التحالف الكردستاني يفضل «النفط» على «الخارجية»

قيادي كردي لـ «الشرق الأوسط»: الخلافات العالقة تدق إسفينا في علاقات الإقليم بالمركز

TT

يتوقع أن تنطلق المفاوضات والمشاورات السياسية حول تشكيل الحكومة العراقية المقبلة في غضون أيام بعد انتهاء عطلة عيد الأضحى، في الوقت الذي يستبق العديد من الكتل السياسية تلك المشاورات بوضع أعينهم على المناصب القادمة وخصوصا «السيادية»، ولكن مصدرا قياديا في التحالف الكردستاني أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «ما يدور من حديث حول تقاسم الوزارات وترشيح أشخاص لشغلها ما هو إلا تكهنات لا تسمن ولا تغني من جوع، لأن المفاوضات لم تبدأ بعد، ومن السابق لأوانه الحديث عن توزيع المناصب لأن ذلك مرتبط بالتفاهمات والمفاوضات التي ستبدأ بعد عطلة العيد».

وقال المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه: «فيما يتعلق بائتلاف الكتل الكردستانية هناك توجه عام بالسعي نحو الحصول على إحدى الوزارتين السياديتين (النفط) أو (المالية) فمنصب الخارجية لم يعد ذا أهمية بالنسبة للتحالف الكردستاني، خاصة أن هناك تكالبا عليه من قبل القائمة العراقية التي تحاول الاستحواذ عليه، ونحن من جهتنا لا نعترض على تسليمه لهم ولكن نفضل أن لا يسند المنصب إلى رئيس جبهة الحوار صالح المطلك».

وحول تصريحات الرئيس جلال طالباني الذي فضل إبقاء وزير الخارجية الحالي هوشيار زيباري في منصبه باعتباره شخصية كفؤة نجح في قيادة الوزارة لحد الآن، قال القيادي الكردي: «لسنا ضد إبقاء السيد زيباري، ولكننا نحتاج في المرحلة المقبلة إلى وزارات تسهم في حل مشكلاتنا العالقة مع الحكومة المركزية ببغداد، وهما وزارتا المالية أو النفط، ولا اعتراض على تبوء السيد زيباري لأي من هذين المنصبين، وما طرحه الرئيس طالباني يعبر طبعا عن وجهة نظره الشخصية، وعلى العموم فإننا في الكتلة الكردستانية لم نصل بعد إلى مرحلة التفاوض حول تشكيل الحكومة العراقية المقبلة، ولذلك لا نستطيع طرح أسماء معينة لشغل المناصب السيادية حاليا ويجب أن ننتظر بدء المفاوضات ومشاورات المالكي معنا عندها ستقرر الكتلة شروطها ومطالبها بالمناصب القادمة بما فيها السيادية».

وكان القيادي في التحالف الكردستاني محمود عثمان قد صرح « بأن صالح المطلك مشمول بقانون اجتثاث البعث، ولذلك من الصعب ترشيحه لحقيبة الخارجية من دون رفع ذلك القيد القانوني عليه والذي يحرمه من تسلم أي وظائف في الحكومة، وحتى لو حدث ذلك فإنني لا أحبذ توليه هذه الحقيبة، لأن واجب الوزارة أن تعكس الوجه الحقيقي للدولة في الخارج، والمطلك غير مؤهل لأداء هذا الدور والتعبير عن الصورة الحقيقية للواقع العراقي، فالمتوقع منه أن ينحاز إلى كتلة معينة من الكتل العراقية».

من جهته أكد مستشار وزارة الموارد الطبيعية في حكومة إقليم كردستان علي حسن بلو لـ«الشرق الأوسط» أن «مسألة توزيع المناصب الوزارية سواء كانت خدمية أو سيادية مرهونة بالتوافقات بين الكتل العراقية على تشكيل الحكومة، ونحن نشعر بأن هناك إصرارا من القائمة العراقية على تسلم وزارة الخارجية، والتحالف الكردستاني لا يعترض على تسليم تلك الوزارة للقائمة، لأن التحالف يرغب في مشاركة جدية وفاعلة من القائمة العراقية في الحكومة المقبلة، وفي سبيل إرضاء قادة القائمة فلا مانع لدينا من التخلي عن حقيبة الخارجية رغم أن السيد هوشيار زيباري أثبت كفاءة عالية وجدارة كبيرة في قيادة الوزارة والإمساك بملف الخارجية، ونجح في إعادة العراق إلى المحافل الدولية وكذلك في الانفتاح على محيطه العربي، ولاستكمال جهوده في إخراج العراق من تبعات البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة والتي بدأها زيباري منذ توليه حقيبة الخارجية، فإن من مصلحة العراق أن يبقى في منصبه».

وسألته «الشرق الأوسط»: أنتم تتحدثون عن المصلحة العراقية، ولكن أين المصلحة الكردية من إعادة ترشيح زيباري للخارجية؟ فأجاب: «من دون شك فإن وزارتي النفط والمالية هما من أولويات كتلة الائتلاف الكردستاني أثناء بدء مفاوضاتها مع رئيس الوزراء المكلف والكتل السياسية العراقية، وتعلمون بأن الكتلة الكردية في بغداد ستخوض المفاوضات على أساس الورقة الكردية المقدمة إلى الكتل العراقية وفيها مطالب محددة، بما فيها حل الخلافات القائمة بين حكومة الإقليم والمركز، فإذا ما تم حل تلك الخلافات وفق السياقات القانونية والدستورية المحددة، عندها لا يهم أي وزارة ستكون من حصة الجانب الكردي، ونحن نعتقد بأن عدم حل الخلافات القائمة بين الحكومتين الإقليمية والمركزية سيثير الكثير من المشكلات، وسيدق إسفينا في علاقات الإقليم والمركز».

ولخص المسؤول الكردي المشكلة النفطية القائمة بين حكومة الإقليم والحكومة العراقية بالقول: «المشكلة أساسا كانت ناجمة عن العقلية التي أدارت السياسة النفطية في العراق خلال الفترة السابقة، فوزير النفط الشهرستاني أدار تلك السياسة بعقلية مركزية القرار وهذا بالأساس مخالف للدستور الذي يتيح صلاحيات واسعة للأقاليم لإدارة سياستها النفطية، كما أن تخلف الوزير عن العمل على إصدار قانون النفط والغاز الفيدرالي ساهم بدوره في تأخير حل الخلافات النفطية القائمة، وإلا فقد كان بالإمكان حل تلك الخلافات في السنتين الأوليين من تشكيل الحكومة السابقة، وبناء عليه فنحن نرى بأن شخصية الوزير الذي سيتسلم حقيبة النفط ستلعب دورا مهما في حل خلافاتنا العالقة مع المركز».