الإسرائيليون يشككون في مصداقية نتنياهو حول الصفقة الأميركية

مصادر أميركية: 20 طائرة «إف 35» ليست هدية ولا مقابل تجميد الاستيطان

TT

بعد أن اتضح أن الصفقة التي اقترحتها الولايات المتحدة على إسرائيل بغية استئناف المفاوضات المباشرة مختلفة تماما عما صرح به رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الأسبوع الماضي، راح الإسرائيليون يتساءلون إن كان رئيس حكومتهم قد كذب، أم أنه فهم بالمقلوب ما قالته له وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، في نيويورك قبل 10 أيام.

وأدى سوء التفاهم في الموضوع إلى وقف المحادثات الداخلية بين نتنياهو وحلفائه في الائتلاف، الذين كانوا يساومونه على الموقف من الصفقة. وأخذ لنفسه فترة هدوء، إلى حين يتفاهم مع الإدارة الأميركية حول النص الواضح للصفقة.

كان نتنياهو قد عاد من نيويورك، نهاية الأسبوع الماضي، مبلغا أن لديه مقترحا أميركيا مغريا يقضي بتجميد البناء الاستيطاني، لمدة 3 شهور مقابل الحصول على هدية مجانية تتمثل بـ20 طائرة من طراز «إف 35»، أحدث المقاتلات في العالم. كما قال إنه حصل على تعهد بألا يشمل التجميد البناء في القدس المحتلة، وأن إسرائيل تستطيع، في نهاية فترة التجميد، العودة إلى البناء من دون اعتراض أميركي أو مطالبة إضافية بتمديد التجميد. وقال نتنياهو، وفقا لمصادر سياسية مقربة منه: إن كلينتون تعهدت أيضا بأن تستخدم أميركا حق النقض (الفيتو) إذا طرح الفلسطينيون مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي، للاعتراف بدولة فلسطينية خلال السنة المقبلة.

أمام هذه المقترحات، نجح نتنياهو في تجنيد أكثرية تؤيده في المجلس الوزاري الأمني المصغر، وحتى حزب «شاس» اليميني لم يستطع الوقوف أمام الإغراء فقرر الامتناع عن التصويت، كي يتيح للأكثرية أن تصادق على الصفقة. بيد أن رئيس الحزب إيلي يشاي (وهو وزير الداخلية)، طلب أن تصاغ بنود الصفقة بشكل خطي وتوقيع الرئيس الأميركي باراك أوباما.

وهنا بدأت تُسمع تصريحات في واشنطن تعمد تسريبها للصحافة الإسرائيلية، تفند ادعاءات نتنياهو. وحسب «يديعوت أحرونوت»، أمس، فإنه من غير الواضح إذا كانت الطائرات المذكورة ستُمنح لإسرائيل كهدية، أم أن ثمنها سيُخصم من أموال الدعم العسكري السنوي الأميركي لإسرائيل بقيمة 3 مليارات دولار، وأن هذه الطائرات ستعطى لإسرائيل ليس مقابل تجميد البناء الاستيطاني 3 شهور، بل فقط في حالة التوصل إلى اتفاق سلام دائم مع الفلسطينيين في غضون سنة.

وذكرت الصحيفة أن الأميركيين لم يسلموا باستمرار البناء الاستيطاني في القدس المحتلة خلال شهور التجميد، وأنهم ما زالوا يعتبرون هذا البناء غير شرعي، ويطالبون إسرائيل بالامتناع عن هدم البيوت الفلسطينية في القدس، مع العلم بأن بلدية الاحتلال كانت قد حصلت على تصريح من المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، بهدم مئات البيوت الفلسطينية في القدس الشرقية المحتلة وضواحيها.

وأضافت الصحيفة أن واشنطن لم توافق على استئناف البناء الاستيطاني في الضفة الغربية بعد انقضاء مدة 3 شهور، بل تربط بين هذا وبين مسألة ترسيم حدود الدولة الفلسطينية. وتقول إنها تشترط إتمام المفاوضات بنجاح حول مسألة الحدود خلال الشهور الثلاثة. وتصر على استمرار تجميد البناء الاستيطاني ما دامت المفاوضات حول هذا البند لم تنته بنجاح. والغرض من هذا الشرط هو أن يتفق الطرفان على حدود الدولة الفلسطينية العتيدة، وعندها يصبح البناء مسموحا فقط في المناطق التي ستبقى، حسب الاتفاق، ضمن تخوم إسرائيل، بينما يحظر البناء في المستوطنات التي يتفق على إخلائها في إطار اتفاق السلام.

في ضوء هذا التطور، صرح نتنياهو، الليلة قبل الماضية، بأنه يسعى بكل قوته للتفاهم مع الأصدقاء الأميركيين على صيغة تؤدي لتحريك عملية السلام. وقال، خلال محاضرة له أمام الجامعة الهندسية «التخنيون» في حيفا: إن المحادثات مع واشنطن مستمرة، وهدفها دفع المفاوضات المباشرة إلى الأمام. ومن دون الدخول في تفاصيل الصفقة الأميركية، قال: «الاقتراح الأميركي مجد جدا؛ لأنه يشحن إسرائيل بالقوة والثقة بالنفس، ويوفر لها عناصر الدفاع عن النفس في الحروب».

من جهة ثانية، خرج أحد زعماء المعارضة الإسرائيلية، شاؤول موفاز، نائبا عن حزب «كاديما»، بتصريحات مؤيدة لموقف الحكومة، رافضا فيها تجميد البناء الاستيطاني ومعتبرا إياه «خطأ فاحشا من الناحية الاستراتيجية». ولكنه هاجم الحكومة قائلا إن مساهمتها في تجميد مفاوضات السلام هي سبب البلاء الذي يصيب إسرائيل؛ حيث إن انعدام المفاوضات يؤدي إلى تعميق عزلة إسرائيل وانجرارها إلى الحرب.

أما المستوطنون فقد زاد هذا التطور من حدة انتقاداتهم لسياسة نتنياهو. وسيعلنون غدا الإضراب العام في جميع المستوطنات وسيقيمون مظاهرة كبيرة أمام مقر الحكومة في القدس الغربية.