نتنياهو يرفض بحث المقترحات الأميركية قبل تسلمها خطيا

مسؤولون عسكريون وأمنيون يحذرون من أن فشل السلام سيأتي بسلطة حماس للضفة

TT

امتنع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عن إجراء بحث في الصفقة الأميركية لتجميد البناء الاستيطاني ثلاثة أشهر مقابل الحصول على 20 طائرة إف 35 المتطورة مجانا، وذلك لأن الأميركيين رفضوا الالتزام الخطي بمواصلة البناء في القدس الشرقية المحتلة. ولكن ناطقا بلسانه رفض اعتبار تأجيل هذا البحث دليلا على وجود أزمة، وقال إن الحوار مستمر بين الطرفين. وفي الوقت نفسه، واصل اليمين المتطرف ضغوطه على نتنياهو لكي يتراجع عن الصفقة. وتمكن مجلس المستوطنات من تجنيد غالبية قادة حزب الليكود الحاكم (ثلاثة وزراء و14 نائبا من مجموع 27 نائبا)، في التوقيع على عريضة موجهة إلى نتنياهو يطالبونه بإلغاء هذه الصفقة. في غضون ذلك حذر مسؤولون عسكريون إسرائيليون وفي أجهزة المخابرات، من أنه في حال عدم التوصل إلى اتفاق سلام قريبا، فإن القيادة الفلسطينية المعتدلة في الضفة الغربية ستنهار وتحل محلها حركة حماس، بدعم من إيران وسورية.

وكان مكتب نتنياهو قد أعلن صباح أمس أن موضوع الصفقة لن يبحث في جلسة المجلس الوزاري الأمني، التي عقدت لاحقا، لأن «الحوار مع واشنطن حول النص النهائي للتفاهمات الجديدة لم يكتب بعد». وقال إن الوفد الإسرائيلي بقيادة رئيس طاقم المفاوضات مع الفلسطينيين، يتسحاق مولخو، ورئيس مجلس الأمن القومي في الحكومة، عوزي أراد، مدد إقامته في واشنطن لمواصلة العمل على وضع الصيغة النهائية.

واتضح أن هناك خلافات جدية بين الطرفين حول بنود الصفقة، ولكن الأميركيين رفضوا الإفصاح عن هذه الخلافات. وحسب مصادر إسرائيلية، فإن الخلافات تنصب حول موضوعين أساسيين هما: المطلب الإسرائيلي بأن لا تعود الإدارة الأميركية لمطالبة إسرائيل بتجميد البناء الاستيطاني في الضفة الغربية مرة أخرى وأن يكون التجميد مقتصرا على ثلاثة شهور فقط ولا يشمل الأحياء الاستيطانية في القدس الشرقية المحتلة. فالأميركيون يرفضون، حسب تلك المصادر التعهد خطيا بأن لا يجددوا مطلبهم بتجميد الاستيطان بعد انتهاء فترة ثلاثة شهور كما رفضوا التعهد بالسكوت عن مشاريع الاستيطان في القدس.

ويقول المقربون من نتنياهو أنه لا يستطيع تمرير الصفقة من دون هذين الشرطين، لأن حزب «شاس»، الذي يعتبر لسان الميزان في حكومته، وافق على الامتناع عن التصويت لدى إقرار الصفقة بشرط أن يضمن استمرار البناء في القدس بلا توقف واستئناف البناء بعد ثلاثة شهور. إلا أن الأميركيين مقتنعون بأن نتنياهو، إذا أراد، قادر على تمرير الصفقة من دون التجاوب مع الشرطين. وإن اصطدم بمعارضة اليمين المتطرف، فباستطاعته تغيير ائتلافه الحكومي.

وبسبب هذا الخلاف، قطع وزير الدفاع، ايهود باراك، زيارته إلى فرنسا وعاد مهرولا إلى تل أبيب، الليلة قبل الماضية، وتدخل لتسوية الخلاف مع واشنطن، قبل أن يتسع نطاق الأزمة ويجبر ساعتئذ على الانسحاب من الحكومة وإسقاطها كما يطالبه رفاقه في حزب العمل.

من جهة ثانية يواصل قادة اليمين المتطرف داخل الحكومة وخارجها، حملتهم لثني نتنياهو عن إقرار الصفقة الأميركية المذكورة. وصدمه رفاقه في حزب الليكود، أمس، إذ وقع 17 نائبا من مجموع 27 نائبا يمثلونه في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، على عريضة أعدها قادة مجلس المستوطنات المقامة في أراضي الضفة الغربية المحتلة يطالبونه فيها برفض الصفقة الأميركية والإصرار على مواصلة البناء الاستيطاني في كل مكان بلا شروط. وقد وقع على هذه العريضة ثلاثة وزراء مهمين بالنسبة لنتنياهو، بينهم نائبان لرئيس الحكومة وعضوان في اللجنة السباعية التي تقود الحكومة في القضايا المصيرية، وهم موشيه يعلون النائب الأول لرئيس الحكومة وعضو السباعية وزير الشؤون الاستراتيجية وسلفان شالوم، النائب الثاني لرئيس الحكومة وزير التطوير الإقليمي، وبيني بيغن، عضو السباعية ووزير الدولة. وفي حين يعتبر شالوم منافسا دائما لنتنياهو ووقوفه ضده مفهوما، فإن وقوف يعلون وبيغن ضده يعتبر ضربة شديدة لهيبته القيادية داخل الحزب. ويستعد المستوطنون ومعهم عناصر متعددة في معسكر اليمين وحزب الليكود لتصعيد حملتهم ضد الصفقة الأميركية. فقد قرروا إعلان الإضراب العام في جميع المستوطنات، يوم الأحد القادم، وإخراج المستوطنين إلى المظاهرات. وعندما رفضت الشرطة منحهم تصريحا للتظاهر أمام بيتي وزيري حزب شاس للمتدينين الشرقيين، ايلي يشاي واريه اتياس، لثنيهما عن موقفهما الامتناع عن التصويت، توجهوا إلى محكمة العدل العليا مطالبين إياها بضمان حرية التظاهر المكفولة بالقانون. وخرج بعض الوزراء المعارضين، أمثال وزير البنى التحتية عوزي لانداو من حزب «إسرائيل بيتنا» ووزير الإعلام من الليكود، بهجوم مباشر على الرئيس الأميركي، باراك أوباما، متهمين إياه بممارسة ضغوط غير منطقية على نتنياهو لقبول الصفقة وخيانة ناخبيه والبرنامج السياسي الذي انتخبوه على أساسه.

إلى ذلك نقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن قائد عسكري في الضفة الغربية القول «ليس لدى المفاوضين الكثير من الوقت قبل أن ينفجر الهدوء الحالي. أن هدوء اليوم لن يستمر إلى الأبد». وأضاف: «إذا فشلت القيادة السياسية في تحقيق شيء عبر القنوات التفاوضية، فإننا من الآن وحتى 6 أو 9 أشهر، ستشاهد تصعيدا على الأرض».

وبناء على ذلك فإن المخططين العسكريين ينكبون على دراسة شكل الانتفاضة الثالثة وأسلوب الرد عليها. وتنعكس هذه المخاوف داخل الأجهزة الأمنية أيضا. وقال مسؤول مخابراتي كبير لوكالة رويترز إن الأجهزة الأمنية الفلسطينية يمكن أن تختفي في غضون 5 دقائق إذا انهارت سلطة محمود عباس (أبو مازن) ورئيس وزرائه سلام فياض في حال فشلت المفاوضات.