الرباط تكشف النقاب عن تفاصيل جديدة عن «أحداث العيون»

الشرقاوي: حصيلة الأحداث 10 قتلى من رجال الأمن ومدنيان

TT

أكدت السلطات المغربية أن قوات الأمن التي اقتحمت مخيم «كديم إزيك» في مدينة العيون (كبرى مدن الصحراء) في الأسبوع الأول من هذا الشهر لم تطلق رصاصة واحدة، وهو مما أدى إلى سقوط 10 قتلى في صفوف قوات الأمن ومقتل مدنيين اثنين فقط، أحدهما دهسته سيارة والآخر تعرض لاختناق رئوي، في حين جرح 70 من رجال الأمن.

وكشف مسؤولان حكوميان بارزان النقاب عن تفاصيل جديدة حول أحداث العيون خلال ندوة صحافية عقدت الليلة قبل الماضية في الرباط.

وفي هذا السياق، قال الطيب الشرقاوي وزير الداخلية إن السكان الذين كانت لهم مطالب اجتماعية أصبحوا رهائن داخل المخيم لمجموعة من أصحاب السوابق القضائية اشترطوا أن تلتزم السلطات بإسقاط متابعات قضائية صدرت ضدهم للخروج من المخيم، وكذلك عصابات تهريب طالبوا بإلغاء مذكرات البحث عنهم وإطلاق سراح أفراد من مجموعاتهم كانوا معتقلين، في حين «أصبحت الفئات التي لديها مطالب اجتماعية رهينة لهذا الوضع ومغلوبة على أمرها، وهي الفئة التي استخدمت تلك العصابات العنف ضدها» على حد قوله. وقال الشرقاوي إن قوات الأمن كانت في وضعية صعبة للدفاع عن النفس حيث استعملت العصي ودروع الوقاية وخراطيم المياه لتفريق المحتجين وبعد ذلك المتظاهرين في شوارع مدينة العيون.

ووزع شريط على المراسلين يشتمل على بعض وقائع ما جرى، واشتمل الشريط على مشاهد مروعة وأخرى مقززة، حيث تبين إحدى اللقطات عملية ذبح أحد الجنود، ومشهد جندي آخر ظل يرشق بالحجارة حتى الموت. وقال الشرقاوي «استعملت الميليشيات الحجارة والزجاجات الحارقة وقنينات الغاز والسلاح الأبيض، وهي أساليب غريبة وهمجية لم يسبق أن عرفها المغاربة من قبل» على حد تعبيره. وقال أيضا «تلك العصابات استعملت سيارات رباعية الدفع تسير بسرعة مذهلة لدهس قوات الأمن، والانتقال في عدة أماكن لإضرام النيران، كان أشخاص معينون ومعروفون بسوابقهم ومدججون بسيوف وسكاكين خلالها يزرعون الرعب بين السكان ويمارسون القتل بدم بارد في صور تحيل إلى كون أولئك الأشخاص لا يمكن إلا أن يكونوا مدربين وسبق أن مارسوا التقتيل» على حد اعتقاده. وقال المسؤول المغربي إن المتظاهرين نقلوا المواجهات إلى العيون وأضرموا النار في المنشآت الحكومية وألحقوا أضرارا بممتلكات الناس كما حاولوا إضرام النار في مقر قناة تلفزيون العيون. وقال الشرقاوي إن وزارة الداخلية شكلت في البداية لجنة ثلاثية مكونة من السلطات المحلية وشيوخ القبائل وممثلين للمخيم التي أطلق عليها «تنسيقية المخيم» بغرض الاستجابة لمطالب السكان، لكن عناصر ملثمة اعترضت هذه اللجنة ومنعتها من دخول المخيم وطلبت منها العودة إلى حين وصول أعضاء من ممثلي المخيم، وبعد انتظار زاد على ثلاث ساعات، حضر خمسة من ممثلي المخيم وأخبروا الوفد بضرورة الانتظار إلى حين وصول كافة الأعضاء وهو ما لم يتم. وقال إن والي جهة العيون مع اثنين من كبار موظفي الداخلية، رفقة بعض الشيوخ وبعض أعضاء المجالس البلدية والبرلمان انتقلوا بعد ذلك إلى المخيم للبدء في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه بين وزير الداخلية و«تنسيقية المخيم» وذلك لتدقيق إحصاء السكان والاستجابة لمطالبها والشروع في تفكيك المخيم، مشيرا إلى أنه كلما تقدم الحوار كانت «تنسيقية المخيم» تتنصل من الالتزام بما تم الاتفاق عليه، وتنتقل إلى مرحلة جديدة بهدف استفزاز قوات الأمن ودفعها للقيام بتدخلات قد تؤدي إلى انفجار أحداث العنف ووقوع ضحايا بين السكان. وأشار الطيب الشرقاوي إلى أن صحافيين أحدهما يعمل في وكالة «رويترز» والثاني مع أسبوعية «جون أفريك» تم استنطاقهما من طرف ميليشيات أصبحت تتحكم في المخيم، كما تم منع صحافيين مغاربة وأجانب من دخول المخيم. وقال الشرقاوي «كان المخيم يضم عدة فئات، من بينهم فئات لها مطالب اجتماعية، لكن كان هناك أيضا مهربون وأصحاب سوابق قضائية، وفئات من الانتهازيين ومجموعة أخرى لها أجندة سياسية خارجية، سيطروا على سكان المخيم وأصبحوا يتعاملون بروح عدائية مع السلطات المحلية».

وبشأن تداعيات الأحداث، قال المسؤول المغربي إنه قد تم تقديم 77 شخصا للقضاء، مشيرا إلى أن 13 شخصا من بين هؤلاء لهم سوابق قضائية، في حين أحيل 6 منهم على المحكمة العسكرية، وتقرر اعتقال 7 أشخاص احتياطيا.

ومن جانبه قال الطيب الفاسي وزير الخارجية إن أحداث مخيم «كديم إزيك» تدل على «إصرار الطرف الآخر على محاولة تسميم مناخ المفاوضات»، مشددا على الطابع السلمي لتدخل قوات الأمن التي استعملت وسائل تراعي الحفاظ على الأرواح خلال عملية تفكيك المخيم خلافا للادعاءات والأكاذيب التي تم الترويج لها في عدة وسائل إعلام أجنبية» على حد قوله. وقال الفاسي الفهري إن الجزائر والبوليساريو «اختارا بعناد استراتيجية تقوم على التمويه بخصوص مسلسل المفاوضات» على حد تعبيره. وقال أيضا إن الجانبين (الجزائر والبوليساريو) نهجا أسلوب التمويه من خلال إثارة قضايا حقوق الإنسان تارة واستغلال الثروات الطبيعية في الصحراء تارة أخرى لتفادي مفاوضات حقيقية، لكن الفاسي أشار إلى أن «المغرب متشبث بتطبيع علاقاته مع الجزائر، وفتح حوار جاد مع هذا البلد وإقرار تعاون مثمر، عن طريق تعزيز العلاقات الثنائية وبناء الصرح المغاربي».

وبشأن ما طلبته الحكومة الإسبانية من توضيحات حول أحداث العيون، قال الطيب الفاسي «المغرب بلد ذو سيادة يتعامل على هذا الأساس، وأطلع المغرب السفارات على تطور الوضعية منذ اليوم الأول حين بدأت هذه القضية»، مشيرا إلى أن أي بلد في العالم لا يتسامح مع أي أحد كيفما كان ليصب الزيت على النار من خلال التدخل في شؤونه الداخلية.

وبشأن المحادثات غير الرسمية التي جرت في ضاحية مانهاست قرب نيويورك في مطلع هذا الشهر وتزامنت مع أحداث العيون، قال الفاسي إن الوفد المغربي أقنع كريستوفر روس المبعوث الأممي بضرورة إعطاء دينامكية جديدة بوتيرة سريعة لعملية التفاوض، مؤكدا أن المغرب سيواصل المفاوضات.

وفي موضوع آخر، قال الفاسي إن المغرب لم يكن «بأي حال من الأحوال مسؤولا عن انقطاع برنامج تبادل الزيارات العائلية بين العائلات الصحراوية التي توجد في المدن الصحراوية أو تلك التي توجد في تندوف (جنوب غربي الجزائر) حيث يوجد مقر جبهة البوليساريو».