«الناتو» يدخل مرحلة جديدة: درع مضادة للصواريخ الباليستية وعلاقة أفضل مع روسيا

قمة لشبونة تنطلق بالتشديد على أهمية «تحديث» حلف شمال الأطلسي

قادة دول الناتو خلال اجتماع عمل في أول يوم من قمتهم الأطلسية في لشبونة، أمس (إ.ب.أ)
TT

انطلقت أعمال قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) أمس بتشديد المسؤولين على أهمية «تحديث» الحلف لمواكبة القرن الـ21. وناقش قادة الدول الأعضاء في الحلف في الجلسة الافتتاحية للقمة المنعقدة في لشبونة وثيقة «المفهوم الاستراتيجي» الذي يحدد الأهداف الاستراتيجية للحلف للعقد المقبل، مع تحديد مصادر الخطر الأساسية للحلف.

وفي افتتاحه للقمة أمس، قال أمين عام «الناتو» آندريه فوغ راسموسن: «سنتخذ قرارات هنا تحدد مستقبل كل الحلف، وتجسد التزامنا بحرية وأمن كل مواطنينا». وأوضح أن القمة ستعالج «حماية مواطنينا من التهديدات التقليدية والجديدة وبدء علاقة جديدة مع روسيا وستحدد عمل الناتو كي يحصل دافعو الضرائب على أفضل ما يمكننا تقديمه من الأموال التي تصرف».

وسيخصص صباح اليوم لمعالجة التحدي الأساسي أمام الحلف حاليا وهو التغلب على تنظيم القاعدة والتمرد في أفغانستان. إلا أن «المفهوم الاستراتيجي» يسعى إلى النظر أبعد من أفغانستان، وهي العملية الحربية الأولى للناتو، لمستقبله البعيد الأمد.

وستتولى الوثيقة قضية نظام الدرع الصاروخية المثيرة للجدل، التي تعتبرها واشنطن أولوية لها، خاصة بعد أن أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما أن بلاده ستتخلى عن خطط لإقامة الدرع الصاروخية بناء فقط على اتفاقيات ثنائية مع الدول المضيفة من أجل وضعها تحت مظلة الحلف. وكانت تركيا، العضو الوحيد من منطقة الشرق الأوسط في الحلف، من أبرز المعارضين لاستهداف إيران تحديدا في إقامة هذه الدرع. وبعد مشاورات داخل الحلف تم الاتفاق على عدم الإشارة إلى طهران رغم أنها تعتبر من أكثر الدول المثيرة لقلق الحلف من استخدام صواريخ باليستية.

وقال الناطق باسم الناتو جيمس أباتوري لـ«الشرق الأوسط»: «قال الأمين العام للحلف إنه ليس هناك حاجة للإشارة إلى دولة محددة، نحن نريد حماية دول الحلف من تهديد الصواريخ الباليستية». وردا على سؤال حول إذا كانت إيران الدولة المعنية في هذه القضية، اكتفى أباتوري بالقول: «هناك أكثر من 30 دولة تحاول تطوير صواريخ باليستية». وأضاف: «هذا تهديد عام متحرك، ونريد أن تكون قدرتنا على التصدي له مرنة وقادرة على مواجهته».

وستشمل الوثيقة تحديدا المخاطر التي تواجه الحلف وسبل مواجهتها، مع العمل على تقليص الإنفاق العام بسبب الأزمة الاقتصادية. وقال أباتوري: «القضية هي أننا نحدث الحلف، ونقلص من نشاطاتنا التي كنا بحاجة لها والاستثمار بما نحتاجه»، مشيرا بشكل أخص إلى الوقاية من الصواريخ الباليستية وحماية الفضاء الإلكتروني. ومن المرتقب أن يناقش أعضاء الحلف تعاونهم في مجال مكافحة الهجمات الإلكترونية، بالإضافة إلى تحديات أخرى مثل القرصنة والتهديدات من مجموعات مسلحة غير تابعة لدولة محددة. وأضاف أن الوثيقة ستتحدث أيضا عن أهمية توسيع العلاقات والتعاون مع دول العالم وخاصة القوى الناشئة مثل الصين والهند وبالطبع الخصم القديم روسيا.

وفي هذا الإطار، يحضر الرئيسان الأميركي باراك أوباما والروسي ديمتري ميدفيديف اجتماع «مجلس الناتو - روسيا» للمرة الأولى ظهر اليوم، إذ علقت الاجتماعات عقب حرب جورجيا عام 2008. وقد حرص أوباما منذ توليه الرئاسة على تحسين العلاقات مع روسيا، متخليا عن المواقف التي اتبعتها إدارة سلفه جورج بوش الداعمة بشدة لدول مثل جورجيا وأوزبكستان التي تسعى إلى فرض استقلالها عن روسيا بعد سقوط النظام السوفياتي. وبالتالي، أثر ذلك على الناتو وسياساته، فبعد أن كانت قمم السنوات السابقة تشدد على أهمية توسيع عضوية الناتو مما كان يثير غضب روسيا اليوم هناك تقليص فرص انضمام دول الاتحاد السوفياتي السابق إلى الناتو. وبينما يركز ميدفيديف على استعداد بلاده لمساعدة الحلف في مهمته العسكرية الأولى في أفغانستان من خلال تسهيل نقل المعدات عبر أراضيه، هناك خطوط حمراء يطالب باحترامها، على رأسها الحد من توسيع عضوية الحلف على حدود روسيا.

وبينما يؤكد أوباما على أهمية العلاقات مع روسيا، فإنه يواجه تحدي التوصل إلى التوازن الملائم بين محاباة روسيا والالتزام بدعم حلفائها الأصغر. وأعلن البيت الأبيض أمس أن أوباما سيلتقي رئيس جورجيا ميخائيل سكاشفلكي للمرة الأولى على هامش اجتماعات «الناتو»، وتم دعوة سكاشفلكي إلى البرتغال بسبب مشاركة قوات بلاده في قوات «إيساف» في أفغانستان. وتعتبر هذه خطوة مهمة للتأكيد إلى جورجيا أن الغرب لم يتخل عنها، حتى وإن لم تبق على رأس أولوياته.

وتنتهي أعمال القمة عصر اليوم، على أن يستمر العمل خلال المرحلة المقبلة على تطبيق توصيات الاجتماعات الثلاثة المتعلقة بـ«المفهوم الاستراتيجي» ومجلس «الناتو - روسيا» ونقل السلطة الأمنية للأفغان.