طالباني في حديث لـ «الشرق الأوسط»: حسمنا الرئاسات.. والمبادرة السعودية ستكون الخيار إذا تعثرت المصالحة الوطنية

الرئيس العراقي: لسنا تابعين لإيران.. وعلاقاتنا جيدة مع الكويت والأردن وتركيا.. وفتحنا صفحة جديدة مع سورية

الرئيس العراقي جلال طالباني (أ.ف.ب)
TT

يرى الرئيس العراقي جلال طالباني الذي أعيد انتخابه أخيرا أنه على الرغم من نجاح مبادرة رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني في حسم الرئاسات الثلاث في العراق بموجب اتفاق تقاسم السلطة الذي توصل إليه قادة الكتل السياسية أخيرا، فإن مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بدعوة هؤلاء القادة إلى الاجتماع في الرياض تبقى مهمة لتحقيق المصالحة الوطنية.

وقال طالباني الذي حط في باريس الأسبوع الماضي غداة إعادة انتخابه رئيسا للجمهورية لحضور مؤتمر الاشتراكية الدولية في حديث لـ«الشرق الأوسط» إنه مستعد للذهاب إلى الرياض لهذا الغرض، واصفا المبادرة بأنها «مبادرة خيرة لصالح الشعب العراقي».

تناول طالباني التطورات الأخيرة وكذلك المهمة التالية المتمثلة في توزيع المناصب الحكومية على الكتل السياسية. وقال في حديثه إنه كتب رسالة تكليف رئيس الوزراء المكلف نوري المالكي وسيرسلها له بعد العيد، كاشفا عن أنه تم الاتفاق على أن لا يشغل حِزْبِيّ وزارة الدفاع والوزارات الأمنية. كما أكد أن التحالف الكردستاني الذي ينتمي هو إليه متمسك إلى الآن بمنصب وزارة الخارجية وبأن يبقى فيه الوزير الحالي هوشيار زيباري الذي اعتبره «وزيرا ناجحا وأقام أفضل العلاقات العربية والإقليمية وعلى نطاق العالم كله. ونحن يتعين علينا مكافأة الكفاءات الناجحة لا أن نحكم عليها ظلما بالإبعاد». وفي ما يلي نص الحوار:

* أنتم نائب رئيس الاشتراكية الدولية. ما المساهمة التي قدمتها؟ وهل كان للعراق نصيب في المناقشات التي حصلت خلال المؤتمر؟

- كان للعراق نصيب في خطابي الذي ألقيته حول التطور الديمقراطي في العراق والمشكلات التي يواجهها. وتكلمت بإسهاب عن المسار الديمقراطي واستمع المؤتمرون بانتباه لمضمون هذا الخطاب. وأعتقد أنه ستكون هناك من ضمن القرارات توصية بتأييد العراق والمسار الديمقراطي فيه. أنا طلبت من الأحزاب الاشتراكية المساهمة أن ترسل وفودا إلى العراق وأن تنشر تقارير عن العراق وتؤيد نضال الشعب العراقي من أجل إعادة البناء والازدهار والقضاء على الإرهاب.

* الموضوع المحوري اليوم في العراق يدور حول تشكيل الحكومة والصيغة التي يمكن أن تصدر بها للخروج من الأزمة التي طالت أكثر من 8 أشهر. سؤالي الأول هو: هل انتهى سوء التفاهم بينكم وبين القائمة العراقية التي انسحبت أكثرية نوابها يوم جلسة انتخاب الرئيس العراقي؟

- سوء التفاهم انتهى والإخوة في «العراقية» عادوا إلى البرلمان ورئيس البرلمان من بينهم، وجاءني وفد من كبار قادة «العراقية» لتقديم التهنئة لي وأكدوا لي أن سوء التفاهم انتهى وأنهم جادون في الاشتراك في حكومة الشراكة الوطنية الحقيقية.

* هل بينكم اختلاف في تفسير الاتفاق الذي تم توقيعه بين المكونات الأساسية السياسية الذي بموجبه أعيد انتخابكم وسيتم تكليف رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي بتشكيل الحكومة الجديدة؟

- المشكلة التي حصلت أن أحد الإخوة من «العراقية» النائب محمد تميم اقترح أن يبحث البرلمان موضوع نزع الاجتثاث (من حزب البعث عن ثلاثة من نواب «العراقية». وقيل له إن الموضوع يجب أن يبحث في وقت آخر في البرلمان، خاصة أن هناك اتفاقا موقعا بين القادة الثلاثة (الرئيس مسعود بارزاني ورئيس الوزراء المكلف نوري المالكي ورئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي) لحل كل هذه المشكلات. وهذا يحتاج لوقت ويحتاج لمسار قضائي. كما أن موضوع العفو يجب أن يصدر عن رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء. لا بل إن رئيس الجلسة (وهو من «العراقية») ذهب في هذا الاتجاه. وبعد خروج النواب (53 نائبا) الذين رفضوا القبول بالمنطق المعروض عليهم قالوا إن هناك سوء فهم.

* هل أقفل الموضوع اليوم؟

- نعم. ويوم السبت عقدت جلسة لمجلس النواب وقراراتها صدرت بالإجماع.

* متى ستكلف رسميا المالكي بتشكيل الحكومة؟

- بعد العيد.

* نحن اليوم بعد العيد..

- صحيح، ولكن العيد عندنا أربعة أيام. أنا كتبت رسالة التكليف للمالكي وستصدر بعد العيد وسيبدأ رئيس الوزراء المكلف البحث في تشكيل الحكومة.

* مضت 8 أشهر حتى اتفقتم على توزيع المسؤوليات بين الأحزاب. هل يتعين علينا انتظار 8 أشهر لترى الحكومة النور؟

- (ضحك الرئيس طالباني) نتوقع أن ترى الحكومة النور خلال شهر واحد إن شاء الله. نحن في الواقع انتظرنا ليس 8 أشهر بل 5 أشهر. الأشهر الثلاثة الأولى قطعت على تصديق المحكمة على انتخاب النواب وغيرها من الإجراءات القانونية. لكن الفترة الطويلة التي مضت سببها حرصنا الشديد على تشكيل حكومة شراكة وطنية. وكان في إمكاننا أن نشكل حكومة أكثرية ولكن أصررنا على حكومة وحدة وطنية. والتحالف الكردستاني أصر على وجود القائمة العراقية في الحكومة. لذلك تعثرت التشكيلة. أما الآن، فثمة إجماع من الأطراف على حكومة الوحدة الوطنية ولكن بقي موضوع الاتفاق على توزيع المناصب الوزارية.

* هل هناك بداية توافق على هذا الأمر؟

- الأمر متروك لرئيس الوزراء والكتل المختلفة التي يفترض بها أن تقدم أسماء رجال (ونساء) أكفاء لهذه المناصب، ورئيس الوزراء طالب بأكثر من اسم لكل منصب من أجل اختيار الأكثر كفاءة.

* أمور التوزيع تبحث مسبقا في إطار سلة متكاملة. فما حقيقة الوضع؟

- من الصعب وضع كل ذلك في سلة واحدة وبالتفصيل. الحقيقة أن رئيس الوزراء خول للبحث مع كل كتلة في مطالبها، وكل كتلة ترغب في الحصول على مراكز وحقائب مهمة. لذا، ثمة حاجة للوقت من أجل التوفيق بين الكتل على المناصب الوزارية.

* هل الاتفاق مع علاوي والمالكي ما زال صالحا علما بأن علاوي نفسه قال قبل أيام إنه «مات»؟

- الاتفاق أحياه البرلمان.

* لكن تصريح علاوي جاء بعد تصويت البرلمان.

- البرلمان أقر الاتفاق بالإجماع بمن فيهم بطبيعة الحال نواب «العراقية». علاوي كان غائبا. والاتفاق تحول إلى قرار برلماني ملزم ولم يعد اتفاقا بين الأطراف. أما إذا كانت للأخ علاوي بعض الملاحظات فهو الذي يسأل عنها.

* لكن علاوي يقول إنه مات؟

- أسألك أنت كصحافي ومراقب: هل يعني إقرار الاتفاق في البرلمان أنه مات. علاوي مسؤول عن كلامه.

* أحد صعوبات تشكيل الحكومة يكمن في توزيع الحقائب السيادية والحقائب المهمة..

- نحن لدينا اتفاق مبدئي على توزيع وزارة الدفاع والوزارات الأمنية على مستقلين.

* أي خارج الأحزاب نهائيا ولا حتى من المقربين منها..

- لا نقدر أن نقول حتى المقربين منها. لن يكون هناك حزبي في منصب وزير الدفاع أو منصب وزير الداخلية. تبقى المناصب الأخرى هي التي ستوزع بين التشكيلات المشاركة في الحكومة.

* المشكلة الأخرى مصير وزارة الخارجية، حيث هناك أطراف أخرى غير الطرف الكردي طامعة فيها. هل أنتم متمسكون بهذه الحقيبة وبشخص هوشيار زيباري؟

- زيباري أثبت كفاءة استثنائية في أداء مهمته، وكذلك له أحسن العلاقات مع الدول العربية لدرجة أن العقيد القذافي اقترح اسمه أمينا عاما للجامعة العربية. ونحن نعتقد أن الأخ هوشيار يجب أن يكافأ لا أن يعاقب، وإخراجه من الوزارة عقاب، وبقاؤه مكافأة له باعتباره كان وزيرا ناجحا.

* أفهم منكم أن هناك تمسكا به وبالوزارة؟

- نعم. نحن نؤمن ببقاء زيباري في وزارة الخارجية باعتباره وزيرا ناجحا وأقام أفضل العلاقات العربية والإقليمية وعلى نطاق العالم كله. ونحن يتعين علينا مكافأة الكفاءات الناجحة لا أن نحكم عليها ظلما بالإبعاد.

* أي إن بقاءه خط أحمر لكم؟

- أنا كرئيس لجمهورية، لا أحب الخطوط من أي لون ولا أريد الدخول في هذا النقاش.

* أريد أن أقول إنه شرط تتمسكون به..

- نعم. نحن إلى هذه اللحظة متمسكون به.

* فهمت أن قبول التخلي عن الخارجية ثمنه حصولكم على وزارة النفط.. هل هذا صحيح؟

- هذه شائعات. لم يبحث معنا موضوع تبديل وزير الخارجية حتى نطلب البديل. وفي أي حال، الموضوع يجب أن يبحث مع الكتل الكردستانية. أنا رئيس جمهورية العراق وأرتدي العباءة العراقية وأتصرف كرئيس للجمهورية. وموضوع التشكيل يعود لرئيس الحكومة والكتل.

* ولكنك تتحمل مسؤوليات ومنها تسهيل تشكيل الحكومة؟

- عندي مسؤوليات توافقية ولم الشمل وليس مسؤوليات وضع خطوط ملونة.

* أحد المخارج من الأزمة كان إرضاء علاوي بإنشاء المجلس الوطني للسياسات الاستراتيجية.. سؤالي: إذ أعطيت صلاحيات حقيقية لهذا المجلس قد تتضارب حتما مع صلاحيات الحكومة، وإذا لم يعط سيرفضه علاوي. ما المخرج؟

- تم الاتفاق على المجلس الوطني للسياسات الاستراتيجية وعلى صيغته وحقوقه وصلاحياته. وأقر ذلك بالإجماع في البرلمان العراقي.

* سؤالي فخامة الرئيس: من يقرر السياسة الخارجية؟ المجلس، أم وزير الخارجية، أم رئيس الحكومة؟

- المجلس لن يكون ضد الحكومة، فسيكون جزءا من مؤسسات الدولة. وقراراته تؤخذ بالإجماع أو بالأكثرية الساحقة (الثلثين) وكل الأحزاب ستكون ممثلة فيه. الصلاحيات لن تعطى للرئيس وإنما للمجلس ككل، كما أن الصلاحيات الدستورية معطاة لمجلس الوزراء وليس لرئيس الوزراء. وعندما يتخذ المجلس قراراته تكون ملزمة التنفيذ.

* على الحكومة أيضا؟

- نعم للحكومة وللدولة العراقية كلها. هذا المجلس لا يتعارض مع الدستور ولا ينفي حقوق الوزراء أو مجلس الوزراء كما هي واردة في الدستور.

* في النهاية، موقع المجلس قد يكون أهم من موقع الحكومة..

- لا. من أهم الشروط المتفق عليها أن لا تتعارض صلاحياته مع الدستور، والدستور العراقي رسم لكل طرف صلاحياته، والقانون الذي سيصدر (بإنشاء المجلس) لن يكون معارضا للدستور.

* خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز دعا جميع مكونات الطيف السياسي العراقي إلى اجتماع بعد عيد الأضحى. هل سيعقد الاجتماع؟ ومتى؟ وهل الظروف تغيرت اليوم عن الظروف التي رافقت إطلاق الدعوة؟

- أنا رحبت بالدعوة عندما هاتفني الأمير سعود الفيصل ليبلغني بدعوة خادم الحرمين الشريفين وبينت استعدادي للمشاركة في الاجتماع. ولاحقا أبلغنا الجانب السعودي أنه لا يريد التعارض مع مبادرة الأخ مسعود بارزاني. وإنما يرحبون بها. والحال أن هذه المبادرة نجحت وحققت الوفاق الوطني في العراق.

الآن، إذا دعا الإخوة السعوديون إلى اجتماع، فأنا أول المرحبين والمشاركين. لكن الأمر يعود للإخوة في السعودية ليقرروا هل ما زالوا ماضين في المبادرة أم إنهم يكتفون بما حدث من تطورات إيجابية مؤخرا.

* ولكن هل ما زالت من وجهة نظركم هناك حاجة عراقية في هذا الخصوص؟

- في موضوع انتخاب رئيس للجمهورية وتعيين رئيس للحكومة: هذان الأمران تحققا. وتم الاتفاق على برنامج تشكيل حكومة مشاركة وطنية وعلى إنشاء المجلس الأعلى للسياسات.. كل المشكلات الموجودة تم التفاهم على حلها وبالتالي لم تبق مشكلة سوى الاتفاق على أسماء الوزراء. لكن هناك نقطة مهمة تتعلق بالمصالحة الوطنية. فإذا تعثرت، وإذا دعانا الإخوة السعوديون لاجتماع لحل هذه المشكلة، فإنني شخصيا من الموافقين والمؤيدين. أما الأطراف الأخرى، فلها أن تقرر رأيها بنفسها. أنا أعتبرها مبادرة خيرة لصالح الشعب العراقي.

* أنتم كرئيس للجمهورية لديكم مسؤوليات إزاء كل مكونات الشعب العراقي. والحال أن أحد المكونات يتعرض لحملة إرهابية منظمة، عنيت مسيحيي العراق. ما الذي تريدون القيام به عمليا غير بيانات الإدانة؟

- أولا أريد أن أقول إنني استنكرت بشدة الاعتداءات الإجرامية على الإخوة المسيحيين. وأعتبر أنهم عراقيون أصلاء كانوا في هذا البلد منذ ظهور المسيح، فلا يجب تهميشهم وإخراجهم من البلد بأي حال. الحل هو توفير الحماية لهم بواسطة قوات حكومية أو بواسطة قوات منهم ومساعدتهم على تشكيل وحدات مسلحة لحماية المساكن وأماكن العبادة.

* هل يفهم ذلك على أنه دعوة لتشكيل ميليشيات؟

- لا، أبدا. في كركوك، شكلت فرق لحماية الكنائس وأماكن العبادة. ثانيا: يتعين على الحكومة أن توفر حماية خاصة للكنائس. ثالثا: يستطيع المسيحيون أن يذهبوا إلى كردستان.

* هذا يعني تهجيرا داخليا.

- لا أبدا. هو الانتقال إلى كردستان في انتظار أن يعود الأمن والاستقرار ليعودوا إلى مساكنهم بدل الذهاب إلى الخارج. وأريد أن أقول إن الكثير من المسيحيين أصلهم من كردستان. فهم كمن يعود إلى مسكنه الأصلي. هم سيكونون في وطنهم وحكومة كردستان والحكومة المركزية تهتم بهم ولا يكونون محتاجين لموارد رزق. ورحيل هؤلاء إلى الخارج إفراغ للعراق من مواطنيه، خاصة أن الإخوة المسيحيين لعبوا دورا كبيرا في نهضة العراق الثقافية والحضارية، ورحيلهم ضربة للثقافة والحضارة في العراق. لذا، يجب أن نحافظ على وجودهم بكل إمكاناتنا المادية والعسكرية والسياسية والإعلامية.

* هل اتصل بكم البابا لهذا الغرض؟

- كلا. لم يتصل. لكنه أصدر بيانا بهذا المعنى. ونحن نرحب بالبيان ونريد أن نبذل كل الجهد لتحقيق ما طلبه قداسته.

* كيف توصفون اليوم علاقاتكم مع الجوار؟

- لنبدأ مع تركيا التي تربطنا بها علاقات استراتيجية تقوم على اتفاقيات موقعة بيننا وبينها. الطرفان مصممان على هذه العلاقة وهي جيدة.

مع سورية، توصلنا إلى اتفاق مع الرئيس بشار الأسد خلال اجتماع معه في مدينة سرت (ليبيا) بأن تكون العلاقة بيننا استراتيجية طويلة الأمد تشمل النواحي السياسية والاقتصادية والتجارية والنفطية وغيرها. ووافق الرئيس الأسد على هذه المقترحات. ولم تبق لنا مع سورية مشكلات أبدا؛ إذ طوينا صفحة الماضي وفتحنا صفحة جديدة.

* أي انتهى ما كان يقال سابقا عن تسريبات وخروقات أمنية عبر الحدود؟

- هذه تفصيلات. الأساس أننا قررنا إقامة علاقات استراتيجية، والطرفان ذاهبان في هذا الاتجاه.

* مع الكويت؟

- علاقاتنا جيدة مع الكويت والأردن. مع الكويت وافقنا على الاعتراف بالحدود الدولية للكويت، وكانت تلك المشكلة الأساسية بيننا، وكذلك فإن الإخوة في الكويت أبدوا استعدادهم للتعاون مع العراق وقيام علاقات جيدة ومتينة.

* لكن مع الكويت هناك مشكلة تكمن في مطالبة الكويت بإبقاء العراق تحت الفصل السابع.

- أنا بحثت الموضوع عندما كنت في نيويورك مع رئيس الوزراء الكويتي. وهو قال: إذا كتب العراق رسالة إلى مجلس الأمن تؤكدون فيه اعترافكم بالحدود الكويتية - العراقية، نحن أيضا نوافق على خروج العراق من تحت الفصل السابع. وأنا أجبت الدكتور محمد الصباح: اكتب الصيغة وأنا مستعد لتوقيعها الآن. نحن مستعدون لإعطاء هذه الضمانات. تبقى مسألة تحديد الزمن لذلك. نحن قمنا بتعيين سفير لدى الكويت ولهم سفير في بغداد ونحن نتوقع التوصل إلى علاقات ممتازة مع الكويت.

أخيرا، وفي ما يخص العلاقات مع السعودية، نحن نعتبرها دولة عربية مهمة ونحرص على أن تكون علاقاتنا معها جيدة جدا. وفي أثناء زيارتي الأخيرة لها، تكرم الملك عبد الله بمنحي ميدالية ووعدني بأنه بعد تشكيل الحكومة ستبذل السعودية جهودها لمساعدة العراق وحل مشكلاته مع دول الجوار وحث الدول العربية على التعاون مع العراق. ونحن نأمل بعد تشكيل الحكومة في زيارة السعودية ونطلب مساعدتهم للعراق.

* تبقى العلاقة مع إيران..

- علاقاتنا مع إيران طبيعية، ولكن ليست علاقات التابع والمتبوع. هذه نقطة يجب أن يفهمها الجميع. نحن نعتز باستقلاليتنا، والشيعة في العراق يعتزون باستقلاليتهم، ويعتقدون أن النجف مستقلة، وأن شيعة العراق هم أصل الشيعة في العالم، وهم العرب الأقحاح، وأن الخلافات موجودة مع شيعة إيران حول ولاية الفقيه؛ هي مبدأ رسمي في إيران، بينما المرجعية الرشيدة في النجف الأشرف ترفض ولاية الفقيه. ثم نحن نعتقد أن النجف هو فاتيكان الشيعة في العالم وأن الأماكن المقدسة موجودة في العراق: كربلاء، سامراء، الكاظمية.. والقبور المقدسة: الإمام علي، الحسين، كاظم، عباس، العسكريين الاثنين.. كلها موجودة في العراق، ولذا نحن نعتبر أن العراق هو الموطن الأساسي للشيعة.

يبقى الموضوع السياسي، هل نحن نريد العلاقة مع إيران كما كانت أيام صدام حسين؟ كلا، نحن نرفض سياسة العداء مع إيران. نحن نريد سياسة حسن جوار، ولكن حتى الآن ليست بيننا أية اتفاقية. مثلا: نحن وقعنا تحالفا استراتيجيا مع تركيا. وليس لدينا مثل هذه الاتفاقية مع إيران. مع ذلك، هناك صراخ وعويل على النفوذ الإيراني (في العراق). وبعد ذلك، المعارضة الكردية الإيرانية موجودة في العراق وإذا جئت إلى السليمانية يمكن أن تزور مقراتهم: الحزب الديمقراطي الكردستاني، «كومله»، الحزب الشيوعي الإيراني وخلافه. وهذه وضعية لا يحبها الإيرانيون. نحن نريد مع إيران علاقات جيدة وحسن جوار ومساواة وتكافؤا وليس علاقات تبعية. نحن نعتبر أن بيننا علاقات ندية. لدينا مشكلات مع إيران ولكن نريد حلها بالتفاوض والحوار.

* لعدد من السياسيين العراقيين آراء أخرى مغايرة عن العلاقة مع إيران. مثلا صالح المطلك وصف قبل يومين هذه العلاقة بقوله إن طهران هي التي «تفرض قواعد اللعبة السياسية» في بغداد. هل هذه توهمات؟

- نعم. هذه توهمات ووصف خاطئ لطبيعة العلاقة مع إيران. هناك اتهامات متبادلة بين «العراقية» ومخالفيها. أنا لا أعتقد أن هذه الاتهامات صحيحة. علينا بالموضوعية ورؤية الحقائق ووصفها كما هي. وعلى سبيل المثال، الاتفاقات التي وقعناها مع الولايات المتحدة الأميركية (لخروج قواتها)، إيران كانت ضدها وسعت لدى العراقيين لرفضها. غير أن هذه الاتفاقيات أقرت في البرلمان العراقي ورئيس الوزراء ظهر على التلفزيون داعيا لإقرار الاتفاقيات، وطالب بأن يكون التصديق عليها بالإجماع. لذا، اتهام العراق بالتبعية لإيران اتهام ظالم.

وفي سياق آخر، ترى إيران وتشدد في دعايتها على أن أميركا هي الشيطان الأكبر. ولكن نحن نعتبر أميركا دولة صديقة وحليفة ونريد أفضل العلاقات معها ووقعنا الاتفاقيات معها.. نحن إذن على خط متناقض مع إيران إزاء أميركا. والسؤال: هل نحن في علاقة تبعية مع إيران؟ لا. نحن نرفض التبعية لأية دولة.

* لاحظنا مؤخرا عودة العمليات الإرهابية إلى العراق بشكل مكثف. كيف تفسرون هذه الظاهرة؟ ثم كيف تنظرون لمرحلة ما بعد خروج القوات الأميركية من العراق؟ هل أنتم جاهزون لتحمل المسؤولية الكاملة؟

- بالنسبة للإرهابيين، يتعين علينا أن نفرق بين أمرين: قبل سنتين، كان الإرهابيون يسيطرون على مناطق واسعة في العراق وحتى على المدن. الآن، كل الأراضي العراقية تحت سيطرة القوات العراقية. الأميركيون خرجوا من المدن.

بالطبع، للإرهابيين خلايا سرية وتقوم بأعمال إرهابية لا تدل على وجود قوي ميداني، وليست لديهم قواعد ومناطق يسيطرون عليها. وإذا لاحظنا الخريطة العراقية لوجدنا أن كردستان خالية من الإرهاب وجنوب العراق خال منه هو الآخر. الإرهابيون يركزون على بغداد والموصل. ونأمل القضاء على هذه النشاطات. وأعتقد أن خروج الأميركيين سيسهل مهمتنا من جانبين: فالعراقيون سيشعرون بالحاجة إلى الدفاع عن أنفسهم بأنفسهم وسيقل التعاطف مع المعارضة والإرهابيين الذين يدعون أنهم يحاربون الأميركيين الذين لن يكونوا موجودين في العراق. ومن ناحية ثانية، أريد أن أؤكد على ازدياد كفاءة القوات العراقية تسليحا وتدريبا وأهلية.

* ماذا سيكون عليه شكل العلاقات مع أميركا بعد خروج قواتها؟

- نحن نميل لتكون علاقاتنا مع أميركا استراتيجية: سياسية، اقتصادية، أمنية، عسكرية، تجارية، ثقافية. فضلا عن التعاون مع أميركا ضد الإرهاب وبما يشمل التدريب والتسليح.. نعتبر أميركا دولة كبرى صديقة للعراق، وإقامة أفضل العلاقات معها في مصلحة الشعب العراقي والشعب الأميركي.

* هل في انتظار قيام قوات مسلحة عراقية برية وبحرية وجوية، هل تريدون أن تنص الاتفاقيات الأمنية على دفاع أميركا عن سيادة العراق؟

- نعم. نحن نسعى لأن نحصل على هذا الالتزام الأميركي والدولي أيضا. نحن نريد السلام في الداخل والخارج. وإذا تعرضنا لعدوان خارجي سنلجأ إلى الجامعة العربية ومجلس الأمن والأمم المتحدة ونرغب في التزامات أميركية في الدفاع عن العراق إذا تعرض لهجوم.