الناتو يؤكد التزامه بأفغانستان بعد انتهاء العمليات القتالية في 2014

داود أوغلو لـ «الشرق الأوسط»: اتفاق الدرع الصاروخية نجاح لنا

TT

اختتم حلف شمال الأطلسي (الناتو) قمته الـ61 في لشبونة أمس بانتقال مهم في كيفية تزويد الحلف الحماية لشعوب الدول الـ28 فيه بالاتفاق على إقامة درع صاروخية تحمي كل أراضيه بحلول عام 2015. وبالإضافة إلى هذا الاتفاق، خرجت القمة بـ5 وثائق، أهمها اتفاق مع الحكومة الأفغانية لـ«شراكة بعيدة الأمد» تستمر سنوات عدة بعد انتهاء العمليات القتالية للحلف بحلول نهاية عام 2014. وأنهت القمة أعمالها بالإعلان عن عقد القمة المقبلة في الولايات المتحدة عام 2012، حيث سيتم توثيق ما تم الاتفاق عليه في «المفهوم الاستراتيجي للحلف».

وقد تم تبني الناتو خطة وضع الدرع الصاروخية بعد أن تخلت تركيا عن معارضتها عليها بسبب مخاوفها من تحديد إيران كالدولة المعني مواجهتها في إقامة الدرع. وبعد التأكيد على عدم الإشارة إلى دولة معينة في وثائق وتصريحات الحلف، وافقت تركيا على إقامتها.

وتعتبر تركيا هذا التطور أنه نجاح لها في التوصل إلى حل يرضي جميع الأعضاء في الحلف. وعبر وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو في تصريح لـ«الشرق الأوسط» قائلا: «نعم هذا نجاح لنا». وأضاف: «لقد وافقنا بناء على مبادئنا وهذا هو النجاح الذي حققناه».

وقد التقى أوباما الرئيس التركي عبد الله غل على هامش قمة الناتو مساء أول من أمس حيث بحثا تطوير نظام الدرع الصاروخية. وأفاد البيت الأبيض بأن أوباما «شكر الرئيس غل لقيادته في دعم المفهوم الاستراتيجي الجديد الذي صادق عليه كل أعضاء الناتو الـ28».

وأوضح مسؤول في الناتو مطلع على ملف الدرع الصاروخية أن اتفاق الحلف على نظام درع صاروخية متكامل سيعني قيادة موحدة لدول الحلف في استخدام الدرع لمواجهة الصواريخ الباليستية. وستكون هناك مراحل عدة لتطبيق هذا النظام، أولاها ينتهي العام الحالي بناء على آليات موجودة بين بعض دول الحلف. وأضاف المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته أن هناك طبقات عدة للدرع، بعضها تعتمد على النظام الأميركي التي ستزوده واشنطن لأوروبا من دون تكلفة إضافية وينتهي وضع كل طبقاته بحلول 2020. ولكن إقامة الدرع على المستوى الابتدائي ستنتهي عام 2015.

يذكر أن روسيا لم توافق على بدء التعاون مع الناتو في نشر الدرع الصاروخية حتى الإجابة عن استفسارات رئيسية، منها كيفية تحديد قيادة التحكم بالدرع.

من جهة أخرى، دخلت حرب أفغانستان مرحلة جديدة أمس مع توثيق نية حلف الشمال الأطلسي نقل السلطة الأمنية إلى الأفغان خلال 4 سنوات، مع توقيع اتفاقية «شراكة» بعيدة الأمد بين الحلف وأفغانستان. ومع تركيز قمة الناتو على أفغانستان، مسمية مهام الحلف في أفغانستان كـ«أولويتها»، يتطلع الحلف إلى تقوية قدرات القوات الأفغانية لتتولى قدرا أكبر من المسؤولية الأمنية قبل توليها كليا بحلول نهاية 2014.

وكان من اللافت مشاركة أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون في اجتماع أفغانستان ووقوفه خلف كرزاي وراسموسن خلال توقيع الاتفاقية بينهما للتأكيد على دعم المجتمع الدولي لهذه العملية. وشاركت 48 دولة في اجتماع الدول المشاركة في حلف «إيساف» بحضور بان وقائد قوات «إيساف» الجنرال ديفيد بترايوس الذي أعطى تقييما للوضع الأمني في البلاد. وكانت الأردن والإمارات الدولتين العربيتين المشاركتين في الاجتماع إذ أنهما الوحيدتان اللتان لديهما قوات في أفغانستان. ومثلهما وزير الخارجية الأردني ناصر جودة ووزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد.

وقال راسموسن إن الاتفاق الجديد سيعني أن «الأفغان سيكونون أسيادا في وطنهم»، مؤكدا أن ذلك يتزامن مع «التزام حقيقي» من الحلف لهم في المرحلة المقبلة. وحذر راسموسن طالبان والمتمردين من اعتبار هذا الاتفاق بأنه يعني التخلي عن أفغانستان أو تركها، قائلا: «إذا طالبان وغيرهم يريدون خروجنا، عليهم نسيان ذلك.. لن نترك الشعب الأفغاني بمفرده». هذه كانت الرسالة التي أراد كرزاي والناتو توصيلها، كي يتخلى المتمردون عن السلاح ودخول عملية سياسية للمصالحة بإشراف كرزاي. وبينما أكد راسموسن عدم تدخل الناتو في عملية المصالحة، عبر بان عن دعم الأمم المتحدة لها. ولفت بان إلى أنه «لا يوجد حل عسكري، نحن بحاجة إلى مفاوضات حقيقية». وبينما دعم بان توقيع اتفاقية نقل السلطة الأمنية إلى الأفغان، فإنه نبه بأن تلك العملية يجب أن تعكس «الوقائع وليست الجداول الزمنية». وأكد كل من كرزاي وبترايوس وراسموسن أن العملية المتفق عليها لنقل السلطة ستكون مشروطة بالظروف على الأرض وليست فقط بالجداول الزمنية.

وشارك راسموسن وبان في مؤتمر صحافي مع كرزاي، الذي عبر عن رضاه عن الاتفاقية. وعبر عن التزامه بعملية المصالحة وقال: «القادة اليوم عبروا عن معرفتهم باحتياجات أفغانستان ودعمهم لعملية السلام». ولكنه امتنع عن تحديد آخر التطورات في تلك العملية التي تشكك بعض الدول الحليفة في نتائجها الأولية.

وأعاد البيان الختامي، المكون من 13 صفحة، التأكيد على أن المهمة في أفغانستان أولوية الحلف ولكن نص أيضا على قضايا تهم مستقبل الحلف وأمنه مثل إصلاح المنظمة داخليا بالإضافة إلى إقامة مركزا في الحلف لإدارة الأزمات.

وأشار البيان الختامي إلى إيران في فقرة مقتضبة كررت مطالبة الحلف لإيران بالالتزام بقرارات مجلس الأمن والتعبير عن «القلق الجدي» من برنامج إيران النووي. ورحب البيان بإمكانية استئناف محادثات طهران مع الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا. وأفاد البيان بأن الحلف سيواصل مهام تدريب القوات العراقية، معبرا عن «استعداده للمزيد من طلبات التدريب» مع العراق وتحسين الشراكة معه. ولم يشر البيان إلى قضية الشرق الأوسط التي يحرص الحلف على الابتعاد علنا عنها. وشدد البيان على توثيق التعاون مع دول شريكة مثل روسيا ومنظمات شريكة مثل الأمم المتحدة.

ووقع الناتو على 5 وثائق خلال اليومين الماضيين هي: وثيقة «المفهوم الاستراتيجي» للحلف ووثيقة الشراكة مع أفغانستان وبيان ختامي مع الدول والمنظمات الدولية المهتمة بأفغانستان بعد اجتماع صباح أمس والبيان الختامي للقمة، بينما الوثيقة الخامسة كانت سرية ولم تكشف للإعلام وهي بين الناتو وروسيا حول التعاون بنيهما.

يذكر أن بعد اختتام قمة الناتو مباشرة انطلقت «القمة الأميركية – الأوروبية» وهي الأولى من نوعها منذ إقرار معاهدة لشبونة وتأسيس منصب رئيس الاتحاد الأوروبي. وكان التركيز في هذه القمة على سبل تعاون الحلفاء في مجال الاقتصاد والطاقة، بالإضافة إلى التنمية الدولية، خاصة أن الطرفين يشكلان 80 في المائة من المنح الدولية.