المسؤول السياسي بالحزب الحاكم في السودان: ما نخشاه قيام دولة عدائية في الجنوب

د. غندور لـ «الشرق الأوسط» : لن نقبل بنتيجة استفتاء «مضروب».. والجنوبيون سيكونون في أمان

د. إبراهيم غندور («الشرق الأوسط»)
TT

* سلام مع الانفصال خير من وحدة مع الحرب

* 20% من الوظائف العليا سيتركها الجنوبيون.. والطلاب سيبقون في مدارسهم وجامعاتهم

* لن يكون هناك اتفاق على جنسية مزدوجة.. ولكننا اتفقنا على حدود متحركة تتيح حرية التنقل

* الحديث عن الهجرة الجماعية للجنوبيين غير صحيح.. ونذكر أنهم كانوا يهاجرون شمالا حتى في زمن الحرب

* الحكومة الحالية ستستمر بعد الانفصال.. ولن تكون هناك انتخابات جديدة إلا في مواعيدها المحددة

* لن نحكم وحدنا الشمال.. والأبواب ستكون مفتوحة لشركاء آخرين

* وضع الدكتور إبراهيم غندور، أمين العلاقات السياسية في حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان، النقاط فوق الحروف، مؤكدا ما ظل يقال سرا في أروقة حزبه، من أن انفصال الجنوب بات «حالة واقعة». وعلى الرغم من أن المؤتمر الوطني الذي يقوده الرئيس عمر البشير ظل يدعو إلى الوحدة ويطلق الحملات للترغيب فيها، فإن غندور قال إن هذا السيناريو يظل الأضعف، وإن سيناريو الانفصال بات هو الأقوى؛ «لأن الحركة الشعبية دعمت الخط الانفصالي مستخدمة القوة والسلطة والثروة في الجنوب»، معبرا عن مخاوفه من قيام دولة عدائية في الجنوب.

وطمأن غندور، المسؤول عن وضع السياسات العامة لحزبه، في حوار مع «الشرق الأوسط» عبر الهاتف من لندن، الجنوبيين في الشمال، وقال إنهم سيكونون في أمان، مستبعدا ما قيل بأنهم لن ينالوا حقوقهم في العلاج والتعليم.

وقال: «السودان ظل يقدم للأفارقة فرص التعليم والعلاج المجاني لعشرات السنين، فكيف يبخل على أهلنا في الجنوب؟»، لكنه أشار إلى وجود خلافات كبيرة حول منح الجنسية لهم. وقال: «هذا أمر طبيعي». ونوه المسؤول البارز في الحزب الحاكم بأن التقارير التي تشير إلى هجرة جماعية للجنوبيين، غير دقيقة، مشيرا إلى أن واحدا في المائة فقط من جنوبي الشمال هم الذين رحلوا، وأوضح أنهم يعانون من أحوال سيئة، حسب الأمم المتحدة، وأن بعضهم قرر الهجرة العكسية، مؤكدا أن المخاوف ستكون في الجنوب أكثر من الشمال.

وقال غندور إن حزبه لن يحكم وحيدا في الشمال بعد ذهاب الحركة الشعبية، وإن الأبواب ستكون مفتوحة لشركاء آخرين.. وقال إن مؤسسات الدولة في الشمال من رئاسة الجمهورية والحكومة والبرلمان القومي وحكام الولايات، والمجالس الولائية ستظل قائمة وتستمر في عملها حتى نهاية دورتها. وأضاف: «لن تكون هناك انتخابات جديدة في الشمال، إلا في مواعيدها المحددة سلفا».

* 50 يوما تبقت على استفتاء الجنوب، وما زال هناك كثير من الخلافات.. ومفوضية الاستفتاء تقول إن الزمن المتبقي لا يكفي.. هل تتوقعون قيامه في موعده؟

- نحن ملتزمون بتطبيق اتفاقية السلام وفق ما تأتي به مؤسساتها، ومن بينها مفوضية الاستفتاء.. وملتزمون بالموعد الذي حددته، ولكننا أيضا نشاطر المفوضية في قضية ضيق الوقت.. وقد تركنا الأمر لهذه الجهة لتحديد ما تراه، وملتزمون بقراراتها جميعها. نعم هناك عقبات ونتحاور مع شركائنا حولها، سواء عبر لجنة الاتحاد الأفريقي عالية المستوى، برئاسة ثابو أمبيكي رئيس جنوب أفريقيا السابق، أو الولايات المتحدة متمثلة في موفد الرئيس أوباما، الجنرال سكوت غريشن. ونتحاور أحيانا بصورة مباشرة مع شركائنا في اتفاقية السلام، الحركة الشعبية، من خلال الأطر الثنائية. وقد قطعنا شوطا لا بأس به، ولكن ما زال هناك عدد من العقبات مطلوب تجاوزها قبل أن نقول إننا اتفقنا تماما.

* هل لديكم إحساس بأن هذه العملية لن تتم في موعدها، أم إن تمت فلن تكون بالصورة المطلوبة؟

- في صلب الاتفاقية هناك كثير من القضايا التي ضرب لها موعد بعينه، ثم يترك الخيار فيها للشريكين، بالاتفاق على التأجيل أو الاستمرار في العملية. ومن بين تلك القضايا الانتخابات السابقة والاستفتاء.. فمثل هذه القضايا تحتاج إلى التزام مشترك بين الشريكين، ومع التزامنا بتنفيذ بنود الاتفاقية نؤكد التزامنا بالاستفتاء، رغم أننا نحس بأنه قد يأتي بطريقة «مكلفتة» (على عجل)، ومثال على ذلك بداية تسجيل الناخبين الذي تزامن مع موسم الحج، ووجود عدد كبير من المسلمين الجنوبيين في الأراضي المقدسة، وعطلة عيد الأضحى التي تستمر لمدة 7 أيام لمصادفتها العطلة الأسبوعية، (الجمعة والسبت)، فكان وراء ذلك إقبال ضعيف في مراكز التسجيل في الشمال. كان من الممكن تفادي تلك السلبيات من خلال قيام ترتيبات أفضل. رغم ذلك نحن لا نريد أن نعطي العالم إشارات سالبة.. عالم يراقب ويتابع هذه العملية بحرص شديد. كما أننا نريد أن يتم تنفيذ الاتفاقية بالدقة المرجوة، باعتبارها إنجازا تاريخيا لأهل الشمال والقارة الأفريقية إذا تم التوصل من خلالها إلى سلام شامل، لأن الاتفاقية جاءت أساسا من أجل السلام.

* حتى ولو انفصل الجنوب؟

- إذا انفصل الجنوب بسلام، وتحقق الاستقرار بين الدولتين فهو أفضل من حالة الحرب التي تعيشها كثير من بقاع القارة الأفريقية حاليا. نحن نعتبر تنفيذ الاتفاقية بمثابة الاختبار المعملي لقضية السلام والشراكة السياسية في أفريقيا، لذلك فإن غرضنا أن نعطي نموذجا بالتزامنا بها.

* هل تقبلون بنتيجة استفتاء «مكلفت» (يتم على عجل) كما تتخوفون؟

- الاستفتاء «المكلفت»، ربما ينتج لوجود ضعف في العملية الانتخابية نفسها، ولكن قد لا يعني أن يكون مزيفا.. نحن نقبل بأي نتيجة للاستفتاء نشعر أنها تعبر عن إرادة الجنوبيين. وما لا نقبله ونخشاه هو أن لا يتم بصورة نزيهة، تزيف خلالها الحقائق عن طريق الضغوط والتدخلات، مثل ما حدث في انتخابات الجنوب الأخيرة التي شهدت فوضى وتزييفا أكده المراقبون الدوليون من أمثال مركز كارتر والأحزاب الجنوبية الأخرى. نريد استفتاء نزيها، يكون امتدادا لما حققته اتفاقية السلام، لأن الاستفتاء «المضروب» سيكون مشكلة للشمال.. وحتى في الجنوب نفسه.

* هل تتوقعون تكرار الفوضى التي حدثت أيام الانتخابات في أبريل (نيسان)؟

- نتمنى أن لا تحدث ونتمنى من شركائنا في الحركة الشعبية أن يكونوا أكثر وعيا لما قد ينجم عنه استفتاء مضروب.. ومشكوك في نزاهته. نثق في أن المفوضية ستحاول أن تجعل من الضوابط التي أوجدتها، وسيلة لاستفتاء نزيه.. ومن المراقبين، أن يعملوا على منع أي اختراق قد يفسد العملية برمتها.

* تتحدثون وكأن المسؤولية وحدها تقع على عاتق حكومة الجنوب.. ما هو دوركم للخروج باستفتاء نزيه؟

- نحن نشارك بفعالية في عملية الاستفتاء. وهي مسؤولية مفوضية الجنوب. ويقود المؤتمر الوطني ومعه حكومة الوحدة الوطنية وأحزاب المعارضة التي كونت لجنة قومية للوحدة، حملة من أجل الدعوة إلى الوحدة، تقوم بعمل مكثف في الشمال والجنوب.

* أقصد.. إذا وقعت فوضى فهل من يتحمل المسؤولية هم الجنوبيون وحدهم؟

- نتمنى أن لا تحصل فوضى. ومشاركتنا تأتي من أجل تقليل أي اختراقات.

* ما هي أهم العقبات الآن؟

- ضيق الزمن الممنوح لتسجيل الناخبين، والدعاية.. والأمر الثاني يكمن في التوجه الانفصالي الذي تقوده الحركة الشعبية، وقد بدا واضحا جدا في الفترة الأخيرة.. فهي تملك السلطة والثروة وتسخرهما من أجل الانفصال، الأمر الذي جعل بعض الوحدويين الجنوبيين يخشون على أنفسهم، من الإعلان عن نواياهم بصورة واضحة. نرجو أن تتاح الفرص كاملة لأبناء الجنوب للتعبير عن توجهاتهم. ونرجو أن لا يتم خداع الجنوبيين مثل ما يحدث حاليا بتصوير الأمور في الشمال وكأنها قابلة للانفجار.. وإنهم سيواجهون عنفا رغم أن الجنوبيين، وحتى في أيام الحرب، كانوا يهاجرون نحو الشمال أكثر من أي من دول الجوار الأخرى.

* قلت إن فترة الحج وعطلات العيد هي التي أسهمت في انخفاض مستوى التسجيل في الشمال.. ولكن هناك تقارير أخرى تقول إنها بسبب الهجرة الجماعية للجنوبيين، خوفا من تزوير النتائج في الشمال وهربا من العنف خلال فترة الاقتراع..

- هذه تقارير كاذبة ولا تمت إلى الواقع بصلة.. لا توجد هجرة جماعية جنوبية بالمفهوم الذي تتحدث عنه هذه التقارير.. هناك جهات تروج لمثل هذه الاتجاهات. وحسب أرقام الأمم المتحدة، فإن الذين رحلوا إلى الجنوب لم يتعد 5 آلاف شخص، أغلبهم هاجر إلى مناطق ولاية الوحدة الجنوبية المتاخمة، ويواجهون معاناة حقيقية هناك حسب الأمم المتحدة، بل إن بعضهم فكر في الهجرة العكسية. وحتى هؤلاء ذهبوا إلى هناك تحت دعاوى البعض الذين صوروا لهم أن الأمور قد تنفجر في وجوههم في حال انفصال الجنوب. ولكن نذكر أيضا أن تقارير الأمم المتحدة، أشارت أيضا إلى أن أعدادا تفوق التي هاجرت من الشمال، تركوا الجنوب وهاجروا إلى دول الجوار خوفا من عنف متوقع في الجنوب.

* ما هي السيناريوهات المتوقعة؟

- السيناريو الأرجح هو سيناريو الانفصال، لأن الحركة الشعبية تبنت هذا الخط من وقت مبكر وعملت لأجله ووفرت له الإمكانات والقوة داخل الجنوب. ما نتمناه أن يصاحب الانفصال سلام دائم مع الدولة التي ستنشأ. السيناريو الثاني هو سيناريو الوحدة، وهو على الرغم من ضعف فرصه فإنه يظل قائما.. لأن السياسة في بلادنا وإقليمنا ليس لها قراءات ومآلات يمكن أن تحدد بشكل ثابت. على الدوام هناك تغيرات وفق المعطيات التي تتبدل كل يوم. سيناريو آخر نتخوف منه، هو انفصال مع قيام دولة عدائية.. وهو ما نعمل لتفاديه مع القوى الأخرى، في الاتحاد الأفريقي من خلال الاتفاق على أطر تعاون في حالتي الانفصال والوحدة. ولذلك قدمنا ورقة إطارية تتمثل في شراكة اجتماعية وسياسية وأمنية، نتواصل من خلالها، باعتبار أننا كنا - وحتى وقت قريب - شركاء في وطن واحد. وأن نتعاون من أجل شعبنا وأمتنا.

* تراجعت مؤخرا لهجة الحرب.. رغم وجود من يهدد بعودتها؟

- هناك لوردات حرب في الجنوب، يحاولون دوما إشعال فتيلها رغم أنهم لم يخوضوا غمارها يوما. ولكن هناك حقيقة تراجع في التلويح بالحرب، لأن الحوار الذي دار في الفترة الماضية أعاد العقلانية. المطالبات الآن تدور حول سلام مستدام، لأن الحرب ليس فيها كاسب. الذي يخسر فيها هو المواطن المغلوب على أمره، الذي لا يد له في قضايا الحرب ويدفع فاتورتها من أمنه واستقراره ورخائه.

* هناك وزراء شماليون يلوحون دائما بحرمان الجنوبيين من حقوق المواطنة والعلاج.. وآخرهم من قال إن الجنوبيين لن يحصلوا على «حقنة» بعد الانفصال.. وكذلك حول الجنسية وحرمانهم منها..

- قضية الجنسية من القضايا الشائكة.. التي ما زلنا نتحاور بشأنها. وأؤكد أنه لن يكون هناك اتفاق على جنسية مزدوجة. ليس هناك أي أمة من الأمم تمنح جنسيتها لشعب آخر بأكمله في دولة ثانية. هذا يعرض الأمن السياسي والاجتماعي والاقتصادي للدولة المعنية للخطر. ويجعل مستقبل الأجيال القادمة مرهونا لآخرين من خارج القطر. نحن اتفقنا على حدود متحركة، تعطى الحق للشعبين في حرية التنقل والحركة، خصوصا بين قبائل التماس.

* وماذا عن التلويح بحرمان الجنوبيين من حق العلاج والتملك والوظائف؟

- العلاج حق إنساني.. يعطى لأي إنسان مهما كانت جنسيته. لكن قوانين الدول تنظم دائما أمور الأجانب الذين يقطنون فيها. السودان ومنذ عشرات السنين يؤوي الأفارقة ويقوم بمنحهم العلاج والمأوى المجاني، فكيف يحرم منه أهلنا في الجنوب. ما قصد مما أثير في السابق، هو أن الجنوبيين لن يتمتعوا بالجنسية إذا انفصل إقليمهم، وهذا أمر طبيعي. لكن نؤكد للجميع أن الجنوبيين سيكونون في أمان بين أهلهم في الشمال حتى ولو اختاروا أن ينفصلوا عنهم.

* هناك من يتحدث عن فجوة قد تحدث في الشمال إذا هاجر الجنوبيون، وأن أحياء بكاملها قد تخلى ووظائف ستهجر؟

- النزوح الذي يتحدث عنه الناس ليس كما يتصورونه.. كما قلت؛ جرت محاولات لإغرائهم على الهجرة ولم تنجح.. ومن غادر الشمال لا يتعدى واحدا في المائة، الأمر الذي يؤكد أن الشمال آمن، وأن البعض رحل وقام ببيع ممتلكاته، هذا شيء طبيعي ومتوقع. أي إنسان يرحل لا بد له أن يتخلص من بعض ممتلكاتها أو يحملها معه، ولكن ما حدث ليس بالشيء الذي يمكن أن يتحدث عنه وكأنه ظاهرة، بل هم أعداد محدودة. أما قضية الوظائف فإن هناك 20% من الوظائف العليا تخص الجنوبيين، حسب اتفاقية السلام، وهي ليست بالأمر الكارثي إذا علمنا أن مجمل المتمتعين بالوظائف في الخدمة المدنية لا يتعدى 600 ألف في كل أنحاء السودان. ولكني أقول إن الأزمة لن تكون في الشمال، بل في الجنوب، لأن العدد الذي انتقل إلى هناك سيعاني من البطالة لأن الجنوب ليس لديه استثمارات.

* وماذا عن آلاف الطلاب الجنوبيين في المدارس والجامعات في الشمال.. ما هو مصيرهم؟

- على الرغم من أنه لا يوجد قرار حكومي في هذا الشأن، فإني أؤكد أن جميع الطلاب الجنوبيين سيستمرون في مدارسهم وجامعاتهم، ولن يتأثروا بشيء. لا أعتقد أن تكون هناك حكومة راشدة، ظلت تدعو إلى الوحدة الأفريقية الجامعة وتمد يدها لكل الطلاب الأفارقة.. بل وأنشأت جامعة لهم (جامعة أفريقيا في الخرطوم) 90% من طلابها من الأفارقة، ويتمتعون بمزايا كاملة لا يتمتع بها الطالب السوداني، يمكن أن تقوم بفصل طلاب من أبناء أهلنا، في الجنوب، من الجامعات لأي سبب.

* هل هذه رسالة تطمينية لهم؟

- نعم هذه رسالة لكل أبناء الجنوب من الطلاب في جامعات السودان.. ونذكرهم بأن وزير التعليم العالي الآن هو من الجنوب، هو البروفسور بيتر أدوك، تعلم ودرس في جامعة الخرطوم.

* ماذا عن أبيي، هل من حل في الأفق.. هناك مقترحات كثيرة؛ ما هو الأقرب للتطبيق؟

- أبيي ما زالت محل خلاف، ولكنها قابلة للحل.. صحيح أن اللجان المشكلة من أجلها فشلت في الوصول إلى حل، إلا أن هيئة رئاسة الجمهورية التي رفع الأمر لديها قادرة على حلها. الرئيس البشير الآن يؤدي مناسك الحج، وعند عودته سيجتمع مع نائبيه سلفا كير وعلي عثمان محمد طه لإجلاء الأمر. لكننا نؤكد أن أي حل يحرم قبيلة المسيرية (الشمالية)، ذات الأغلبية في المنطقة، من حقوقها في المنطقة، لن يكون مقبولا. نحن نريد أن يتم تنفيذ بروتوكول أبيي (ضمن اتفاقية السلام)، الذي ينص على حق المسيرية في المشاركة في الاستفتاء. نحن مع إعطاء كل قبائل المنطقة حقوقها. لا يمكن القبول بأي بدائل تجحف حق قبيلة، لأن ذلك يعني أن التوتر سيستمر، لا يمكن حل مشكلة لنخلق مشكلة أخرى. لا يوجد أحد يمكن أن يسكت عن حقه الضائع. لذا لن نقدم أي تنازلات مهما كانت الضغوط والمغريات.

* هناك مخاوف على اقتصاد السودان.. كيف تستعدون لمرحلة ما بعد النفط؟

- نذكر أن 30% من النفط في الشمال، كما أن نصيب الحكومة المركزية من النفط حاليا 50% تصرف من خلاله على الجنوب نفسه، على إعادة ما دمرته الحرب، وتصرف منه على مؤسسات اتفاقية السلام. لذلك لن يكون هناك تأثير يذكر على اقتصاد الشمال. مع العلم بأن أنابيب النفط ومصافي تكريره، وموانئ تصديره موجودة في الشمال. ويمكن تغطية أي فرق، ولن يكون كبيرا، من موارد أخرى كثيرة، وعلى رأسها المعادن، والذهب التي بدأت في الظهور في بنود الميزانية العامة العام الماضي. فالذهب كان موجودا بشكل واضح ضمن منتجات الدخل القومي، كما أن التصدير للمنتجات الحيوانية الحية ارتفع بصورة كبيرة، بالإضافة إلى إمكانات السودان الزراعية الهائلة. اقتصاد السودان كان مستقرا منذ عام 1996، علما بأن البترول بدأ إنتاجه عام 1999، وبالتالي فالذي صمد عبر السنوات، لا يغلبه أن يصمد حتى دون نفط. والنفط، كما ذكر وزير النفط، وهو من أبناء الحركة الشعبية، ربما يكون أكثر في الشمال.

* دولة الجنوب.. هل يمكن أن تكون فاشلة؟

- نحن نتمنى الوحدة.. أما إذا وقع الانفصال فنتمنى لدولة الجنوب الاستقرار، لأن الفوضى ستؤثر أيضا شمالا. وسيبحث قادة الجنوب عن عدو خارجي من أجل تجاوز العقبات الداخلية.. ولن يجدوا غير الشمال. أما إذا استقروا فسنستقر نحن أيضا، لذلك لا نريد قيام دولة فاشلة لهم. ونذكر أن جارنا الجنوبي سيستبدل 3 جيران لنا (أوغندا وكينيا والكونغو) كانت لنا معهم حدود، وهي دول ترزح تحت المشكلات. وهذا مكسب لنا. نريد حكومة راشدة في الجنوب تستوعب الجميع حتى تنعم بالاستقرار، وما نخشاه قيام حكومة تهيمن عليها قبيلة بعينها، وبالتالي تنشأ النزاعات، وهذا سندفع ثمنه نحن أيضا كما يدفع ثمنه أهل الجنوب.

* هل ستحكمون في الشمال وحدكم.. في ظل غياب شريككم الحركة الشعبية؟

- الاتفاقية والدستور نصت على أن المؤسسات القائمة في الشمال؛ رئاسة الجمهورية والحكومة والبرلمان القومي حكام الولايات، والمجالس الولائية ستظل قائمة وتستمر في عملها حتى نهاية دورتها. وبالتالي لن تكون هناك انتخابات جديدة في الشمال، إلا في مواعيدها المحدد سلفا. الأمر الثاني فإن الحكومة الحالية فيها عدد من الأحزاب الأخرى غير المؤتمر الوطني، وبالتالي فلسنا وحدنا. وكل الأمور مفتوحة لشركاء آخرين.. ولن نستبعد الحوادث.. ولكننا نقول إن لكل حدث حديث.