيون لرفضها، مثل خطة إلغاء الدعم الحكومي.

وتأتي تصريحات غيتس في سياق تأكيد إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما أن الطريقة المثلى لمعالجة الملف النووي الإيراني والمخاوف من طبيعته العسكرية تكون من خلال إجماع دولي على فرض عقوبات شديدة على إيران.

وقال مسؤول أميركي مطلع على الملف الإيراني لـ«الشرق الأوسط»: إن الهدف هو «إحداث تغيير في التصرفات الإيرانية»، وذلك قد يأتي من ضغوط داخلية على أحمدي نجاد للتعاون مع المجتمع الدولي، بعد أن تصاعدت الضغوط على إيران. وقد نجحت الإدارة الأميركية في التوصل إلى اتفاق مع الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن في يونيو (حزيران) الماضي لفرض عقوبات جديدة على إيران بعد سنوات من الخلافات حول طبيعة هذه العقوبات.

وعلى الرغم من أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية لم تؤكد بعد ما إذا كانت إيران قد حصلت على قدرة تطوير سلاح نووي، قال غيتس: «أعتقد شخصيا أنهم عازمون على الحصول على أسلحة نووية، ولكن المعلومات التي حصلنا عليها هي أنهم متفاجئون من تأثير العقوبات». وأخذ الإيرانيون مؤخرا بالشكوى من ارتفاع أسعار المواد الأساسية جراء خطة إلغاء الدعم الحكومي، التي يعتقد أنها جاءت إثر العقوبات الاقتصادية المفروضة على الجمهورية الإسلامية.

وتشدد إدارة أوباما على أهمية العقوبات وتأثيرها، للرد على منتقدين لسياستها الحالية، خاصة من اليمين الأميركي الذي يطالب بخطوات أشد ضد إيران. كما أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كان قد دعا إدارة أوباما مؤخرا إلى توجيه «تهديد ذي مصداقية» باستخدام القوة العسكرية ضد طهران، الأمر الذي رفضه غيتس سابقا وتحدث عنه مجددا أمس. واعتبر غيتس في تصريحاته أمس أن توجيه ضربة عسكرية إلى إيران لن يمنع طهران من مواصلة برنامجها النووي المثير للجدل. وقال غيتس: إن الخيار العسكري لن يوفر «أي حل على المدى القصير» للمشكلة. وأضاف أن ضرب إيران قد يدفع الجمهورية الإسلامية أكثر إلى «إخفاء» أنشطتها، موضحا أنه عند تقييمه أي ضربة عسكرية ضد منشآت نووية إيرانية ستجعل النشاط النووي الإيراني «أعمق وأكثر سرية». وحذر غيتس من أن أي تحرك عسكري ضد إيران سيقوي النظام الإيراني، معتبرا أن ذلك «سيوجد دولة منقسمة ويجعلهم ملتزمين تماما بالحصول على أسلحة نووية».

ومن جهة أخرى، تحدث غيتس عن الحرب المستمرة في أفغانستان، مؤكدا قوة العلاقة مع الرئيس الأفغاني حميد كرزاي. وكان كرزاي قد انتقد بعض السياسات الأميركية العسكرية في الآونة الأخيرة، معتبرا في تصريحات نشرت الأحد الماضي أن صبر الأفغان بدأ ينفد مع الجيش الأميركي. وقال غيتس: «سنواصل الشراكة معه خلال هذا النزاع». وردا على تصريحات كرزاي، اعتبر غيتس أن «الرئيس كرزاي يعكس نفاد صبر بلد عانى من الحرب منذ 30 عاما».

والتقى غيتس أمس مع أوباما لبحث الأوضاع في أفغانستان قبل أن يتوجه أوباما يوم الخميس إلى البرتغال لحضور قمة «الناتو» التي ستركز على قضايا عدة، على رأسها أفغانستان.

وحرص غيتس خلال حديثه مع «وول ستريت جورنال» على الإشارة إلى التقارير التي تفيد باحتمال تقليص متزايد للإنفاق العسكري الأميركي لمعالجة الدين العام الأميركي. وقال غيتس: «عندما نتحدث عن العجز، وزارة الدفاع ليست المشكلة». وكان رئيسا هيئة شكلها أوباما قد أصدرا تقريرا يقترح الحد من الإنفاق العام يصل إلى 200 مليون دولار خلال 5 سنوات، ليأتي نصف هذا المبلغ من الإنفاق العسكري. وعبر غيتس عن رفضه هذه الفكرة، موضحا: «بصراحة، فكرة أن وزارة الدفاع ستتحمل نصف التخفيضات في الإنفاق.. أمر يشكل مشكلة لي».