ميدفيديف يطالب إيران ببرنامج نووي سلمي.. ونجاد: الضغوط لن تنجح معنا

طهران تختبر بنجاح نظاما صاروخيا يماثل مزايا النظام الروسي «إس - 300»

TT

أكد الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف أمس خلال لقاء مع نظيره الإيراني محمود أحمدي نجاد في باكو عاصمة أذربيجان، على أهمية الطابع «السلمي» للبرنامج النووي الإيراني. ورغم أن الرئيس أحمدي نجاد عبر عن استعداده للتفاوض حول ملف بلاده النووي فإنه رفض أي ضغوط، قائلا إن الدول الغربية «تظن أنها ستتوصل إلى نتيجة من خلال ممارسة ضغوط على إيران لكن هذا لن يحصل».

وقال سيرغي بريخودكو المستشار الدبلوماسي للرئيس الروسي على هامش القمة الإقليمية التي عقدت في باكو: «إن الرئيس ميدفيديف شدد على أهمية الطابع السلمي في استمرار البرنامج النووي الإيراني». وكانت إيران ومجموعة دول مجموعة خمسة زائد واحد (الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا) اتفقت على استئناف مباحثاتها بشأن البرنامج النووي الإيراني التي توقفت في أكتوبر (تشرين الأول) 2009. لكن لم يتحدد بعد موعد استئناف المباحثات ولا جدول الأعمال. وتشتبه المجموعة الدولية في سعي إيران لحيازة سلاح نووي تحت غطاء برنامجها النووي المدني وذلك رغم نفي طهران.

وهذا أول لقاء بين الرئيسين منذ رفض روسيا تسليم إيران نظاما حديثا من صواريخ إس - 300 المضادة للطائرات اشترتها إيران ما أثار جدلا بين البلدين. وقد ألغى ميدفيديف في سبتمبر (أيلول) صفقة بيع صواريخ إس - 300 متذرعا بالعقوبات التي ينص عليها قرار مجلس الأمن الدولي الذي أدان في التاسع من يونيو (حزيران) للمرة السادسة في 4 سنوات، البرنامج النووي الإيراني المثير للجدل. وتمنع العقوبات تسليم طهران بعض العتاد العسكري لكن القادة الإيرانيين اعتبروا ذلك القرار خضوعا من روسيا إلى الولايات المتحدة. وأضاف بريخودكو أنه رغم الاختلاف في وجهات النظر بين الطرفين كانت المحادثات بين ميدفيديف وأحمدي نجاد «منفتحة ولم يتم تجنب أي مسألة مثيرة للاستياء لا من جانبنا ولا من جانب نظرائنا» الإيرانيين. وقال إنه «تم التطرق إلى المسائل المتعلقة بضرورة تطوير العلاقات مع إيران». وتابع أن روسيا تريد مواصلة تعاونها مع الجمهورية الإسلامية في المجالات التي لم تصدر بحقها عقوبات الأمم المتحدة. وقد بنت روسيا أول محطة نووية في إيران انطلقت في نهاية أغسطس (آب) في بوشهر، جنوب البلاد.

من جانبه أعرب الرئيس الإيراني عن استعداده للتفاوض حول ملف بلاده النووي لكنه رفض أي ضغوط غربية. وقال نجاد على هامش القمة الإقليمية: «ما زلنا مستعدين للتفاوض». وأضاف أن الدول الغربية «تظن أنها ستتوصل إلى نتيجة من خلال ممارسة ضغوط على إيران لكن هذا لن يحصل. إنها تأمل في أن حصارا على إيران سيغير الشعب الإيراني. لكن العقوبات لن تؤثر على الشعب الإيراني».

وقال نجاد إن الحظر غير فعال ويتعين على الغرب أن يراجع نهجه العدواني إذا كان يريد النجاح للمحادثات على البرنامج النووي. وأضاف: «إذا كانوا يريدون نجاح المفاوضات، فإن عليهم وقف نهجهم الاستغلالي. إذا اتخذوا طرقا عادلة، فيمكننا أن نصل إلى نتائج ملموسة، ويمكن أن نتعاون بشأن قضايا العالم.. ولكن، إذا كانوا يريدون التحدث إلينا باستخدام الأساليب القديمة، فعليهم أن يعرفوا أن نتائج المفاوضات ستبقى كما هي عليه الآن. وقد اختارت إيران طريقها الخاص». وأضاف نجاد: «إيران لا تخاف الحظر».

ومن المتوقع أن تجتمع وفود من بريطانيا وفرنسا والصين وألمانيا لاستئناف المحادثات مع الإيرانيين، في 5 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، لكن لا يزال مكان الاجتماعات لم يحدد. واقترح أحمدي نجاد إسطنبول، في حين يقترح الغرب جنيف.

من جهة ثانية اختبرت إيران «بنجاح» نموذجا معدلا من نظام الصواريخ المضادة للطائرات إس - 200 تم تطويره بعد رفض موسكو تسليم هذا النظام إلى طهران، حسبما أعلن الجنرال محمد حسن منصوريان القائد المساعد للدفاع الجوي. ونقل الموقع الإلكتروني لشبكة التلفزيون «برس تي في» الناطقة بالإنجليزية عن الجنرال قوله إن النظام الجديد «لديه القدرة نفسها التي يتمتع بها النظام الروسي إس - 300». وتابع منصوريان: «لقد طورنا هذا النظام من خلال تحسين أنظمة مثل إس - 200 واختبرناه بنجاح». إلا أنه لم يوضح ماهية الاختبار ولا إذا تم خلال المناورات العسكرية للدفاع الجوي التي تجري حاليا في إيران. وأشار موقع «برس تي في» إلى أن منصوريان قال إن تفاصيل النظام المطور لصواريخ إس - 200 سيكشف عنها «قريبا».

وكان منصوريان أعلن في 10 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي أن طهران «ستختبر قريبا صواريخ بعيدة المدى للدفاع الجوي من بينها صواريخ إس - 300» إيرانية الصنع. وكان المسؤولون الإيرانيون أعلنوا مرارا عن عزمهم تطوير صواريخ مضادة للطائرات بعيدة المدى شبيهة بصواريخ إس - 300، وذلك بعد رفض موسكو تسليم هذا النظام إلى طهران بسبب العقوبات الدولية على البرنامج النووي الإيراني.

وبحسب المواقع المتخصصة، فإن نظام إس - 300 هو صواريخ أرض - جو بعلو متوسط ومرتفع وبعيدة المدى (حتى 150 كلم) طورتها روسيا في ثمانينات القرن الماضي لاعتراض عدة أهداف في الوقت نفسه سواء كانت طائرات أو صواريخ مثل صاروخ باتريوت الأميركي. ويشكل صاروخ إس - 300 نموذجا مطورا لصاروخ إس - 200 الذي اشترته إيران من الاتحاد السوفياتي في ثمانينات القرن الماضي وتم تطويره في ستينات ذلك القرن.

ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية عن منصوريان قوله إن «التهديدات البعيدة المدى تشكل 20% من التهديدات ضد أمتنا ولقد طورنا حلولا (لمواجهتها) من ضمنها تحسين نظام إس - 200 وقد تم اختباره».

وتقوم إيران منذ الثلاثاء بمناورات عسكرية لاختبار القدرات الدفاعية لنظام الرادارات لديها والصواريخ القصيرة والمتوسطة والبعيدة المدى. ولم تستبعد الولايات المتحدة وإسرائيل مرات عدة في السنوات الماضية شن ضربة عسكرية ضد إيران التي تتهمها الدول الغربية بالسعي إلى اقتناء السلاح الذري تحت ستار برنامج نووي لأغراض مدنية وهو ما تنفيه إيران باستمرار. في المقابل، ضاعف المسؤولون الإيرانيون المناورات العسكرية وتعزيز القدرات المسلحة في البلاد خصوصا لجهة الصواريخ.

وفي 22 سبتمبر (أيلول) الماضي ألغى الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف تسليم صواريخ إس - 300 إلى إيران بعد تبني قرار في مجلس الأمن الدولي يفرض عقوبات على إيران بشأن برنامجها النووي. وكان العقد الذي تجاوزت قيمته 800 مليون دولار الذي انتقدته الولايات المتحدة وإسرائيل مجمدا منذ أكثر من عام مما أثار غضب إيران التي هددت مرارا بملاحقة روسيا أمام القضاء. واعتبر الرئيس الإيراني أحمدي نجاد في مطلع نوفمبر الحالي أن روسيا «باعت» إيران إلى الولايات المتحدة عندما ألغت العقد بينهما. كما أعلن منصوريان الأسبوع الماضي أن روسيا رضخت لضغوط «النظام الأميركي والصهيوني».