موقع إسرائيلي يكشف هويات قادة ارتكبوا جرائم بغزة

في إطار الدعوة إلى محاسبة الأشخاص وليس فقط الحكومات

TT

في إطار المعركة ضد جرائم الحرب، التي نفذها الجيش الإسرائيلي خلال حربه العدوانية على قطاع غزة قبل نحو سنتين، ظهر موقع جديد في الإنترنت، خلال الأيام الأخيرة، يكشف عن أسماء 200 ضابط وبياناتهم، يدعي أنهم شاركوا فيها ويتحملون مسؤولية مباشرة عنها ويدعو المواطنين الإسرائيليين، الذين يعرفون عن ضباط آخرين، أن يزودوا الموقع ببياناتهم ويدعو الزائرين للموقع أن ينشروا هذه البيانات لأوسع نطاق.

وأعرب ناطق بلسان الجيش وأجهزة الأمن عن قلقه الشديد من هذا الموقع ودعا إلى معالجته بكل صرامة وحزم.

ويظهر الموقع باللغتين الإنجليزية والعبرية، مما يشير إلى أنه إسرائيلي. وهو ينشر أسماء كل فرد من هؤلاء وأرقام بطاقات هوياتهم وتاريخ ميلاد كل منهم وعناوين سكنهم الشخصية. وبينهم رئيس أركان الجيش، غابي أشكنازي، ورئيس الأركان الجديد، يوآف غالانت، الذي كان، خلال الحرب، القائد الميداني وسيتولى رئاسة الأركان في فبراير (شباط) المقبل، ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، الجنرال عاموس يدلين، وقائد لواء المدرعات العميد أغاي يحزقيل، ورئيس دائرة التخطيط، العميد أمير أشيل، ورئيس قسم العمليات في الحرب الذي عين مؤخرا رئيسا لشعبة الاستخبارات، أفيف كوخافي، وقائد القوات الإسرائيلية في قطاع غزة، اللواء إيال أيزنبيرغ، وغيرهم.

وجاء في الموقع المذكور أن «نشر بيانات قادة الحرب المذكورة (من ديسمبر/ كانون الأول 2008 حتى 17 يناير/ كانون الثاني 2009)، هو عملية انتقامية هدفها إذلال أصحابها؛ فقد نفذوا جرائم بشكل مباشر بحق عشرات الأبرياء في قطاع غزة، من خلال الوظائف التي أشغلوها خلال الحرب؛ لذلك، لا تجوز تبرئتهم بالادعاء أنهم نفذوا أوامر القيادة السياسية الإجرامية.. إنهم يتحملون مسؤولية شخصية، كل وفقا لدرجته ومهمته».

ويقول محررو الموقع إن المعلومات المنشورة فيه جُمعت بشكل عشوائي من مصادر مجهولة ومن خلال مراجعات لعدة مواقع، خاصة الموقع الاجتماعي «فيس بوك». ولكن هذه البداية فقط. وهم يدعون زوار الموقع، الذين بلغ عددهم 3000 حتى يوم أمس، أي بعد يومين من إطلاقه، إلى تتبع آثار هؤلاء الضباط وغيرهم ونشره بشكل واسع، مؤكدين أن تركيزهم على الأشخاص نابع من ضرورة محاسبة الفرد بشكل شخصي على جرائمه وعدم الاكتفاء بمحاسبة الهيئات الحكومية ذات الشأن.

يذكر أن عدة حركات وجمعيات حقوق إنسان في أوروبا وغيرها تسعى إلى جمع معلومات كهذه، بالتعاون مع جهات فلسطينية، لكي تتقدم بطلبات إلى المحاكم لاعتقال مسؤولين سياسيين وعسكريين إسرائيليين ومحاكمتهم بتهمة ارتكاب جرائم حرب ضد الشعب الفلسطيني، خلال حرب غزة وقبلها وبعدها. وانضمت الحكومة الفلسطينية إلى هذه الجهود في السنتين الأخيرتين، وأثار ذلك الحكومة الإسرائيلية التي طرحت هذا الدور كعقبة أساسية في طريق مفاوضات السلام.

ويمتنع العديد من المسؤولين الإسرائيليين عن زيارة الدول الغربية التي تتيح قوانينها محاكمة أجانب بتهمة ارتكاب جرائم حرب، مثل بريطانيا وإسبانيا وغيرهما. وأقامت وزارة الخارجية الإسرائيلية جهازا خاصا يعمل بالتعاون مع المخابرات لمتابعة هذه القضايا، وفي الوقت نفسه تمارس الضغوط على تلك الدول لتعديل قوانينها. وفي الأسبوع قبل الماضي، انفجرت أزمة دبلوماسية مع بريطانيا بسببها؛ حيث إن إسرائيل ألغت مشاركة وزير الخارجية البريطاني، وليم هيغ، في طاولة حوار مستديرة حول استراتيجية مكافحة الإرهاب النووي والدور الإيراني فيها وأوضحت أنه ما دام هناك خطر باعتقال مسؤولين إسرائيليين في بريطانيا، فإن حوارا كهذا لن يكون مجديا.

وذكرت صحيفة «معاريف»، أمس، أن أجهزة الأمن الإسرائيلية تنظر، ببالغ الخطورة، إلى نشر هذا الموقع وعملية تجميع ونشر الأسماء والبيانات الأخرى، وأنها قلقة للغاية من مستوى التدهور الذي يعكسه.