ميشال أليو ماري.. وجه الجديد للدبلوماسية الفرنسية

ملفات كثيرة تنتظرها في الشرق الأوسط بعد الإخفاقات الفرنسية الأخيرة

TT

جرت في باريس بعد ظهر أمس عملية التسلم والتسليم بين وزير الخارجية المغادر برنار كوشنير وبين الوزيرة الواصلة ميشال أليو ماري التي ينتظر أن تبقى في منصبها الجديد حتى نهاية ولاية الرئيس ساركوزي (الأولى) في ربيع عام 2012.

ومع وصولها إلى الخارجية تكون أليو ماري البالغة من العمر 64 عاما قد جالت على كل الوزارات السيادية بدءا بوزارة الدفاع التي «احتلتها» طيلة ولاية الرئيس السابق جاك شيراك (2002 - 2007)، لتكون بذلك أول امرأة تحتل هذا المنصب الرئيسي ليس فقط في فرنسا بل في كل الدول الغربية الكبرى. ثم بعد انتخاب الرئيس ساركوزي في ربيع عام 2007، أعطيت وزارة الداخلية ومنها انتقلت بعد التعديل الوزاري الأول إلى وزارة العدل لتخلف بذلك الوزيرة رشيدة داتي التي فقدت حظوتها لدى الرئيس ساركوزي ففقدت حقيبتها الوزارية.

وتنتمي أليو ماري إلى التيار الديغولي التاريخي وكانت من المقربين من الرئيس السابق جاك شيراك واحتلت لفترة قصيرة نسبيا منصب أمينة عام الحزب قبل أن يتم دمجه مع أحزاب اليمين والوسط الأخرى ليتشكل بذلك حزب «الاتحاد من أجل حركة شعبية» الحالي.

ووزيرة الخارجية الجديدة التي تصر على أن تسمى بالفرنسية «السيدة الوزير» هي من أكثر الوزراء السابقين والحاليين حملا للشهادات، إذ إنها حائزة على دكتوراه دولة في القانون وكانت أستاذة جامعية قبل أن تدخل عالم السياسة منتهجة بذلك أثر والدها برنار ماري. وساعدها في ذلك علاقتها بأستاذها ميشال أليو الذي كان يشغل في ذلك الوقت مدير مكتب أدغار فور، وزير التعليم وقتها. ولاحقا تزوجت ميشال أليو ماري مع ميشال أليو ليصبح اسمها بعد ذلك ميشال أليو ماري. غير أن زواجهما تفسخ لاحقا. لكنها احتفظت باسم زوجها رغم ارتباطها لاحقا بنائب في البرلمان اسمه باتريك أولييه.

وآخر جديد أليو ماري أنها ورفيق دربها الذي تعيش معه منذ سنوات عينا معا في وزارة فرنسوا فيون الأخيرة: هي وزيرة للخارجية وهو وزير دولة لشؤون البرلمان. وهذه المرة الأولى التي تعرف فيها الجمهورية الخامسة حالة من هذا النوع، مما يعكس قوة أليو ماري وموقعها المتين داخل الحكومة. وللتذكير، فقد سعت الوزيرة إلى الترشح ضد ساركوزي في الانتخابات الحزبية الداخلية، غير أن ميزان القوى كان يميل بقوة لصالح الرئيس الحالي مما حفزها على الخروج من المنافسة، وبعضهم يقول مقابل وعد بوزارة أساسية، وهو ما حصل مع إعطائها وزارة الداخلية.

وكان أوليه احتل لفترة قصيرة جدا رئاسة البرلمان. لكنه خسر المنافسة لاحقا بوجه رئيس البرلمان الحالي برنار أكواييه، مما فهم وقتها على أنه رسالة موجهة لأليو ماري.

وتشكل أليو ماري، التي تحمل صفة وزيرة دولة، وهي تحتل الموقع البروتوكولي الثالث في الحكومة، مع وزير الدفاع الجديد ألان جوبيه، نقطة ارتكاز قوية للتيار الشيراكي في الحكومة. يضاف إليهم من جهة، وزير الخزانة فرنسوا باروان الذي يعد بمثابة «الابن الروحي» لشيراك، ومن جهة ثانية الأمين العام الجديد للحزب الحاكم جان فرنسوا كوبيه الذي كان حتى صباح اليوم رئيس مجموعة نواب الحزب في الجمعية الوطنية.

وترث أليو ماري وزارة تعيش حالة أزمة بسبب الميل الواضح للرئيس ساركوزي ومعاونيه للتدخل في كل شاردة وواردة تتناول السياسة الخارجية لفرنسا. ولقد عانى الوزير كوشنير من ذلك كما عانى من التوجهات الأمنية وسياسة التشدد التي دفع إليها إزاء الغجر ووصل إلى حد الرغبة في الاستقالة. لكن كوشنير كان يتفق مع الرئيس حول التوجهات الأساسية للسياسة الخارجية من التحالف مع واشنطن والعودة الكاملة إلى الحلف الأطلسي والتقارب مع إسرائيل وخلاف ذلك.

أما في العالم العربي الذي لم يتأقلم جيدا مع أسلوب كوشنير الذي وصل إلى الدبلوماسية من العمل الإنساني، فإن أليو ماري تحظى بسمعة جيدة إن في دول الخليج أو دول المشرق والمغرب. ورغم العلاقات المتوترة مع الجزائر فقد قامت بزيارة إلى العاصمة الجزائرية بصفتها وزيرة للعدل ولقيت هناك ترحيبا حارا.

وتنتظر أليو ماري ملفات كثيرة خصوصا في الشرق الأوسط حيث منيت الدبلوماسية الفرنسية بمجموعة من الإخفاقات منها ضياع العقد الكبير مع أبوظبي في ميدان الطاقة النووية السلمية ومنها إلغاء أو تأجيل قمة السلام المصغرة التي كانت منتظرة في باريس الشهر الماضي. وآخرها تأجيل جديد للقمة المتوسطية التي كان من المفترض أن تعقد في برشلونة في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.