واشنطن تتحدث عن استعدادها لتقديم ضمانات خطية مقابل تجميد الاستيطان

أبو مازن يلتقي مبارك اليوم في القاهرة.. ونتنياهو يدعو لاجتماع مع نواب ووزراء الليكود

جندي اسرائيلي يعتقل بعنف صبيا فلسطينيا خلال مواجهات احتجاجا على مستوطنة يهودية شمال مدينة الخليل، امس (أ ف ب)
TT

لأول مرة يتحدث الأميركيون بوضوح حول إمكانية تقديم ضمانات خطية لإسرائيل، مقابل تجميدها للاستيطان لمدة 90 يوما. ولكن ليس معروفا ماهية هذه الضمانات التي كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد بحثها مع وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون في نيويورك على مدى سبع ساعات ونصف الساعة قبل نحو 10 أيام. وأكد ذلك المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، فيليب كراولي، الذي قال الليلة قبل الماضية إن واشنطن مستعدة لإعطاء إسرائيل ضمانات بشأن الأمن، قال نتنياهو إنه بحاجة إليها، من أجل إقناع أعضاء حكومته بدعم فكرة تجميد البناء الاستيطاني. وقال كراولي: «إذا كانت هناك حاجة لوضع أشياء معينة خطيا، فإننا سنكون على استعداد لفعل ذلك».

وهذا يؤكد ما قاله مصدر فلسطيني لـ«الشرق الأوسط» أول من أمس: إن ديفيد هيل، نائب جورج ميتشل مبعوث السلام الأميركي الخاص، قال للرئيس محمود عباس (أبو مازن) عندما التقاه في رام الله يوم الأربعاء الماضي: «إن الأمور لم تتبلور ولم نتوصل مع إسرائيل بعد، إلى أي صيغة، وما زلنا نتشاور، وأن كل ما نشر وينشر ليست لنا علاقة به لا من قريب ولا من بعيد». وأضاف المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه: «يفهم من كلام هيل أن ما ينشر ليس إلا تسريبات إسرائيلية في محاولة للترويج». وحسب المصدر فإن «أبو مازن أبلغ هيل بأن القيادة الفلسطينية لا يمكن أن تقبل أي اقتراح، مهما كان يستثني القدس».

وبالفعل كما قال مصدر فلسطيني لـ«الشرق الأوسط» فإن المتابع لما ينشر في وسائل الإعلام الإسرائيلية يتبين له أنه ليس هناك تفاهم حول مسألة الطائرات العشرين من طراز «إف 35». فبينما يربط الإسرائيليون بينها وبين تجميد الاستيطان، يقرنها الأميركيون بالتوصل إلى اتفاق شامل مع الفلسطينيين. وبينما يعطي الإسرائيليون الانطباع أنها منحة وهبة دون مقابل، يقول الأميركيون إنها ستسدد من المساعدات الأميركية العسكرية السنوية (3 مليارات دولار). وبعد أن اتضح أن الصفقة التي اقترحتها واشنطن تختلف تماما عما صرح به رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، راح الإسرائيليون يتساءلون إن كان نتنياهو قد كذب. وأدى ذلك لوقف المحادثات الداخلية بين نتنياهو وحلفائه في الائتلاف، الذين كانوا يساومونه على الموقف من الصفقة. وأخذ لنفسه فترة هدوء، إلى حين يتفاهم مع الإدارة الأميركية حول النص الواضح للصفقة.

ويحاول نتنياهو من جديد حشد التأييد للصفقة بصيغتها الحالية. فقد دعا أمس أعضاء الكنيست ونواب الوزراء من الليكود إلى اجتماع معه في مكتبه اليوم، وذلك لإقناعهم بعدم معارضة فكرة تجميد البناء في المستوطنات مقابل المساعدات السياسية والأمنية الأميركية. وبعد أن ينتهي من رفاقه في الليكود سيلتقي نتنياهو برئيسة المعارضة تسيبي ليفني لبحث مسألة تقاسم رئاسة بعض اللجان البرلمانية بين الليكود وكديما. وقالت مصادر حزبية إنها لا تستبعد أن يتطرق البحث بين نتنياهو وليفني إلى احتمال انضمام كديما إلى الحكومة. وفي القاهرة يبحث الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) اليوم مع نظيره المصري حسني مبارك، نتائج لقائه مع ديفيد هيل وما يشاع عن الصفقة الأميركية. كما سيبحث الملف السياسي والمفاوضات، والاستيطان الإسرائيلي. وكذلك نتائج جولة وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط، ووزير المخابرات عمر سيلمان، التي شملت إسرائيل والأردن والولايات المتحدة. وكان أبو مازن قد وصل إلى القاهرة ظهر أمس على رأس وفد ضم أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبد ربه، ورئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير صائب عريقات، والمتحدث باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة.

وقال نمر حماد، المستشار السياسي لأبو مازن والموجود حاليا في القاهرة: «هذه الزيارة تمثل استمرارا للتشاور الدائم والمستمر بين الرئيس عباس، والرئيس مبارك في مرحلة دقيقة وحساسة تتعلق الآن بما يشاع بشأن أفكار أميركية تدرس أو درست مع الحكومة الإسرائيلية». وأضاف: «نحن لم نطلع بشكل كامل على هذه الأفكار، لا نحن أو الأشقاء في مصر، على الرغم من بعض التلميحات، ومن هنا سيكون لقاء الرئيسين أبو مازن ومبارك تشاوريا، ويتمخض عنه تقييم مشترك للخطوات التي يمكن أن نقدم عليها مستقبلا، في حال وصلت لنا الأفكار الأميركية مبلورة بشكل كامل من واشنطن».

وبحث أبو مازن مع الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، تطورات القضية الفلسطينية. وقال مصدر مسؤول بالجامعة العربية: إن البحث خلال اللقاء سيتركز حول تفاصيل العرض الأميركي على إسرائيل والخاص بدفع مفاوضات السلام في إطار مباحثات أبو مازن مع هيل. وأشار المصدر إلى أن المناقشات بين أبو مازن وموسى ومبارك ستتناول أيضا الموعد الملائم لانعقاد لجنة المتابعة العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب لبحث موضوع استئناف المفاوضات، كما اتفق عليه في اجتماعها الأخير على هامش القمة العربية في سرت الليبية في 9 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.