رئيس الوزراء الصومالي: حربنا الأولى ضد «القاعدة».. ونفتح باب الحوار مع «الشباب»

فرماجو قال لـ «الشرق الأوسط» إن أعضاء حكومته مؤهلون وفي انتظار الدعم العربي والدولي

TT

اعتبر رئيس الحكومة الصومالية محمد عبد الله فرماجو أن شن حرب على تنظيم القاعدة في الصومال بات أمرا حتميا، بالنظر إلى ما يسببه هذا التنظيم من حالة عدم الاستقرار وانعدام الأمن، مؤكدا عزمه على طرد عناصر التنظيم والموالين له من داخل الأراضي الصومالية.

وقال فرماجو في حديث لـ«الشرق الأوسط»، هو الأول له منذ تعيينه، إن الحرب على «القاعدة» ليست خيارا أو رفاهية، بل هي السبيل الوحيد لإحداث تغيير جذري في الصومال الذي يعاني منذ نحو 19 عاما من حرب أهلية طاحنة وفوضى أمنية وسياسية عارمة. وأوضح فرماجو، عبر الهاتف من العاصمة الصومالية مقديشو، أن العالم كله لن يكون آمنا إذا نجح تنظيم القاعدة في اتخاذ الصومال قاعدة مستقرة له، محذرا من تبعات هذا، ليس فقط على أمن الصومال أو منطقة القرن الأفريقي، بل سيمتد أثره إلى مناطق مختلفة وكثيرة في العالم. وقال إن حكومته ستفتح باب الحوار مع حركة الشباب المجاهدين، التي تقاتل الحكومة في مقديشو.

وأكد رئيس الوزراء الصومالي ثقته في حصوله على الأغلبية المطلوبة من أعضاء البرلمان الصومالي لدى اجتماعهم المرتقب في الثاني والعشرين من الشهر الحالي لمنح حكومته الثقة المطلوبة لكي تبدأ عملها. وشدد على أن مكافحة الفساد ومحاولة تحقيق الأمن والاستقرار على صدر أولويات حكومته المكونة من 18 وزيرا معظمهم - كما قال - مؤهلون وأكاديميون ولديهم خبرة لا بأس بها في العمل العام.

* ماذا تتوقع من الاجتماع المقبل للبرلمان؟

- قدمت أعضاء حكومتي إلى البرلمان والرئيس، وأنتظر من البرلمان أن يمنح ثقته المطلوبة لهذه الحكومة حتى تبدأ عملها خلال أيام.

* البعض لديه تحفظات على تشكيل حكومتك؟

- ربما، لكن أعضاء حكومتي مؤهلون ولديهم تعليم جامعي وبعضهم لديه شهادات أعلى.. وهم مستعدون لخدمة هذا البلد، ومعظمهم لديه خبرة طويلة في مجال تخصصه.

* لكن بعض أعضاء البرلمان يقولون في المقابل إنهم لا خبرة لديهم في العمل السياسي؟

- حسنا، الموقف في الصومال معقد، والوضع الأمني سيئ للغاية.. والمشكلة الرئيسية هي أمران: الموضوع الأمني، ووجود حكومة قوية وفاعلة. وبطبيعة الحال هذه الحكومة ستعمل على تحقيق الأمن بتنظيم صفوف قواتنا وضمان مرتباتها لمقاتلة أعدائنا، وهي حكومة ذات مهام سياسية وأمنية وستقدم خدمات عامة لصالح عموم الشعب. ولدينا هدف إيجابي وموضوعي، ونتمتع بالمصداقية والشفافية المطلوبة.

* بعض الشائعات كانت تدعي أن اختيارك للوزراء تحكمه خلفية علاقتك مع أميركا؟

- هذا ليس صحيحا على الإطلاق.. بعضهم قدم من الولايات المتحدة وأوروبا، لكنهم في النهاية مواطنون صوماليون ولديهم خبرات وتعليم، ومن حقهم أن يأتوا هنا للعمل من أجل الشعب خاصة أنهم يتمتعون بالمقومات اللازمة والمطلوبة وعلى أعلى مستوى.

* هل اخترتهم بنفسك من دون أي تدخلات خارجية؟

- نعم، وكل أعضاء الحكومة كما تعلم جدد، وبعضهم كانوا في حكومات سابقة، وتم اختيارهم عبر التعاون بيني وبين الرئيس.. لكن بشكل عام أنا من اختارهم أو أوصيت بهم.

* تعاقب الكثير من رؤساء الوزارات، لكن خلافاتهم مع الرئيس أطاحت بهم، فما الذي يجعل منك مختلفا عنهم؟

- إحدى أولوياتي أيضا العمل مع الرئيس شيخ شريف شيخ أحمد، ورئيس البرلمان شريف آدم حسن، ومن دون هذا التعاون لا يمكنني أن أمارس عملي. يتعين علينا حل أي مشكلة بالحوار المباشر بدلا من تدويلها أو نقلها إلى الخارج.

* وهل تتوقع التعاون الكامل من الطرفين؟

- من دون شك، وأؤكد لكم أن لدينا الآن علاقات جيدة مع الرئيس ورئيس البرلمان، وأؤكد أن العلاقات بين الرئيس ورئيس البرلمان باتت جيدة، وهما يعملان للصالح العام.

* كيف ستتعامل مع الملف الأمني؟

- يجب أن يتم إقرار السلام، ولدينا مسؤوليات محددة في هذا الصدد، ويتعين علينا تنظيم أنفسنا وقواتنا ومواجهة أعدائنا.. أعتقد أنه لا سبيل آخر لمواجهة الأعداء إذا لم يقبلوا التعامل معنا.

* ومن هم أعداؤك تحديدا؟

- هم هؤلاء الجهاديون الذين قدموا إلى هنا من أفغانستان وباكستان في محاولة للحصول على ملاذ آمن واستغلال ظروف الصومال المعروفة وعدم وجود حكومة فاعلة منذ سنوات طويلة، كي يشنوا هجومهم على بقية العالم من هنا. هؤلاء هم أعداؤنا. أما الصوماليون المنتمون لهم فليسوا مهاجمين، وليست لديهم خلفية عن الآيديولوجيا التي يتبناها هؤلاء. ونتحدث هنا عن المقاتلين والإرهابيين الدوليين لأن الصوماليين المحليين هنا لا يفهمون حقيقتهم تمام الفهم.

* هذا يعني أن حربكم الأولى ستكون ضد تنظيم القاعدة؟

- نعم.. هؤلاء الذين قدموا من أفغانستان وباكستان، وعليهم أن يرحلوا فورا، وأن يسعوا للجهاد من بلادهم، بدلا من استخدام أراضينا واستغلال مواطنينا.

* وهل «القاعدة» قوية بما يكفي لزعزعة الاستقرار في بلدكم؟

- نعم بالتأكيد.. هؤلاء ينتمون إلى تنظيم قوي ولديه قدرات عسكرية وقتالية، ويتعين علينا مواجهتهم لأنهم يهددون السلام والاستقرار في الصومال. ليس أمامنا أي خيار آخر للدفاع عن أنفسنا وبلادنا ومواطنينا، إذا حضروا إلى هنا لتدمير بلادي فلن أتردد في مقاتلتهم ومواجهتهم.. وأناشد العالم العربي والمجتمع الدولي دعمنا، لأن هؤلاء الإرهابيين إذا نجحوا في مهمتهم وفازوا بهذه الحرب هنا فلن يترددوا في الذهاب إلى أي عاصمة عربية أخرى، ولن يبقى أحد سالما.

* كيف ستفعل ذلك؟

- بالتأكيد من دون دعم المجتمع الدولي لن نتمكن من تحقيق ما نريد للقضاء على هؤلاء. هذه هي أفضل فرصة للولايات المتحدة وللدول العربية ولأوروبا وأفريقيا أن يأتوا إلينا للمساعدة لكي نتمكن من استعادة السيطرة على الأمور.

* حسنا هل تفكر في علاقة خاصة مع الولايات المتحدة؟

- سنعمل مع أي دولة بما في ذلك الدول العربية والإسلامية، خاصة الدول الأفريقية التي لديها قوات هنا تعمل ضمن قوات الاتحاد الأفريقي لحفظ السلام، مثل أوغندا وبوروندي. وسنقيم علاقات خاصة مع أي دولة تريد مكافحة الإرهاب أو تكون لديها مصلحة مشتركة معنا في القضاء على «القاعدة» والإرهاب. وأريد أن أقول للعالم إن ما يحدث هنا مسألة خطيرة جدا، وإذا نجح الإرهابيون وكسبوا هذه الحرب سينتقلون إلى مناطق أخرى في العالم.. هؤلاء الإرهابيون أعلنوا استراتيجيتهم، ونواياهم معلنة، وعلى الجميع أن يدعم حكومتي لمواجهتهم.

* كيف ستتعامل مع الحزب الإسلامي وحركة الشباب، وهل ستعتبرهما جزءا من «القاعدة»؟

- نحن نتكلم عن السلام، ومستعدون لحوار إيجابي مع هؤلاء الذين ليسوا على صلة مباشرة بتنظيم القاعدة.. أي شخص لديه استعداد للعمل معنا لإعادة بناء الدولة نحن على أتم استعداد للتعاون معه.

* هناك تقرير يقول إن الصومال يتصدر قائمة خطر التعرض لإرهاب محتمل، هل توافق عليه؟

- نعم.. وما من شك في أن تنظيم القاعدة يمكن فقط أن يعيش في بيئة مثل الصومال حيث لا حكومة قوية.. ولديهم ملاذ آمن لتدشين استراتيجيتهم. وعلينا العمل على بناء حكومة قوية تكون فاعلة لمواجهة خطر هؤلاء، ودعني أناشد المجتمع الدولي من خلال صحيفة «الشرق الأوسط» أن يتعاون معنا.

* ماذا تتوقع من العالم العربي؟

- العالم العربي، خاصة الجامعة العربية، نريد دعمهم السياسي والمالي. كانت الدول العربية دائما مساعدة وتقدم خبرات أمنية ومساعدات مالية، ونطلب منهم الآن مضاعفة هذا المجهود من أجل المساعدة على حكومة قوية وإعادة بناء هذه الدولة.

* لكن العرب فقدوا ثقتهم في الحكومات التي سبقتك، فما الذي جد على الأوضاع؟

- هذه حكومة جديدة.. وأولوياتنا هي مكافحة الفساد.. وأعضاء الحكومة مؤهلون لذلك. ومن أجل إعادة الاستقرار علينا أن نحظى بحكومة قوية، ونتطلع إلى الدول العربية لمساعدتنا لكي نمضي قدما في عملنا ونخدم شعبنا بطريقة أمنية.