نتنياهو «يتوسط» بين واشنطن و«شاس» حول صفقة تجميد البناء الاستيطاني

في مفاوضات دامت طول الليل أفضت إلى تأجيل المصادقة على التأجيل

TT

بدلا من أن يحسم الأمر كرئيس للحكومة الإسرائيلية ويتخذ القرارات بقوة وحزم، يلعب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، دور الوسيط ما بين الإدارة الأميركية ووزير الداخلية في حكومته، إيلي يشاي، حول بنود الصفقة التي بموجبها توافق إسرائيل على تجميد البناء الاستيطاني لثلاثة أشهر مقابل الحصول على رزمة مساعدات عسكرية وسياسية أميركية، بينها «هدية» كبيرة عبارة عن 20 طائرة «أف 35» قيمتها 3 مليارات دولار وتعهد أميركي باستخدام الفيتو ضد قرار في مجلس الأمن الدولي للاعتراف بدولة فلسطينية من دون اتفاق مع إسرائيل.

وأدار نتنياهو هذه المفاوضات طول الليل، في الوقت الذي كان فيه أعضاء المجلس الوزاري الأمني المصغر للحكومة الإسرائيلية في حالة استعداد لاجتماع طارئ من أجل إقرار هذه الصفقة. وفي ساعة متأخرة من الليل، نشر ديوان رئيس الوزراء أن الاجتماع سيعقد في الصباح (أمس)، ولكنهم اعترفوا ظهر أمس بأن المفاوضات ما زالت مستمرة وأن اجتماع المجلس الأمني يؤجل من دون تحديد موعد.

وحسب مصادر سياسية إسرائيلية، فإن حزب «شاس»، الذي كان قد وافق في البداية على الامتناع عن التصويت في المجلس وفتح الباب بذلك لإقرار الصفقة، تراجع أمام الضغوط اليمينية والاستيطانية عليه. وفي الاجتماع الذي عقده نتنياهو مع وزيريه، إيلي يشاي (الداخلية) وأريه أتياس (الإسكان)، أوضحا أنهما في الوقت الحاضر يعارضان الصفقة ولكنهما مستعدان للامتناع وربما التأييد إذا تعهد الرئيس الأميركي، باراك أوباما، خطيا بالموافقة على البناء الاستيطاني في القدس الشرقية المحتلة وعلى استئناف البناء في مستوطنات الضفة الغربية بعد انتهاء فترة 3 أشهر.

وحصل نتنياهو على صيغة مسودة للصفقة، تبين منها أن من سيوقع على النص هي وزيرة الخارجية، هيلاري كلينتون، وليس أوباما، وأنه لا يوجد تعهدات عينية بخصوص القدس. وأن هناك بندا يقول إن على الطرفين أن ينهيا المفاوضات حول قضية حدود الدولة الفلسطينية في غضون أشهر التجميد الاستيطاني الثلاثة. وبدا أن الأميركيين يوافقون عمليا على تجميد البناء حتى تنتهي قضية الحدود، أي إنهم قد يطالبون باستمرار التجميد ما دامت المحادثات حول الحدود مستمرة.

ورفضت كلينتون الخوض في تفاصيل الصفقة عندما سؤلت أمس، عما إذا كان لديها الاستعداد لتقديمها خطيا. وقالت: «أستيطع فقط أن أعيد ما قلته وهو أننا على اتصال مع الفلسطينيين والإسرائيليين. ونكثف الجهود لخلق الأجواء المواتية لاستئناف المفاوضات التي يمكن أن تقود إلى حل الدولتين والسلام الشامل».

وحسب صحيفة «هآرتس»، الإسرائيلية أمس، فإن مسؤولا أميركيا كبيرا قال لها إن الولايات المتحدة ستطالب نتنياهو بتجميد البناء الاستيطاني في القدس المحتلة أيضا، والامتناع عن هدم منازل الفلسطينيين فيها خلال الفترة المقترحة. وأضاف أن نتنياهو لم يقل الحقيقة لـ«شاس» بشأن السياسة الأميركية تجاه القدس المحتلة. وقال: «خلافا لما يقوله نتنياهو لـ(شاس)، فإنه في حال تنفيذ الصفقة فإن الإدارة الأميركية تنوي مواصلة الضغوط على إسرائيل للحفاظ على الهدوء في القدس المحتلة خلال فترة التجميد البالغة 90 يوما». وقال أيضا إن أوباما بعث برسالة شفهية في أبريل (نيسان) الماضي إلى الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن) تضمنت أن الولايات المتحدة تأمل من الطرفين أن يتجنبا القيام بما يمكن أن يمس بالثقة، بما في ذلك القدس المحتلة. وأن أوباما أوضح في الرسالة نفسها أن واشنطن سترد بواسطة «خطوات وتغييرات في السياسة» على أي استفزاز يحصل خلال المفاوضات.

وكتبت «هآرتس» أن الإدارة الأميركية حددت، في السنة الأخيرة، أي عمليات يمكن اعتبارها بأنها تمس بالثقة، وتشمل الإعلان عن مخططات بناء كبيرة في القدس المحتلة، وإخلاء سكان فلسطينيين من بيوتهم، وهدم منازلهم. وأن الإدارة الأميركية أوضحت لإسرائيل أنه لا يوجد فرق بين حي يهودي وحي عربي في القدس المحتلة، وأن كل حالة سيتم فحصها على حدة من أجل تحديد ما إذا كان «استفزازا»، وكيفية الرد عليه. ونقلت الصحيفة عن المسؤول الأميركي قوله إن «هذه السياسة ستستمر في حال تجدد المفاوضات خلال الأيام التسعين من التجميد الجديد»، مشيرا إلى أن «الإسرائيليين يعرفون ذلك». وأضاف أن كل ما يقوله نتنياهو لـ«شاس» لتهدئتهم بشأن القدس المحتلة ليس صحيحا.

وردا على تصريحات المسؤول الأميركي، قال مكتب نتنياهو في بيان صحافي أمس «لا يوجد التزام أميركي بشأن القدس، وأن إسرائيل أوضحت أنه لن يكون هناك أي تجميد للبناء فيها، وأن هذا الموقف قاطع.. موضوع القدس لم يناقش في نيويورك، والقدس خارج النقاش، والبناء فيها سيتواصل».

وواصل قادة الاستيطان ومعسكر اليمين المتطرف في إسرائيل ممارسة الضغوط على الحكومة وعلى زعيم «شاس» الروحي، عوفاديا يوسيف، وقادته السياسيين، لرفض الصفقة الأميركية لكي لا يمس المشروع الاستيطاني. ويستعدون للإضراب العام في جميع المستوطنات وملء الضفة بالمظاهرات ضد الحكومة.