وفاة أقدم برلماني مصري وأبرز رجال الحرس القديم بالحزب الحاكم

مبارك وكبار رجال الدولة تقدموا مشيعي جنازة كمال الشاذلي

TT

توفي، أمس، كمال الشاذلي، الذي يُعد أقدم البرلمانيين بمصر وأبرز قيادات الحرس القديم في الحزب الحاكم، بعد أن شغل لسنوات طويلة موقع وزير البرلمان وعرف بدفاعه القوي عن الحكومة من خلال عمله السياسي الذي بدأه منذ أكثر من نصف قرن، وعاصر من خلاله الرؤساء المصريين الذين جاءوا بعد ثورة يوليو (تموز) عام 1952 حتى وافته المنية بالأمس بعد صراع مع المرض، حيث كانت آخر المواقع التي شغلها رئاسة المجالس القومية المتخصصة وعضوية الهيئة العليا للحزب الحاكم إضافة لعضويته في البرلمان.

وتقدم الرئيس المصري حسني مبارك وكبار رجال الدولة مشيعي جنازة الشاذلي بعد إقامة صلاة الجنازة، عقب صلاة الظهر، أمس، بمسجد رابعة العدوية بمدينة نصر شرق القاهرة.

وقالت أسرته إن جثمانه سيدفن في مدفنه الخاص الذي بناه مؤخرا بجوار مسجد آل الشاذلي بمدينة الباجور بمحافظة المنوفية شمال العاصمة المصرية.

ولعب الشاذلي، مع الأمين العام الحالي للحزب الحاكم رئيس مجلس الشورى صفوت الشريف، دورا كبيرا في إدارة حوار مع أحزاب المعارضة كان فريدا من نوعه في عام 2005، أسفر عن تقديم الرئيس مبارك طلبا للبرلمان لتعديل مادة في الدستور تجعل اختيار رئيس الدولة من بين أكثر من مرشح عبر انتخابات عامة، بدلا من المادة الدستورية التي كانت تعطي للبرلمان وحده اختيار رئيس وطرح اسمه للاستفتاء الشعبي بلا منافس.

وكان كمال الشاذلي، البالغ من العمر 76 عاما، قد عاد أخيرا لمصر من رحلة للعلاج أجرى خلالها جراحة في الجهاز الهضمي بمستشفي كليفلاند بالولايات المتحدة الأميركية، وبدا في أول ظهور له أمام الناخبين في دائرته الانتخابية بالدلتا المصرية فاقدا لكثير من وزنه، ومحاولا طمأنة مؤيديه إلى فرص شفائه.

وبوفاة الشاذلي يكون الحزب الحاكم قد خسر المقعد البرلماني عن دائرة الباجور في الانتخابات المقرر لها 28 من الشهر الحالي، وذلك بعد أن ظل الشاذلي يترشح على هذا المقعد طوال 47 عاما. وأعلن الحزب الحاكم أمس إنه لم يعد في إمكانه تقديم مرشح جديد، بعد أن أغلقت اللجنة العليا للانتخابات باب تقديم الأوراق.

وصرح أمين الحزب الحاكم بالمنوفية، الدكتور مغاوري شحاتة دياب، بأن الحزب فقد المنافسة على مقعد الفئات بدائرة الباجور بعد وفاة الشاذلي، وأن المنافسة على هذا المقعد ستقتصر على ثمانية مرشحين، بينهم سبعة مستقلون ومرشح لحزب الوفد المعارض.

ونعى الأزهر ومجلسا البرلمان ومجلس الوزراء والحزب الحاكم الفقيد الذي أمضى جل حياته في العمل السياسي، وقال الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر: «إننا ننعى إلى الشعب المصري السيد كمال الشاذلي، الذي كانت بيني وبينه صداقة عميقة». في حين وصفه رئيس مجلس الوزراء المصري الدكتور أحمد نظيف بأنه «كان من رجال مصر المخلصين، ومن البرلمانيين الذين يشهد لهم بالكفاءة.. أفنى عمره كله في خدمة مصر كنائب عن الشعب، فهو لم يكن نائبا عن دائرته فقط بل كان نائبا عن مصر كافة، وكانت له آراء سديدة، وكان حكيما، ويحترم الرأي والرأي الآخر».

وأضاف رئيس مجلس الشعب الدكتور فتحي سرور: «لقد فقدت الأمة سياسيا بارعا أسهم في الحياة الحزبية والسياسية مساهمة كبيرة.. فقدانه خسارة كبرى للحزب، ولمصر كلها، فمهارته وقدراته الكبرى جميعنا نعترف بها».

وقال الحزب الحاكم على موقعه على الإنترنت صبيحة يوم عيد الأضحى أمس: «انتقل كمال الشاذلي إلى رحمة الله بعد صراع طويل مع المرض». وأضاف أن الشاذلي يعد «أقدم برلماني على مستوى العالم، حيث انتخب عضوا في مجلس الأمة لأول مرة في عام 1964 وعمره ثلاثون عاما، أي منذ ما يقرب من 46 عاما، وظل نائبا لدائرته الباجور بلا انقطاع حتى وفاته».

وعرفت الحياة السياسية المصرية كمال الشاذلي منذ وقت مبكر من حياته، حيث شغل منصب أمين عام الاتحاد الاشتراكي في محافظة المنوفية، وشارك في تأسيس الحزب الوطني الديمقراطي (الحاكم) مع الرئيس المصري الراحل أنور السادات في أواخر سبعينات القرن الماضي. كما اختير زعيما للأغلبية بمجلس الشعب، وحظي بشهرة واسعة من خلال تصديه لقوى المعارضة اليسارية والإسلامية التي كانت تعارض سياسات الدولة في الإصلاح الاقتصادي والسياسي، بما فيها قرار الصلح مع إسرائيل.

وتولى الشاذلي منصب وزير الدولة لشؤون مجلسي الشعب والشورى (البرلمان) من عام 1993 إلى عام 2005، وهي مسؤولية كانت تحتم عليه التصدي اليومي، بكل ما أوتي من خطابة وحجج، لدحض انتقادات المعارضة للحكومة والحزب الحاكم في البرلمان، كما شغل لسنوات موقع الأمين العام المساعد بالحزب الحاكم وأمين التنظيم فيه.

وخرج الشاذلي من موقع أمين التنظيم بالحزب الحاكم في عملية سياسية أثارت جدلا واسعا تخص إحلال عناصر من الجيل الجديد في الحزب بعناصر أخرى مما عرف بالحرس القديم منذ نحو خمس سنوات، إلا أن خبرة الشاذلي جعلت الحزب يعيده إلى صفوفه القيادية من خلال ضمه للهيئة الحزبية العليا المعنية باختيار مرشح الحزب الحاكم لخوض انتخابات الرئاسة. وقال النائب عن الحزب الحاكم، عاطف الحلال، الشريك السياسي للشاذلي على مقعد العمال في دائرة الباجور إن الشاذلي تعرض لهبوط في الدورة الدموية نُقل على أثرها إلى المستشفى قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة في الساعات الأولى من حلول فجر عيد الأضحى. وأضاف المهندس سامي عمارة محافظ المنوفية أن الفقيد كان مثالا للعطاء وبرلمانيا ناجحا استطاع حل الكثير من المشكلات.