مسيرات لـ«الإخوان» بدلتا مصر.. وقوات الأمن تتصدى لها بالرصاص

لجنة الانتخابات تتراجع عن قرار تنفيذ الأحكام القضائية وتشترط عدم وجود موانع

TT

في الوقت الذي تراجعت فيه اللجنة العليا للانتخابات المصرية عن قرارها تنفيذ الأحكام القضائية كافة لصالح المرشحين، قالت جماعة الإخوان ومصادر بالمحافظات إن قوات الأمن بمدينة المحلة، وسط دلتا مصر، أطلقت أعيرة نارية وقنابل مسيلة للدموع لتفريق مسيرة للنائب سعد الحسيني، عضو مكتب الإرشاد، مرشح الجماعة في الانتخابات البرلمانية على مقعد «الفئات» بالمدينة، ما أدى إلى سقوط جرحى وصفت إصابات بعضهم بـ«الخطيرة».

وصفت المصادر الاشتباكات بالعنيفة، مشيرة إلى أن قوات الأمن اعتقلت العشرات من أعضاء الجماعة وأهالي قرية كفر حجازي إحدى قرى دائرة المرشح، بينما رفضت مصادر أمنية بالمحافظة التعليق على الأمر.

وقال محمود محمد، أحد مساعدي النائب الحسيني، في اتصال هاتفي أجرته معه «الشرق الأوسط» من قرية كفر حجازي إن قوات الأمن طوقت مسيرة «الإخوان» عقب صلاة الجمعة كانت تضم نحو 7 آلاف شخص، وإن نحو 15 حافلة تابعة للأمن المركزي مدعومة بنحو 10 عربات مدرعة، طوقت المسيرة وحاولت منعها من أن تجوب القرية.

وأضاف أن قوات الأمن استخدمت القنابل المسيلة للدموع وأطلقت أعيرة نارية في محاولة لتفريق المسيرة، وأنها استدعت سيارات المطافئ للاستعانة بها بعدما اشتبكت مع أهالي القرية، وأوقعت إصابات بينهم وصف بعضها بـ«الخطيرة»، مشيرا إلى أنه لم يتسن بعد إحصاء أعداد المصابين، نظرا لاستمرار الاشتباكات حتى كتابة هذا التقرير، مرجحا أن تتجاوز أعداد المصابين العشرين، بينما اعتقل العشرات من أعضاء الجماعة وأهالي القرية.

وشهدت دوائر أخرى اشتباكات بين قوات الأمن وأنصار مرشحي الجماعة، فقد فرقت قوات الأمن مسيرة بالسيارات لتأييد رمضان عمر مرشح «الإخوان» على مقعد «العمال» بحلوان، واعتقلت العشرات من المشاركين فيها، كما شهدت مدينة طلخا بمحافظة الدقهلية (120 كيلومترا شمال القاهرة) اشتباكات مماثلة، إذ تم تفريق مسيرة مرشحي «الإخوان» بالدائرة عبد المحسن قمحاوي ومايسة الجوهري (مقعد المرأة). واحتجزت قوى الأمن محمد عبد الباقي، عضو الكتلة البرلمانية لـ«الإخوان» بمجلس الشعب، نائب الدائرة لساعات قبل أن تطلق سراحه مساء أمس.

على صعيد متصل، أعلنت اللجنة العليا للانتخابات، المنوط بها إدارة العملية الانتخابية المقرر الاقتراع فيها يوم 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، أن تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة بشأن الانتخابات سيكون في ضوء ضوابط، منها عدم وجود موانع قانونية تحول دون تنفيذ تلك الأحكام، وذلك في تطور لافت بعد ساعات قليلة من قرار سابق لها نشرته أمس «الشرق الأوسط»، أكدت فيه امتثالها للأحكام القضائية كافة. وبينما اعتبر مراقبون القرار موجها ضد مرشحي «الإخوان»، قالت الجماعة إن «قرار اللجنة الأول بالامتثال لأحكام القضاء أكثر إثارة للدهشة من قرارها الثاني.. إذ كيف تقرر قبول ما هو واجب النفاذ أصلا».

وقالت مصادر قانونية وبرلمانية لـ«الشرق الأوسط» إن قرار اللجنة الجديد من شأنه أن ينسخ قرارها القديم الذي كان يقضي بالتنفيذ الفوري لجميع الأحكام القضائية المتعلقة بالانتخابات، ويجعل الآن وزارة الداخلية صاحبة القول الفصل في تنفيذ الحكم أو عدم تنفيذه بذريعة وجود «موانع قانونية تحول دون التنفيذ».

واعتبرت المصادر أن هذا الشرط جاء ليمثل ثغرة قانونية تحول دون تنفيذ أحكام قضائية كثيرة حصل عليها مرشحو «الإخوان» بشأن العملية الانتخابية وضد منافسيهم من أعضاء الحزب الوطني الديمقراطي، وفي مقدمتها الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري الذي ألزم اللجنة بزيادة أعضاء اللجان العامة للانتخابات من رجال القضاء الذين يتولون الإشراف على اللجان الفرعية التي تتشكل من موظفين إداريين من العاملين بهيئات الدولة.

من جانبه، قال الدكتور محمد مرسي، المتحدث الرسمي باسم الإخوان المسلمين، إن «قرار اللجنة بالامتثال لأحكام القضاء أكثر إثارة للدهشة من قرارها الجديد.. إذ كيف يمكن للجنة إدارية أن تقرر الالتزام بالأحكام القضائية.. كأن من سلطاتها أن ترفض أحكام واجبة النفاذ».

واعتبر مرسي أن قرار اللجنة يطلق يد وزارة الداخلية لتتحكم في العملية الانتخابية وبمباركتها، مشيرا إلى أن الجماعة قد استبشرت خيرا بعدما سمح لمرشحيها بتقديم الأوراق وأعلنت هذا في حينه، وتابع بقوله إن «الموقف تبدل تماما الآن».

وتعد جماعة الإخوان أبرز قوى المعارضة في مصر، وحصلت في الانتخابات الماضية على 88 مقعدا في مجلس الشعب، وهو ما اعتبره قيادات الحزب الحاكم «خطأ لا يجب تكراره»، وبررته حينها بصراع مرشحي حزبها على المقاعد نفسها، مما أدى إلى تفتيت الأصوات. وتخوض الجماعة المنافسة في الانتخابات المقبلة بـ130 مرشحا رسميا يتنافسون على 508 مقاعد، بعدما أضيف 64 مقعدا مخصصا للمرأة، وذلك بخلاف المرشحين الاحتياطيين للجماعة (رفضت تحديد أعدادهم)، وهو تكتيك تتبعه الجماعة لتجاوز ما تصفه بـ«التضييق الأمني ضد مرشحيها».

من جهته، نفت اللجنة العليا للانتخابات على لسان مصدر رفيع بها، أن يكون القرار الأخير للجنة العليا للانتخابات قد انتقص من صلاحياتها لصالح وزارة الداخلية، مؤكدا أنه جاء مفسرا بصورة أوضح عن سابقه، وأن القرارات الصادرة في هذا الشأن جاءت في إطار سعي اللجنة إلى التنظيم والإدارة الأفضل للعملية الانتخابية، موضحا أن بعض الأحكام هناك استحالة في تنفيذها.