باريس تتهم عناصر أمن إيرانية بالتهجم على ضيوف سفيرها في طهران

إيران تحث رعاياها على عدم السفر إلى كندا وتتهم السلطات هناك بـ«ممارسات تمييزية»

TT

قد تتجه طهران، التي لديها خلافات مع الغرب، إلى أزمة دبلوماسية جديدة وهذه المرة مع فرنسا، التي أدانت أمس أعمال عنف ارتكبها «رجال أمن غير محددين» عند مدخل مقر سفيرها في طهران، كما استدعت الممثل الإيراني في باريس لتعبر عن احتجاجها. وجاء ذلك بينما نصحت الجمهورية الإسلامية رعاياها بعدم السفر إلى كندا وعزت ذلك إلى «ظاهرة معاداة الإسلام في هذا البلد وإهمال الحكومة الكندية لحقوق الرعايا الإيرانيين».

وقال المتحدث باسم الخارجية الفرنسية برنار فاليرو، إن «حوادث خطيرة جدا» وقعت الأحد الماضي «عند مدخل مقر (سفير) فرنسا في طهران». وأوضح أن «أجهزة أمنية غير محددة عرقلت الدخول إلى المقر وعمدت إلى توقيف أشخاص تلقوا دعوات من السفير الفرنسي وتعرضوا لأعمال عنف غير مقبولة بمن فيهم عناصر الجهاز الدبلوماسي الفرنسي».

وقال بيان رسمي عن وزارة الخارجية الفرنسية إنه في «إثر هذه الحوادث، استدعت السلطات الفرنسية هذا الصباح (أمس) سفير إيران في باريس لتبلغه إدانتها الشديدة لهذا الانتهاك الخطير للغاية لاتفاقية فيينا الموقعة في 18 أبريل (نيسان) 1961 حول العلاقات الدبلوماسية».

وقال مسؤول في وزارة الخارجية الفرنسية لوكالة «أسوشييتد برس» إن الثلث فقط من مجموع 130 ضيفا دعاهم السفير الفرنسي لحضور سهرة ثقافية مخصصة للموسيقى الفارسية في عطلة نهاية الأسبوع، سمح لهم بالدخول، وأن عددا آخر من الضيوف تم اقتيادهم على متن شاحنات، كما أضاف المسؤول أن دبلوماسيا فرنسيا قد ضرب على وجهه. وبحسب دبلوماسيين فرنسيين، فإن سفير فرنسا برنار بوليتي وجه الأحد دعوة إلى ضيوف فرنسيين وإيرانيين. وأفادت وكالة الصحافة الفرنسية أنه مع بداية تلك السهرة، التي لم تجر بالتالي، خضع أشخاص للتفتيش واعتقل غيرهم. وأوضحت المصادر «حتى إنه حصل اعتداء على أحد أفراد الفريق الدبلوماسي في السفارة». وجاء هذا الحادث في الوقت الذي يحث فيه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي على فرض أشد العقوبات على النظام الإيراني بسبب البرنامج النووي المثير للجدل، الذي يشتبه الغرب بأن أهدافه عسكرية بينما تصر طهران على أنه لأغراض سلمية. كما كانت عقيلة الرئيس الفرنسي كارلا بروني قد وجهت انتقادات حادة إلى طهران بسبب انتهاكات حقوق الإنسان على خلفية الحكم القضائي بالرجم حتى الموت بحق الإيرانية سكينة محمدي أشتياني التي اتهمت بالزنى. وردت وسائل الإعلام الإيرانية على كارلا بروني من خلال شتمها ونعتها بأوصاف غير مقبولة.

ويذكر التصعيد الدبلوماسي الأخير مع باريس بالهجوم الذي نفذه الطلبة الإيرانيون على مبنى السفارة الأميركية وحصارها مدة 444 يوما في أعقاب اندلاع الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 والذي أسفر عن انقطاع العلاقات بين واشنطن وطهران منذ ذلك الحين. كما جاء تصعيد أمس بعد تحذير وجهته إيران إلى رعاياها بداية الشهر الماضي بالامتناع عن التوجه إلى فرنسا وتوخي الحذر بسبب «خطورة الوضع» المتأتية عن المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والأمنية. ووصفت باريس الدعوة في حينها بأنها «مثيرة للسخرية» وأنه لا يمكن المقارنة بين الاحتجاجات الفرنسية الأخيرة على قانون التقاعد والتي جاءت ضمن حرية التعبير عن الرأي وبين «القمع» الذي تعرضت له المعارضة الإيرانية في أعقاب إعادة انتخاب الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد في يونيو (حزيران) 2009. وتعرضت الممثلية الدبلوماسية الفرنسية في إيران لتظاهرات مناهضة في الماضي. ففي فبراير (شباط) الماضي نددت فرنسا بإلقاء مقذوفات على سفارتها في طهران بمناسبة تظاهرات لناشطين موالين للحكومة استهدفوا أيضا ممثليات أخرى تابعة لدول أوروبية. وفي سياق متصل، نصحت وزارة الخارجية الإيرانية أمس رعاياها بعدم السفر إلى كندا «بسبب ظاهرة معاداة الإسلام وإهمال الحكومة الكندية لحقوق الرعايا الإيرانيين». وأفادت وكالة «مهر» الإيرانية للأنباء أن وزارة الخارجية حذرت رعاياها في بيان قالت فيه إن «ظاهرة معاداة الإسلام والتخويف من إيران قد تنامت في كندا وأثرت على سلوك المؤسسات الحكومية وغير الحكومية وقد تم رصد حالات من اعتقال وترحيل المواطنين الإيرانيين بذرائع مختلفة، كما أن أداء المؤسسات الحكومية الكندية منع في بعض الحالات ضمان حق الدفاع للمواطنين الإيرانيين ضحايا هذا السلوك».

وأوضح البيان أن «القانون المدني الإيراني لا يعترف بالجنسية المزدوجة للأفراد»، زاعما أن «الإيرانيين الذين يستخدمون جوازات السفر الكندية تعرضوا أيضا إلى الممارسات التمييزية في كندا». وزعم بيان الخارجية الإيرانية أن «أداء الشرطة الكندية دل على أنها تفتقد للإرادة والقدرة اللازمة لمتابعة الجرائم التي ارتكبت ضد الإيرانيين المقيمين في كندا، فالشرطة الكندية لم تقدم تقريرا عن إجراءاتها الجادة والمؤثرة لملاحقة مرتكبي جرائم قتل المواطنين الإيرانيين على الرغم من المتابعات المتكررة لهذه القضايا».

وأكدت وزارة الخارجية في بيانها أن الجمهورية الإسلامية «ستستخدم جميع إمكانياتها القانونية للدفاع عن حقوق مواطنيها المقيمين في الخارج بما في ذلك كندا»، وأضافت أنه «نظرا إلى السلوك التمييزي للحكومة الكندية مع المواطنين الإيرانيين فمن الضروري أن يأخذ المواطنون المحترمون الذين ينوون السفر إلى كندا هذا التحذير على محمل الجد».