مسؤولون وأصحاب شركات يمنية: «القاعدة» دمرت السياحة

وكيل «الإعلام»: مخرب يغلب ألف عمار > الاتحاد اليمني للسياحة: 60% إلغاء في الحجوزات

صورة التقطت لسياح عام 2008 يتجولون بأمان في الجزء القديس من العاصمة اليمنية صنعاء (رويترز)
TT

اليمن ليس فقط متحفا مفتوحا كما يحلو لبعض العاملين في قطاع السياحة تسميته لكنه لوحة فنية طبيعية مرسومة من جبال عملاقة عليها قرى معلقة على قمم الجبال وقلاع قديمة ومع ذلك يعد قطاع السياحة في اليمن من أقل القطاعات نموا في الاقتصاد اليمني، بل إنه يسجل تراجعا في معدلات النمو لأسباب عدة من بينها وأبرزها الأعمال التي قام بها تنظيم القاعدة في اليمن والمجاميع المتشددة.

تعود بدايات استهداف قطاع السياحة من قبل الجماعات المتشددة إلى الحادثة التي كان وراءها ما سمي في حينه جيش عدن - أبين الإسلامي في ديسمبر (كانون الأول) سنة 1998، عندما استهدفت مجموعة أصولية متشددة عددا من السياح الغربيين جنوبي البلاد. وقد سجلت الحادثة كأول حادثة من النوع، حيث كانت الأعمال التي تستهدف السياح قبلها تقوم بها مجاميع قبلية لها مطالب معينة لدى الدولة ولا علاقة لها بالسياح الذين كانوا يعيشون في بحبوحة من العيش عند خاطفيهم إلى أن تلبى مطالب الخاطفين. وجاءت حادثة يوليو (تموز) 2007 التي قتل فيها ثمانية سياح إسبان بالإضافة إلى اثنين من اليمنيين العاملين في مجال السياحة على يد عناصر من «القاعدة»، هذه الحادثة كما يرى محمد النزيلي صاحب وكالة «الإخوة للسفريات والسياحة» BTA كانت نقطة تحول في مسار العمل السياحي اليمني حيث أصيب القطاع بشلل كبير، وما إن بدأ التعافي من الصدمة حتى جاءت حادثة مقتل ثلاثة سياح بلجيكيين في شهر واحد 2008 في حضرموت على يد مجاميع متشددة فاستمر كساد العمل في القطاع السياحي بشكل أكبر من ذي قبل حتى جاءت حادثة أخرى تمثلت في مقتل سائح كوري ومرشد سياحي يمني في شبام حضرموت سنة 2009 مما زاد من حالة الكساد التي يمر بها القطاع السياحي في اليمن.

ولا يخفي مطهر تقي وكيل وزارة الإعلام اليمني حجم التأثر في قطاع السياحة في اليمن بسبب ما سماه «العمليات التخريبية» التي تقوم بها «القاعدة» حيث «مخرب واحد غلب ألف عمار» حسب قوله، غير أنه أكد أن الأذى الأكبر لحق بهذا القطاع من الإعلام ومن الدول الحليفة لليمن في محاربة الإرهاب والتي تقدم لـ«القاعدة» أكبر خدمة عندما تحذر رعاياها من السفر إلى اليمن أو عندما تطلب السفارات من رعاياها مغادرة البلاد. وإذ يؤكد تقي أن اليمن تأذى كثيرا بفعل التغطية الإعلامية التي تعقب أي حدث متعلق بالجانب الأمني في اليمن، فإنه أكد عدم الموضوعية في تغطية وسائل الإعلام، حيث يشير إلى أنه في الوقت الذي خرج فيه من اليمن طردان مشبوهان - على سبيل المثال - فإن الضجة التي أثيرت كان مبالغا فيها، في حين أن عددا مضاعفا من الطرود المشابهة خرج من اليونان إلى عدد من الدول الأوروبية ولكن التعاطي الإعلامي كان مختلفا في الحالتين وهذا لا يمكن النظر إليه إلا على أساس سياسة الكيل بمكيالين.

ويوضح تقرير صادر عن وزارة السياحة اليمنية لعام 2009 انخفاض حركة سفر السياح لليمن، وإلغاء الحجوزات الفندقية وبالتالي تراجع معدل الأشغال الفندقية وتراجع أسعار الإقامة وتسريح جزء من العمالة في قطاع السياحة والفندقة، وصعوبة المنافسة في الأسواق السياحية - في ظل محدودية الموارد. وأشار التقرير كذلك إلى تراجع عدد المشاريع الاستثمارية السياحية خلال عام 2008م إلى (12) مشروعا فقط، بعد أن وصلت إلى (27) مشروعا في عام 2007م، و(33) مشروعا في عام 2006م، ونتيجة لذلك انخفضت التكلفة الاستثمارية للمشاريع المحلية والأجنبية المنفذة في عام 2008م إلى نحو (1766) مليون ريال، بعد أن وصلت إلى (3552) مليون ريال في عام 2007م، و(4115) مليون ريال في عام 2006م.

ويشير عبد الجبار عبد الله سعيد الوكيل المساعد لوزارة السياحة لقطاع الخدمات والأنشطة إلى تضاؤل وتناقص قدوم الأفواج السياحية الأجنبية سواء الأوروبية والأميركية بالإضافة إلى تناقص السياح القادمين من منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي وتحديدا المملكة العربية السعودية، حيث تناقصت أعداد السياح من جانبين فخلال عام 2009 كان هناك انخفاض عن العام السابق 2008م بنسبة 4% ووصل حجم الخسائر في القطاع السياحي إلى «100» مليون دولار في عام 2009.

ومع ذلك فإن أعدادا من السياح تفد إلى اليمن من دول جنوب شرق آسيا وبالتحديد من إندونيسيا وماليزيا، وخاصة أثناء فترات الحج والعمرة، لأن كثيرا من المعتمرين والحجاج الماليزيين يجعلون اليمن محطة لهم قبل أو بعد أداء المناسك وذلك لزيارة أقارب لهم في اليمن لأن كثيرا منهم ينحدرون من أصول يمنية، وفوق ذلك فإن السياحة البينية بين اليمن والدول العربية وخاصة اليمن ودول الخليج العربية تجد نشاطا أفضل من السياحة المعتمدة على السياح القادمين من الدول الغربية على الرغم من تأثر السياحة البينية وضعف إقبال السياح العرب على اليمن في العامين الأخيرين حسب عبد الجبار عبد الله سعيد وكيل وزارة السياحة.

ويرى تقي أن اليمن بحاجة إلى ترويج سياحي شامل، وهو ما بدأت وزارته بالفعل العمل على إنجازه، ولكن عبد الباسط الصوفي مدير شركة oriental Tours السياحية يؤكد أن القاعديين دمروا السياحة في اليمن بدعوى أنها تعارض القيم الدينية. ويرى محمد بازع مسؤول قطاع السياحة في الاتحاد اليمني للسياحة أن السياحة في اليمن تأثرت بالفعل بعاملين: العامل الأول هو الأعمال الأمنية التي تقوم بها بعض المجاميع هنا أو هناك لكن العامل الأهم هو عامل التضخيم الإعلامي المبالغ فيه عن حجم التوترات الأمنية. ويضيف بازع دعني أضرب لك مثالا عندما علقت ألمانيا استقبال أو إرسال الرحلات والشحن الجوي بين اليمن وألمانيا بعد حادثة الطرود المشبوهة انهالت كل وسائل الإعلام على الخبر تحليلا وتعليقا وأبعادا ودلالات. وعندما رفعت ألمانيا الحظر لم يشر إلى خبر رفع الحظر إلا قنوات قليلة وبشكل سريع. والأمر كذلك عندما تغلق سفارة ما أبوابها في صنعاء لظروف أمنية يكون خبر الإغلاق هو الطاغي، لكن عندما تعاود السفارة فتح أبوابها فإن أحدا لا يشير إلى ذلك. وفي معرض حديث مسؤول قطاع السياحة في الاتحاد اليمني للسياحة عن حجم التأثر، يقول: إن نسبة الحجوزات الملغاة ارتفعت إلى 60% وإن عدد السياح الذين يصلون إلى اليمن قد تناقص بشكل كبير إلى ما فوق النصف في بلد كان في فترة الثمانينات ينافس الهند وسورية في حيوية قطاعه السياحي حسب عبد الباسط الصوفي مدير oriental Tours للسياحة.