قناة مردوخ أصبحت الأكثر شعبية في إيران.. وتتعرض لتهديدات

«الجيش الإيراني الإلكتروني» يهاجمها بعد حملة من المحافظين والحكومة

TT

خلال أقل من عام، أصبحت القناة التلفزيونية الفضائية التي تبث باللغة الفارسية داخل إيران من خلال مؤسسة «نيوز كوربوريشن» التابعة لروبرت مردوخ وعائلة أفغانية بارزة، من بين المحطات الأكثر شعبية داخل البلاد.

وفي الأسبوع الحالي، دخلت حملة تدور منذ وقت طويل وتتزعمها الحكومة الإيرانية بهدف الوصول بقناة «فارسي 1» إلى منعطف أكثر تهديدا، حيث قامت مجموعة تطلق على نفسها اسم «الجيش الإيراني الإلكتروني» بالقرصنة على الموقع الإلكتروني لهذه القناة، بالإضافة إلى الكثير من المواقع الأخرى التي تمتلكها عائلة محسني، ونشرت تحذيرا شريرا معناه ليس واضحا.

وجاء في الرسالة، التي بقيت على المواقع الإلكترونية لنحو ست ساعات يوم الخميس: «يجب أن يعلم حلفاء الصهيونية ذلك، فأحلام تدمير أساس العائلة ستفضي إلى المقبرة».

ولم يكن واضحا المعنى المباشر من الرسالة، ولكن قيادات إيرانية محافظة تشكو من أن البرامج - وهي تشكيلة من البرامج الكوميدية والمسلسلات والدراما تخضع لرقابة قوية - تقوض من القيم الإيرانية التقليدية.

وتوضح الحملة التي تستهدف قناة «فارسي 1» المخاوف المتنامية بين القيادات الإيرانية بعد اقتحام شركات بث خاصة عملية البث داخل إيران، وهو ما يعد تحديا أمام احتكار الدولة للمعلومات التي تصل إلى المواطنين. ويعد الهجوم الإلكتروني المحاولة الأخيرة في إطار حملة تهدف إلى تشويه المحطة التلفزيونية، التي بدأت عملية البث في أغسطس (آب) 2009. وفي العام الحالي، حاولت السلطات الإيرانية التشويش على قمر فضائي تستخدمه القناة. وقد ظهرت هجمات شخصية على مردوخ وسعد محسني، رئيس مجموعة «موبي»، في الصحف والتلفزيون الإيراني. وتمتلك «نيوز كوربوريشن» ومجموعة «موبي» القناة مناصفة.

ويبدو أن السلطات الإيرانية فقدت السيطرة على أعصابها عقب ظهور مردوخ في الساحة، حيث إنه رجل أعمال مغامر وناشط سياسي. وداخل أفغانستان المجاورة، قامت عائلة محسني ببناء مجموعة ناجحة من المحطات التلفزيونية والإذاعية والمواقع الإلكترونية منذ الغزو الذي تزعمته الولايات المتحدة عام 2001. ويشار إلى أن مردوخ وعائلة محسني وردا في الرسالة التي بثت على شبكة الإنترنت يوم الخميس.

وقال مسؤولون أميركيون ومتحدثون باسم مجموعة «موبي» و«نيوز كوربوريشن» إن «فارسي 1» لا تتلقى أي تمويل من أي حكومة. وفي الواقع، لا تعرض «فارسي 1» أي محتوى سياسي، لا أخبار ولا تعليقات سياسية. ولكن، تقدم لمشاهديها برامج كوميدية ودرامية معظمها كورية ومن أميركا اللاتينية، وخففت من حدتها كي تناسب المشاهد الإيراني المحافظ بدرجة أكبر.

وعلى الرغم من أن الأعمال السينمائية تتضمن أفكارا رومانسية وخيانات زوجية، فإنه يتم إزالة أي شيء غير مناسب للتقاليد. وتتضمن القائمة عددا قليلا من المسلسلات الأميركية مثل مسلسل «24»، الذي يصور عميلا فيدراليا أميركيا دائما ما يقاتل إرهابيين من العالم الإسلامي.

ويقول زيد محسني، الرئيس التنفيذي لـ«فارسي 1» وشقيق سعد محسني: «إذا كان النص يتضمن على أي شيء غير صحيح أو مناسب، نقوم بتحريره. ومن ناحية التصوير فإنه إذا كان هناك أي شيء غير مناسب نحذفه، فنحن نعلم أن معظم المشاهدين يتابعون ذلك مع عائلاتهم، ونحن حساسون كثيرا لهذا الأمر».

ولكن، أثارت قناة «فارسي 1» غضب قيادات إيرانية يقولون إن البرامج الغربية الاتجاه تمثل تعديا على القيم الإيرانية التقليدية وتفسد الشعب الإيراني.

وقال محمد تقي رهبر، وهو عضو في البرلمان، في تصريحات لوكالة الأنباء الدولية للنساء والعائلة الإيرانية العام الحالي: «تقوم البرامج التلفزيونية الفضائية مثل تلك التي تبث على (فارسي 1) بالقضاء على العفة والطهارة داخل عائلاتنا وتشجع الشباب على المواعدة وشرب الخمور وعبادة الشيطان». وأضاف من دون تقديم تفاصيل: «تحصل القناة على تمويل صهيوني ويخطط لها ويديرها أعداء إيران». وقال متسائلا: «أي عائلة لديها كرامة يمكن أن تسمح لأفرادها بمشاهدة (فارسي 1)؟». ومن الصعب قياس جمهور القنوات التلفزيونية داخل إيران، لا سيما مشاهدي البرامج التي تبث عبر الأقمار الاصطناعية. ويحظر استخدام أطباق بث قنوات فضائية، ولكن يعتقد أن أكثر من نصف عدد المنازل داخل إيران لديها أطباق لاستقبال بث الفضائيات.

ولا يوجد لمحطة مثل «فارسي 1»، التي تتخذ من دبي مقرا لها، أي أجهزة بث داخل إيران، والكثير من القنوات الفارسية التي تبث إلى داخل البلاد موجهة سياسيا أو إخباريا مثل «بي بي سي» و«صوت أميركا».

ويركز داعمو «فارسي 1» في الأساس على الترفيه، ومن خلال القيام بذلك يقولون إنهم كانوا قادرين على جذب ملايين المشاهدين من برامج كئيبة يبثها التلفزيون الإيراني الحكومي.

ويقول محسني، وفقا لتقديراته غير النهائية، إن «فارسي 1» تمكنت من جذب الملايين يوميا. وإذا كان ذلك صحيحا، فقد تمكنت «فارسي 1» من جذب مشاهدين من بعض المحطات الإيرانية الرائجة، وربما أثارت البعض داخل مؤسسة الحكم في إيران ممن لديهم مصلحة في نجاح التلفزيون الحكومي. ويقول محسني: «لا يجب أن نقلل من الدوافع المالية في التصريحات السلبية بشأن (فارسي 1)».

وعلى أي حال، يبدو أن وتيرة الخوف من الغرب زادت بدرجة كبيرة داخل إيران هذه الأيام، لا سيما منذ الاحتجاجات الضخمة المعادية للحكومة العام الماضي التي قامت الحكومة في نهاية المطاف بالقضاء عليها. وفي مقابلة تلفزيونية مطلع العام الحالي، حذر حسن عباسي، رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية والمذهبية، ذو الصلة بقوات الحرس الثوري الإيراني، من «حرب ثقافية ناعمة» يشنها الغرب. ويعد الحرس الثوري جناحا مسيسا على نحو خاص من الجيش الإيراني. وقال عباسي إن المسلسل الأميركي «24» يهدف إلى تأجيج الكراهية ضد المسلمين والخوف من الإسلام من خلال تصوير المسلمين بأنهم إرهابيون. ولكن يقول محسني: «إذا أحس الناس أننا ندمر ثقافتهم، فلن يشاهدونا».

ويبدو أن الجيش الإيراني الإلكتروني يتبع قوات الحرس الثوري ومخصص للقيام بهجمات كومبيوترية ضد أعداء مفترضين. ويقول الموقع الإلكتروني «ircarmy.com» إن المجموعة أسست «احتجاجا على التدخل الأميركي والإسرائيلي في شؤوننا الداخلية» و«نشر أخبار زائفة».

ويقول خبراء إن المجموعة لها تاريخ، حيث يشير جيفري كار، وهو خبير في القرصنة الإلكترونية ومؤلف كتاب «داخل الحرب الإلكترونية»، إلى أنه «في السابق زعمت الحكومة الإيرانية المسؤولية عن هجمات ضد مواقع إلكترونية على خوادم أميركية لجمع أسماء معارضين إيرانيين. وأشك في أن هذه القضية وطنية، حيث يقوم طاقم قرصنة إيراني ذو مهارة عالية بالهجوم نيابة عن الحكومة، ولكن ليس جزءا رسميا من الحكومة». وقال إن الجيش الإيراني الإلكتروني نسب إليه هجوم على موقع البحث الصيني «Baidu».

* أسهم في التقرير من طهران ويليام يونغ ومن سان فرانسيسكو جون ماركوف

* خدمة «نيويورك تايمز»