عراقيون «ينسون» فرحة العيد وسط المقابر

اختفت الحلوى والمعجنات وحلت محلها الشموع والبخور وماء الورد

عراقيون يزورون قبور موتاهم في مقبرة ببغداد (أ.ب)
TT

كما في الأعياد السابقة نسي العراقيون في أول أيام عيد الأضحى المبارك فرحة هذه المناسبة وشدتهم قبور أبنائهم وذويهم الذين سقطوا ضحايا لأعمال العنف في السنوات الأخيرة. وبدلا من الحلوى والمعجنات، كانت هناك الشموع وماء الورد.

مقبرة وادي السلام في النجف، التي تعد من أقدم المقابر التي ما زال الدفن فيها مستمرا، استقبلت أمس الزوار من داخل وخارج العراق واتشحت باللون الأسود بسبب كثرة زائريها الذين يرتدون ملابس بهذا اللون. وقالت أم سالم، من أهالي بغداد، لـ«الشرق الأوسط»: إن «أغلب الناس توجهوا في العيد إلى المقابر لزيارة موتاهم، وأنا جئت لزيارة ولدي الوحيد الذي قتل في التفجيرات الأخيرة التي ضربت بغداد». وأضافت والدموع تنهمر من عينيها «لا أستطيع أن أصف الحزن والألم في داخلي بسبب فراق ولدي سالم، الذي كنت أحلم بأن يكمل دراسته الجامعية وبزواجه، لكن الإرهاب حال دون تحقيق أحلامي وأحلام ولدي الشاب».

وبدوره، أكد جاسم العزيزي لـ«الشرق الأوسط» أن الإرهاب «ليس وحده الذي جمع الموتى في هذه المقبرة الكبيرة، وإنما قلة المال وعدم التفات الجهات المختصة إلى المرضى الذين يحتاجون معالجة خارج البلاد. وممن راحوا ضحية ذلك والدتي العزيزة ومن أجلها طرقت كل الأبواب من أجل الحصول على مال لمعالجتها، لكن القدر أخذها مني وهي بين يدي».

ولم تخل مقبرة وادي السلام أمس من الزوار العرب، ومنهم جمال محسن الذي قال: «جئت لزيارة قبر والدي الذي دفن هنا منذ عامين»، مضيفا «يبدو أن العيد لم يسر العراقيين بسبب كثرة موتاهم، فقد اختفت القبور وسط الزوار المزدحمين في المقابر».

وكثرت على حافات الطرق المؤدية إلى مقبرة وادي السلام في النجف بسطات بيع البخور والشموع وماء الورد. ويقول أحد الباعة ويدعى أبو نادية إنه استعد للعيد منذ شهر تقريبا، وبدأ بجمع المواد مثل البخور وماء الورد والشموع، مشيرا إلى أن الأرباح التي يجنيها كل عيد تعادل الأرباح التي يجنيها في عام كامل. ويضيف «من الطقوس التي توارثها زائرو المقابر، وضع البخور والشموع وماء الورد على القبور، حيث يعتقد الزوار أنها تنعش المتوفى وتذكره برائحة الحياة التي يأتي منها أقاربه»، مشيرا إلى أن «زائري المقابر هذا العام حرصوا على وضع الورود الاصطناعية على قبور موتاهم، فضلا عن زراعة شتلات الورود وبعض الأشجار المقاومة للعطش بالقرب من قبورهم وتكليف أحد العاملين بمراعاتها بأجور شهرية أو سنوية».