كرزاي يدعو طالبان مجددا للحوار على الرغم من رفض الملا عمر

مقتل مرشح ورئيس بلدية.. وماكين ينصح أوباما باختيار عام 2014 للانسحاب

TT

دعا الرئيس الأفغاني حميد كرزاي بمناسبة عيد الأضحى أمس، مجددا حركة طالبان إلى البدء في محادثات سلمية معه، وذلك على الرغم من الرفض الحازم الذي أبداه الزعيم الروحي للحركة الملا عمر، أول من أمس لحوار كهذا. وقال كرزاي إثر صلاة العيد: «بمناسبة هذا اليوم المبارك في عيد الأضحى، أدعو مرة أخرى من يريد من مواطني المستائين، الانضمام إلى جهود السلام».

وكان الملا عمر زعيم حركة طالبان الفار منذ نهاية 2001، قد أكد مجددا رفضه أي حوار سلمي، طالما لم تغادر القوات الأجنبية التي تدعم حكومة كرزاي البلاد، وهو موقف لم يغيره المتمردون الذين توجه إليهم الدعوات السلمية منذ سنوات.

وفي هذا البيان الذي نشر هو الآخر بمناسبة عيد الأضحى، نفى الزعيم الروحي لطالبان الملا عمر أن يكون قد بدأ أي حوار بين كابل والمتمردين، كما ذكر في مقالات صحافية عدة.

وقال الملا عمر بشأن الحكومة الأفغانية وحلفائها الأميركيين والحلف الأطلسي الذين أطاحوا بنظامه بسبب علاقاته مع تنظيم القاعدة في نهاية 2001: «إن العدو نشر شائعات خاطئة بشأن محادثات سلام» لإخفاء هزيمته أمام طالبان.

وتأتي هذه التصريحات قبل بضعة أيام من قمة للحلف الأطلسي مخصصة لبحث استراتيجية القوات الدولية في أفغانستان يومي الجمعة والسبت في لشبونة. وسيبحث خلالها الحلفاء نقل مسؤولية الأمن إلى الجيش والشرطة المحليين، للسماح بسحب تدريجي لقواتهم البالغ عددها 150 ألف جندي من الآن وحتى بضع سنوات.

وقد وضعت كابل والمدن الأفغانية الرئيسية الأخرى تحت رقابة مشددة وكثفت القوات الأمنية عمليات تفتيش السيارات ومراقبة الهويات. وبقيت العاصمة الأفغانية نسبيا بمنأى عن موجة أعمال العنف التي شهدتها البلاد في الأسابيع الأخيرة، باستثناء الاعتداء الانتحاري الفاشل الجمعة الماضي الذي استهدف قافلة للقوات الأفغانية والحلف الأطلسي.

إلى ذلك، قال عبد الرحمن أقتاش، مدير المخابرات بإقليم قندوز في شمال أفغانستان: إن قنبلة مزروعة في مقبرة في شمال البلاد انفجرت وقتلت أحد مرشحي الانتخابات البرلمانية الأفغانية التي جرت في سبتمبر (أيلول)، وشرطيا متقاعدا، وأصابت خمسة بينهم رئيس بلدية، أمس.

وأضاف أن الانفجار وقع في منطقة خان آباد بإقليم قندوز في شمال البلاد. ووصلت أعمال العنف في أفغانستان بالفعل إلى أسوأ مستوياتها منذ أن أطاحت القوات الأفغانية بدعم أميركي بحركة طالبان من السلطة في نهاية عام 2001، إلا أن زيادة الهجمات خلال الأيام القليلة الماضية من شأنها أن تكون رسالة إلى زعماء دول حلف شمال الأطلسي قبل قمة مقررة الأسبوع الحالي.

ومن جهة أخرى، نصح السيناتور الجمهوري جون ماكين، الرئيس الأميركي باراك أوباما باختيار عام 2014 كتاريخ «لانسحابات مهمة» للقوات الأميركية من أفغانستان، مؤكدا أن انسحابا سابقا لأوانه يشكل «خطأ جسيما»، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

وفي كلمة أمام مجموعة من معهد «فورين باليسي إنيسياتف»، قال ماكين: «كما تعلمون، سيكون هناك تشخيص في ديسمبر (كانون الأول)، وأيضا اجتماع في لشبونة (للحلف الأطلسي)».

وأضاف «يمكن للرئيس أن يؤكد في هذا الوقت.. أن انسحابا في منتصف 2011 ما هو إلا خيار، ولكن عام 2014 فعلا هو العام الذي نتوقع فيه حصول انسحابات مهمة». وكان أوباما قد أعلن في ديسمبر 2009 عن استراتيجية جديدة في أفغانستان، تتضمن إرسال 30 ألف جندي إضافي، قبل بدء الانسحاب في يوليو (تموز) 2011. وقال ماكين الذي خاض الانتخابات الرئاسية ضد أوباما عام 2008، وزار أفغانستان مؤخرا: إنه خلال هذه الزيارة التقى زعيم ولاية، وقال له هذا الأخير: «نعتقد أنه من الممكن جدا أن ينسحب الأميركيون وأن طالبان يقولون إنهم سيقطعون رؤوس الذين تعاونوا مع الولايات المتحدة». واعتبر ماكين أن الأمر «مشكلة كبيرة». وأشار ماكين إلى كتاب الصحافي الأميركي بوب وورد، الذي أورد فيه أن الرئيس اتخذ قراره بسحب القوات الأميركية من أفغانستان، كي لا ينقطع عن قاعدته. وأضاف ماكين: «على الرئيس ألا يأخذ قرارات، عندما نرسل شبانا وشابات إلى النار، استنادا إلى اعتبارات سياسية».

ومن جهتها نفت الولايات المتحدة أمس ما يتردد عن وجود خلافات متزايدة مع كرزاي بشأن استراتيجية الحرب، لكنها أقرت بشعوره بالإحباط تجاه تلك الحرب التي طال أمدها. وكان كرزاي قد انتقد في مقابلة مع صحيفة «واشنطن بوست» نشرت مؤخرا استخدام القوات الأميركية أسلوب غارات العمليات الخاصة، وقال إن الولايات المتحدة في حاجة لخفض كثافة عملياتها العسكرية.

وأثارت تلك التصريحات القلق لدى الولايات المتحدة، حيث أمر الرئيس باراك أوباما في ديسمبر (كانون الأول) الماضي بإرسال قوات إضافية، قوامها 30 ألف رجل إلى أفغانستان من أجل ممارسة مزيد من الضغط العسكري، على مسلحي طالبان.

وقال وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس، أمس في حديث لمجلس إدارة صحيفة «وول ستريت جورنال»: «رأيي أنه يعبر عن إحباط زعيم بلد يخوض شعبه حربا لفترة طويلة»، مشيرا إلى أن أفغانستان في حالة صراع بالفعل لنحو ثلاثة عقود. وأشار غيتس إلى رغبة كرزاي الشديدة في انتقال الولايات المتحدة تدريجيا إلى دور داعم، حيث يركز الوجود الأميركي على جهود التنمية وبناء الطرق ونظم الري، مثلما كان في الخمسينات والستينات. وقال غيتس: «نحن نشاركه هذه الرغبة. المشكلة أننا لا يمكن أن ننتقل من هذا الأمر إلى ذاك غدا». وأضاف «أعتقد أنه (كرزاي) يدرك في حقيقة الأمر ما يتعين علينا القيام به، كي تصل أفغانستان إلى هذه النقطة».

وردا على سؤال عما إذا كانت الضغوط السياسية على كرزاي تخلق هذا التباعد مع الولايات المتحدة، قال غيتس: «أعتقد أننا سنكون على ما يرام».

ويقول قادة ميدانيون من الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي إن تكثيف العمليات العسكرية في أفغانستان عطل قوة طالبان في الحرب المستمرة منذ تسع سنوات، وإن كان العنف في أعلى مستوياته منذ الغزو، الذي قادته الولايات المتحدة عام 2001.

ويؤكد مسؤولون أميركيون وآخرون من الدول الحليفة بشكل متزايد على خطط كرزاي بتولي مسؤولية أمن بلاده بحلول عام 2014. ومن المتوقع أن تدعم قمة لحلف شمال الأطلسي تعقد في لشبونة نهاية الأسبوع، هدف كرزاي الذي وصفه غيتس في الآونة الأخيرة بأنه واقعي.