«بي بي سي» تنفي تعرضها لضغوط سياسية دفعتها لتأجيل عرض وثائقي عن اغتيال الحريري

الشركة المنتجة للفيلم لـ «الشرق الأوسط»: «بي بي سي» تراجعت بعد اللبس الذي حصل في وسائل الإعلام اللبنانية

TT

نفى تلفزيون الـ«بي بي سي» أمس لـ«الشرق الأوسط» تعرضه لضغوط سياسية دفعته إلى اتخاذ قرار مفاجئ بتأجيل عرض فيلم وثائقي من ثلاثة أجزاء، عن اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، كان من المقرر أن يبث على الهواء مساء غد. وكانت الـ«بي بي سي» قد اشترت الفيلم الوثائقي من شركة إنتاج «أو آر تي في»، ومقرها لندن، ولم يعرض بعد في أي وسيلة إعلامية، رغم أن قناة «العربية» اشترته أيضا. واتخذت الـ«بي بي سي» قرارها بعد أيام من نشر صحيفة «الأخبار» اللبنانية، الموالية لسورية، أن الـ«بي بي سي» تتحضر لعرض وثائقي عن الاغتيال يتهم سورية وحزب الله بالجريمة. كما أذاع تلفزيون «الجديد» اللبناني، الموالي أيضا لسورية، مقتطفات قال إنها من الوثائقي، مستنتجا أنها تتهم سورية وحزب الله. وبررت هيئة الإذاعة البريطانية تأجيل العرض، في بيان، بأنه لا يتطابق مع قواعدها التحريرية. وأضاف بيان صادر عن المؤسسة، تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، أن «كل البرامج التي تعرض على بي بي سي للأخبار العالمية يجب أن تتطابق مع القواعد التحريرية، حتى البرامج التي نشتريها من مؤسسات مستقلة. وأحيانا، عملية التماشي مع القواعد التحريرية، تأخذ وقتا أطول لإنجازها، وهذا يمكن أن يؤثر على جدولة البرامج. وهذه السلسلة تصب في هذه الخانة». وقال مايك غاردنر، مسؤول التواصل الإعلامي في الـ«بي بي سي» ردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول وجود أسباب سياسية أو ضغوط خلف القرار: «لم يكن هناك أي ضغوط خارجية. الضغوط الوحيدة هي نفسها التي تواجهنا في كل البرامج التي نعرضها - مهما كان نوع البرامج - وهي التأكد من أن البرنامج يتوافق مع القواعد التحريرية للـ(بي بي سي)». وأضاف: «البرنامج مكتسب، أي اشتريناه من مؤسسة أخرى، ولم نتدخل في عمليات التكليف أو تطور التحرير منذ البداية، وقد حصلنا عليه فقط قبل بضعة أسابيع، وعملية تعديله ليتطابق مع سياستنا التحريرية تأخذ وقتا أكثر من المتوقع». وكان شركة «أو آر تي في» قد بدأت العمل على الوثائقي في عام 2008، واستمر العمل فيه عاما كاملا، إلا أنها عادت وأدخلت عليه تعديلات في الأشهر الأخيرة بسبب التغيرات السياسية، ولم تنته من إنتاجه إلا قبل فترة قصيرة. وأبدى عادل عبد الكريم، منتج تنفيذي في «أو آر تي في» ومن ضمن فريق عمل وثائقي الحريري، استغرابه لقرار الـ«بي بي سي». وأكد أن الوثائقي مر في مرحلتين «لتدقيق الكلام والتحقق من كل ما قيل في المقابلات التي أجريت». وأضاف: «تحفظ الـ(بي بي سي) جاء بعد ما أثير من قبل تلفزيون (الجديد) الذي تحدث عن نقاط غير موجودة في الفيلم الوثائقي». وشدد على أن الفيلم الموجود لدى الـ«بي بي سي» يضم وجهات نظر كل الأطراف، ويضم مقابلات مع أشخاص «من سورية ومن حزب الله، ومن لبنان والمحكمة الدولية والولايات المتحدة وكل الأطراف المعنية ومن بينها ألمانيا». ونفى أيضا أن يكون الوثائقي قد توصل إلى استنتاج اتهام سورية وحزب الله، وقال: «هنا حصل اللبس، في البداية عرض الوثائقي أن أصابع الاتهام كانت تشير إلى سورية، ولكن لاحقا أضفنا تصريحات الحريري الشهيرة التي جاءت في (الشرق الأوسط) حول أن اتهام سورية كان خطأ..». ونفى أن يكون خلف قرار الـ«بي بي سي» دافع سياسي، ولكنه قال: «هم متحفظون جدا، وقد رأوا بعد أن أثيرت هذه الأخبار، أنه من الأفضل وقف بث الفيلم في الوقت الحاضر. لم يوقفوه، فقد اشتروه منا، ولكن ارتأوا أن يؤجلوا عرضه لوقت لاحق لأن الوقت الآن غير مناسب». وأضاف عبد الكريم أنه لم يحصل أي اتصال مع صحيفة «الأخبار» وأن ما كتبته كان استنتاجا وليس استنادا إلى نسخة الوثائقي. وأضاف: «تلفزيون الجديدة وصحيفة الأخبار كان لهما استنتاجاتهما الخاصة، نحن عرضنا في الفيلم ما حصل في الواقع مسير الأحداث؛ كيف وجهت الاتهامات في البداية لسورية ثم تصريحات الحريري بالتراجع..». وكان تلفزيون «العربية» قد اشترى الوثائقي أيضا، إلا أن المناقشات لا تزال جارية أيضا مع «أو آر تي في» لإدخال بعض التعديلات عليه، وإدارة التحرير لم تعط الإذن ببثه بعد، كما أكد عبد الكريم. وتعذر أمس الاتصال بمسؤولي البرامج في «العربية» للتعقيب على الموضوع.