الإسلام.. في الانتخابات التشريعية في أوكلاهوما

المرشح الجمهوري اتهم خصمه الديمقراطي بمحاولة تطبيق الشريعة في الولاية

TT

توقع كوري ويليامز النائب الديمقراطي عن أوكلاهوما، من خصمه في الانتخابات الأخيرة، أن يصفه بالليبرالي المتحالف مع الرئيس باراك أوباما. لكن ما لم يتوقعه ويليامز أن يتهم بمحاولة إخضاع أبناء أوكلاهوما إلى الشريعة الإسلامية. كان ويليامز من بين 10 ديمقراطيين صوتوا ضد القيام بتعديل في دستور الولاية يحظر على قضاة الولاية الأخذ بالشريعة الإسلامية أو القانون الدولي خلال النظر في القضايا، معتقدا أن ذلك الأمر غير ضروري لأن التعديل الأول يمنع ذلك بالفعل.

أرسل منافسه رسائل بريدية يبدو فيها ويليامز واقفا إلى جوار شخصية غامضة ترتدي غطاء الرأس الإسلامي. على الجانب الآخر، قال البريد إن ويليامز رغب في السماح باستخدام الشريعة الإسلامية في محاكم أوكلاهوما، وأنه كان عضوا في حركة دولية تدعم المقاتلين الإسلاميين والليبراليين في إقامة الشريعة الإسلامية في العالم. وقال: «تحولت في نهاية الأمر إلى مصدر للخوف».

فاز ويليامز بفارق 280 صوتا لكن زملاءه الديمقراطيين فشلوا في الحفاظ على مقاعدهم، وتم تمرير التشريع بنسبة 70 في المائة من الأصوات وأسهم في تحقيق رقم قياسي في معاقل الجمهوريين. فهذه هي المرة الأولى في ولاية التي يتمكن فيها الجمهوريون من السيطرة على مكتب الحاكم والحصول على أغلبية في التصويت في كلا المجلسين. أما الولايات الأخرى التي تمكن الجمهوريون فيها من السيطرة على كل مقاعد الحكومة في هذه الانتخابات، فكانت ألاباما وإنديانا وكنساس وماين وميتشغان وأوهايو وبنسلفانيا وتينيسي وويسكنسون ووايومنغ.

فقد العديد من المحافظين الديمقراطيين من المناطق الريفية في أوكلاهوما، يدق ناقوس انتهاء سيطرة الديمقراطيين، الذين يسيطرون على مجلسيها منذ ثلاثينات القرن الماضي. ويتوقع السياسيون من كلا الحزبين أن يبدأ العمل العام المقبل بمجموعة كبيرة من مشاريع القوانين المحافظة التي اعترض عليها الحاكم السابق براد هنري، الديمقراطي المعتدل، إلى جانب عدد قليل من القوانين الجديدة.

ولم تكن ماري فالين، عضو الكونغرس السابقة، الجمهورية الوحيدة التي تنتخب لمنصب حاكم الولاية، بل إن هناك أيضا عددا من المحافظين المتشددين المتحالفين مع المشرعين الجمهوريين اليمينيين الذين يطلقون على أنفسهم تجمع الحرية. وصادق الناخبون خلال الاقتراع السري على عدد من القضايا والإجراءات المحافظة التي لم تكن لتحظى سوى بفرص نجاح ضئيلة في ظل قيادة هنري.

هذه المبادرات تظهر مدى الانتصار المحافظ هنا وعن كيفية تحول القلق بين بعض الناخبين بشأن الهجرة غير الشرعية والمسلمين إلى سلاح سياسي فاعل. فعلى سبيل المثال، وافق الناخبون بأغلبية مطلقة على قرار جعل اللغة الإنجليزية اللغة الرسمية للولاية، وشرط الحصول على هوية مصورة خلال الانتخابات. ويرى الديمقراطيون أن كلا الإجراءين يجعل من الصعب على المهاجرين من أصول لاتينية التصويت أو الالتحاق بالمدارس وأنهم نجحوا في وقفهم في الماضي.

كان الصدام الثقافي أوضح ما يكون بين الحزبين خلال التصويت على التعديل الخاص بالشريعة الإسلامية أكثر من أي شيء غيره، وهو ما وضع الديمقراطيين ذوي التوجهات العلمانية في صراع مع المسيحيين المحافظين الذين يشكلون العمود الفقري للحزب الديمقراطي. يعترف مناصرو التعديل أن أيا من محاكم الولاية لم تشهد تقديم أدلة من الشريعة الإسلامية، لكنهم أشاروا إلى واقعة حدثت في نيوجيرسي والتي أخذ فيها القاضي بالشريعة الإسلامية في رفض أمر اعتقال من امرأة مغربية قالت إن زوجها السابق اغتصبها على الرغم من زواجهما، لكن هذا القرار نقض فيما بعد.

وأشاروا أيضا إلى أن محاكم الشريعة الإسلامية التي أقيمت في إنجلترا، تحظى بالسلطة بموجب قانون 1996 على العمل في إنهاء النزاعات المدنية للمسلمين، شريطة أن توافق كل الأطراف على القبول بقراراتها. ووصف المقترح الرئيس للقانون، ريكس دنكان، النائب في مجلس الولاية، المشرع الجمهوري، مشروع القانون بأنه «خطوة استباقية».

قبل التصويت وصف دنكان المحاكم الإسلامية في بريطانيا بـ«السرطان»، وتوقع أن «يتوجه المسلمون إلى الولايات المتحدة لاختطاف الحريات والحرية من أطفالنا». إنها حرب الثقافة. في عام 2007 رفض دنكان هدية كانت عبارة عن نسخة من القرآن من مجلس قام بتشكيله هنري قائلا: «غالبية أبناء أوكلاهوما لا يقرون قتل الأبرياء من النساء والأطفال باسم العقيدة». وكان دنكان الذي قد فاز من قبل في سباق محموم على منصب المدعي العام في مقاطعات أوساغي وباوني، وقد أكسبته رعايته للتعديل الفوز هناك، على حسب قول مستطلعي الرأي والسياسيين. وقد دفعت مبادرة التصويت بالناخبين الجمهوريين إلى صناديق الانتخابات.

وقال عضو مجلس الولاية ولانس كولينز، النائب الديمقراطي من نورمان الذي خسر السباق بفارق ضئيل: «لقد كان خطابه تهييجيا ودفع الناس إلى المشاركة، وقد لعب ذلك في صالحه». في اليوم التالي للانتخابات قام مدير المجلس المحلي في مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية نهاد عوض، بتحريك دعوى قضائية، أكد فيها أن التعديل انتهك الحريات الدينية التي كفلها الدستور الأميركي، لأنه خص الإسلام والشريعة الإسلامية تحديدا دون حظر أي قانون ديني آخر. وهو ما ساعد على رفض الولاية للإسلام.

وقد وافقت القاضية فيكي مايلز لا غرانغ من محكمة المقاطعة الفيدرالية يوم الاثنين الماضي على قبول شكوى عوض، مشيرة إلى أن الهدف الرئيس من التعديل منع الدين. وقد أوقف بصورة مؤقتة شهادة نتائج الانتخابات وحددت جلسة استماع الأسبوع المقبل. خارج قاعة المحكمة قال دنكان إن قرار المنع يلغي إرادة الشعب، مشيرا إلى أن التعديل لم يكن يهدف إلى مهاجمة المسلمين لكنه كان محاولة لمنع ما سماه القضاة الناشطون من استخدام الشريعة الإسلامية في إصدار الأحكام في بعض القضايا.

وقد بدأ أساتذة القانون في إثارة بعض التساؤلات حول العواقب العرضية للتعديل، لأنه سيمنع المحاكم أيضا من استخدام أو دراسة القانون الدولي، وهو ما قد يعطل إجراءات التعاقد بين شركات أوكلاهوما والشركات الدولية. وأن التعديل ربما يمنع القضاة أيضا من الإشارة إلى الوصايا العشر أو اعتبار القانون العام الإنجليزي في أحكامهم. وقال هاري تبكر، أستاذ القانون في جامعة أوكلاهوما: «أنت ترمي بسلسلة غير مفهومة من الكلمات في دستور الولاية، ولا تدري ما سيحدث. إنها فوضى».

بدأت فالون، التي تلقى دعما قويا من الشركات، في التراجع عن التعديل على الرغم من دعمها القوي له، فيقول إليكس ونتز، المتحدث باسمها: «إنه قرار يجب أن تلتقي بشأنه بالمدعي العام للولاية والبحث في التفاصيل القانونية للقرار». ويقول قادة المسلمين في الولاية إن التعديل جاء أشبه بصفعة على الوجه، ويبدو قلقا من عدم صحة عقود الزواج والطلاق والعقود - التي غالبا ما يعقدها الأطراف وفق الشريعة الإسلامية ثم تقدم إلى المحكمة للتصديق عليها - بعد الآن. وعادة ما يتبع اليهود والكاثوليك نفس الإجراء في الأمور المدنية.

لكن العديد من المسلمين قالوا إنهم أكثر قلقا بشأن حالة العداء للمسلمين التي أدت إلى تمرير التعديل. أقيم التصويت في أوكلاهوما في أعقاب حالة من الجدل حول خطة راعي كنيسة حرق القرآن في فلوريدا والمعارضة القوية لبناء مركز إسلامي بالقرب من غراوند زيرو في مانهاتن.

وقد أغرقت المساجد الكبيرة في أوكلاهوما سيتي وتوسلا بطوفان من الرسائل التي تفيض بالكراهية منذ رفع الدعوى، ومن بينها شريط فيديو لشخص يهدم مسجدا، على حسب قول أحد قادة الجالية الإسلامية في الولاية.

وقال عوض، من مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية: «باتت ظاهرة الإسلاموفوبيا منتشرة إلى حد بعيد، ومن خلال الخوف والكراهية يمكنك الحصول على قدر كبير من الدعم». بيد أن السياسيين الداعمين للتعديل يرفضون الاتهامات بإشاعة الخوف. ويقول نائب الولاية مايك رينولدز، النائب الجمهوري الذي صاغ مشروع القانون: «قامت أميركا على مبادئ المسيحية اليهودية - هذه هي قوانين دولتنا، وهناك من يحاول إنكار ذلك. أعتقد أن هناك صحوة بين الأفراد الذين يشعرون بالقلق إزاء القيم المسيحية في دولتنا، وقد بدأوا في التعبير عن أنفسهم».

* خدمة «نيويورك تايمز»