إسرائيل تقر مبدئيا الانسحاب من شمال قرية الغجر

قرار ينفذ بلا اتفاق مع لبنان وبترتيبات مباشرة مع الـ«يونيفيل»

TT

اتخذ المجلس الوزاري الأمني المصغر في الحكومة الإسرائيلية قرارا «مبدئيا» بالانسحاب من الجزء الشمالي من قرية الغجر الحدودية، وذلك من دون اتفاق مع الحكومة اللبنانية، بدعوى أنها تنفذ بذلك حصتها كاملة من قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701. وقرر المجلس تكليف وزارة الخارجية الإسرائيلية بمواصلة الحوار مع الأمم المتحدة للتوصل إلى صيغة نهائية للتفاهمات حول الانسحاب لإقراره نهائيا.

وأكد رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، خلال عرضه الاقتراح أنه يأتي حصيلة مفاوضات أجرتها حكومته مع قوات الطوارئ الدولية «اليونيفيل» لتطبيق قرار مجلس الأمن، التي رفضت الحكومة اللبنانية أن تكون شريكة فيها بسبب الفيتو الذي فرضه حزب الله فيها. وأضاف أنه عندما تبين في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي أن الحكومة اللبنانية غير معنية بالمفاوضات حول الموضوع، قرر التوجه إلى «اليونيفيل» إذا كان مستعدا لتولي مسؤولية الأمن عن القرية. وقد تعهد الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، خلال لقائه نتنياهو في نيويورك الأسبوع الماضي، بتولي هذه المسؤولية.

وحال الإعلان عن القرار الإسرائيلي، أمس، خرج أهالي الغجر بمظاهرة صاخبة يطالبون بالإبقاء على وضعها الحالي كجزء من هضبة الجولان المحتلة. ورفعوا شعارات تهتف بأنهم سوريون. وأعلن نجيب الخطيب، الناطق بلسانهم، أنهم لا يثقون بالقرار الإسرائيلي.

والمعروف أن قرية الغجر تقع على الحدود السورية - اللبنانية. وقد احتلتها إسرائيل من دون أن تدري، في حرب 1967، مع احتلالها هضبة الجولان السورية. واكتشفها الجيش الإسرائيلي، الذي كان غارقا في نشوة النصر يومها، فقط بعد شهرين من احتلالها، عندما بدأ الأهالي يشعرون بنقص جدي في المواد الغذائية وراحوا يفتشون عن سلطة تتحمل مسؤوليتهم. فدخلها الجيش الإسرائيلي محتلا. ومنح السكان فيها بطاقات هوية ومواطنة إسرائيلية.

وخلال 43 سنة، اتسعت هذه القرية وراحت تمتد إلى الشمال، من دون أن ينتبه أهلها إلى أن أراضيهم الواقعة شمالي القرية تابعة للأراضي اللبنانية وفقا لترسيمات الحدود التي وضعتها لجنة سايكس بيكو مطلع القرن العشرين. وفقط عندما أقدمت الأمم المتحدة، بالتعاون مع حكومتي إسرائيل ولبنان، على ترسيم الحدود بين إسرائيل ولبنان، عام 2006، عرفوا أن الحدود، ما يعرف بـ«الخط الأزرق»، يقسم القرية إلى قسمين: الشمال ويضم نحو 1700 نسمة والجنوب ويضم 1200 نسمة. فإذا اتفق على أن ينسحب الجيش الإسرائيلي من القسم اللبناني من القرية، فإن سياجا حدوديا سيقام بين الشقين ويقسم البلدة ويفرق أبناء العائلة الواحدة ما بين شمال وجنوب ويهدد بمصادرة إسرائيل أراضي القرية في الجنوب. لذلك رفضوا هذا الترسيم وطلبوا البقاء ضمن هضبة الجولان المحتلة، كما كانوا قبل الاحتلال وبعده، فإذا تحرر الجولان يتحررون معه وعندها لن تكون هناك مشكلة تقسيم للبلدة. ولكن أوساطا واسعة في المجتمع الدولي بينها الولايات المتحدة تمارس الضغوط على إسرائيل لكي تنسحب من القسم الشمالي من الغجر، «حتى لا تبقى لحزب الله حجة للحرب مع إسرائيل، تبرر حيازته السلاح». ولذلك، راحت إسرائيل تفتش عن حلول تتيح لها الانسحاب من دون الدخول في صدام مع أهالي الغجر. فقسم منهم (الجنوبي) سيظل تحت سلطة إسرائيل حتى تتم تسوية الصراع الإسرائيلي - السوري. وإلى ذلك الحين، إسرائيل ليست معنية بصدامات معهم. وحسب صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية فإن تطورا جديدا حصل مؤخرا، حيث تقدم القائد لقوات الطوارئ الدولية، الجنرال الإسباني أسارطه، باقتراح جديد يشطب عمليا كافة المفاوضات التي أجريت في السنتين الأخيرتين. وبحسب اقتراحه الجديد فإن الوضع في قرية الغجر يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب العدوانية على لبنان في يوليو (تموز) 2006.

وبحسب مسؤول إسرائيلي فإن الاقتراح الجديد ينص على ألا تتمركز قوات الاحتلال الإسرائيلي ولا قوات الطوارئ الدولية في شمالي الغجر، بحيث تنتشر قوات الاحتلال الإسرائيلية في القسم الجنوبي، في حين تنتشر قوات الطوارئ خارج القسم الشمالي من القرية، في داخل الأراضي اللبنانية. فيبقى أهالي القرية موحدين وتواصل إسرائيل تزويدهم بالخدمات المدنية ولكن من دون سيطرة أمنية. ويضيف أن مسألة الأمن الداخلي سيتولاها الأهالي بأنفسهم.