لبنان: انقسام مسيحي حيال تأييد البطريرك صفير لـ«العدالة».. رغم التداعيات المحتملة للقرار الظني

مسيحيو الأكثرية يربطون بين صراحة مواقفه والأنباء عن إقالته

TT

تثير المواقف التي يطلقها البطريرك الماروني الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير، سواء في عظات الأحد أو في تصريحاته الصحافية، سيلا من ردود الفعل، لا سيما تلك المتعلقة بملفات ساخنة على الساحة المحلية، مثل موقفه الأخير من المحكمة الدولية ووجوب صدور القرار الظني بغض النظر عن التداعيات التي يمكن أن يحدثها.

ويأتي هذا الموقف بالتزامن مع أنباء تتداولها وسائل إعلام مقربة من فريق «8 آذار» حول إبلاغ الفاتيكان البطريرك صفير رغبته في إقالته من منصبه على أن يواكب بإيجابية تعيين خلف له من أجل تأمين استمرارية البطريركية المارونية وتثبيت المسيحيين في الشرق. وكان البطريرك صفير عشية سفره إلى روما أول من أمس، علق على هذه المعلومات بالإشارة إلى أن «الاستقالة ستأتي عندما يحين الوقت.. وهذا علم الله»، مؤكدا أنه «لم يطلب منا هذا الأمر، ولسنا الآن في هذا الوارد».

في كل مرة يطلق فيها البطريرك صفير موقفا ما، ينبري فريق من اللبنانيين لتأييد كلامه، في حين يجد فريق آخر في كلامه تدخلا في السياسة وانحيازا فاضحا لفريق دون سواه. وفي موقفه الأخير، في ظل سخونة السجال القائم حول شهود الزور والمحكمة الدولية، أشار البطريرك صفير إلى أنه «أصبح معروفا أن هناك فريقا يريد التخلص من المحكمة الدولية، ولكن إذا أريد أن يوضع حد لما حدث في لبنان من اغتيالات وما سوى ذلك، يجب أن تأخذ هذه المحكمة مجراها، وأن تكون فاعلة، وأن ترفع ميزان العدل والحق بحيث ينال كل مجرم جزاءه وإلا تستمر الاغتيالات».

واعتبر البطريرك صفير أنه على الرغم من أن «صدور القرار الظني قد يولد بعض تداعيات على الساحة المحلية، ولكن العدالة عدالة.. يجب أن تأخذ مجراها»، مشيرا إلى أنه «إذا صدرت أحكام بوجه بعضهم من الناس فهناك أناس لا يقبلونها أو يرفضونها ويحتجون عليها، ولكن هذا لا يمنع العدالة من أن تكون عدالة».

وفي حين رأى الفريق المسيحي في قوى «14 آذار» في كلام البطريرك صفير «الحقيقة بعينها»، مؤكدا السير وراء بكركي في كل ما يصدر عنها، انتقد الفريق المسيحي في «8 آذار» مواقف البطريرك التي تأتي غداة لقاء مسيحي في بكركي، غابت عنه أكبر كتلة نيابية تمثل المسيحيين عموما والموارنة خاصة في مجلس النواب، أي الكتلة التي يرأسها النائب ميشال عون.

وفي هذا السياق، قال النائب في كتلة عون حكمت ديب، لـ«الشرق الأوسط»: «مع احترامي لموقع البطريرك الكبير، ولكن كيف يمكن له أن يتأكد من أن العدالة هي عدالة حقيقية؟»، مشيرا إلى أنه «ثمة سوابق دولية مع هذه المحكمة تحديدا ولا ننسى كيف تم الزجّ بأناس في السجون، وتم توتير العلاقة بين لبنان وسورية». واعتبر أن «ذلك كاد أن يتسبب بفتنة داخلية».

في المقابل، أكد النائب في كتلة «الكتائب اللبنانية» إيلي ماروني أن «جميعنا تحت مظلة البطريرك صفير وما قاله هو الحقيقة بذاتها»، وقال، في اتصال مع «الشرق الأوسط»: «عندما تكون هناك جريمة، فهناك مجرم، والمجرم يجب أن يعاقب، لأن الأوطان من دون حقيقة وعدالة تدمَّر». واعتبر أنه «مهما كانت تداعيات القرار الظني وحكم المحكمة فستكون أرحم من دولة بلا قانون وبلا عدالة ومن تداعيات آلة القتل». وتساءل: «إذا لم نلتق تحت سقف بكركي، أين يريدون لنا أن نلتقي؛ في سورية أم في إيران؟».

في موازاة ذلك، أعرب الدكتور أنطوان حداد أمين سر «حركة التجدد الديمقراطي» التي يرأسها النائب السابق نسيب لحود، لـ«الشرق الأوسط» عن اعتقاده بأن البطريرك صفير «يفترض ضمنا أنه لن تحصل تداعيات سلبية إذا أحسن اللبنانيون التصرف»، موضحا أنه سبق أن «تمت مناقشة هذا الموضوع مع البطريرك صفير في اجتماعنا الأخير معه وهو يراهن على وعي اللبنانيين وتحديدا حزب الله في أخذ مسافة من الهجوم على المحكمة».