أشهر تاجر سلاح باليمن: اعتقالي كان من الأخطاء الجسيمة

فارس مناع في حوار مع «الشرق الأوسط»: أنا رجل أعمال ولا أخالف القانون.. ولم أبع سلاحا للحوثيين

فارس مناع («الشرق الأوسط»)
TT

يعد الشيخ فارس مناع، أحد أشهر تجار السلاح في اليمن وصاحب تعاملات دولية في هذا المضمار، وقد عرف بقربه من السلطة ورأس النظام في اليمن، غير أن الحرب السادسة والأخيرة بين الجيش اليمني والمتمردين الحوثيين وما رافقها من تداعيات، خلقت نوعا من الصراع بين فارس مناع وشقيقه حسن الذي كان محافظا منتخبا لصعدة وأطيح به بقرار رئاسي عقب مقابلة صحافية أجرتها معه «الشرق الأوسط» في فبراير (شباط) الماضي، دافع فيها عن شقيقه الذي كان قد اعتقل قبل إقالته بأيام، وأيام آخر على توقف الحرب، وذلك بعد أيام على اعتقال شقيقه فارس من قبل المخابرات التي ظل سجينا لديها قرابة 5 أشهر.

«الشرق الأوسط» التقت فارس مناع المثير للجدل بتجارته وبعلاقاته مع السلطة والحوثيين ليتحدث عن مواقفه مما يجري في صعدة، واليمن عموما، وعن الاتهامات التي سيقت له بتقديم السلاح للحوثيين، وغيرها من القضايا في طي هذا الحوار:

* ما هي أسباب ما يجري في محافظة صعدة من حروب بين الحكومة اليمنية والحوثيين منذ عام 2004 وحتى اليوم؟

- عدم معرفة وتشخيص المشكلات التي يشكو منها أبناء محافظة صعدة، وأيضا عدم الاهتمام بالموقف وبالتيار الفكري، الحرية الفكرية، حرية الفرد وحقوقه، والتعامل، من البداية، بعدم اهتمام وعدم سماع النصح من أعيان وأبناء محافظة صعدة، الأمر الذي تسبب في غياب التشخيص وإعطاء جذر المشكلة حقه من الاهتمام، وهذا أدى إلى صراعات، وأنا أرى أن انعدام الحوار وعدم احترام الحقوق وعدم وجود تنمية، من الأسباب الحقيقية لاندلاع الحروب، الحرب الأولى وقعت ثم خلفت أسبابا أخرى وأوجاعا أدت إلى اندلاع الحروب الأخرى، مع تعنت في عدم قبول لغة الحوار وتغليبها في النقاشات، ثم خلفت الحروب الأخرى المزيد من الأوجاع للمجتمع الذي لا يمثل الحوثي أو السلطة، وهو ما تسبب في عدم تعاون من قبل القاعدة الشعبية، أبناء محافظة صعدة، وذلك لعدم إدخالها في المشورة لمعالجة المشكلة، فهم شخصيات قبلية مؤثرة في أقوالها وقبائلها ومنهم مثقفون وسياسيون، وأثبتت التجربة خلال السنوات الماضية ضرورة أن يتكتل أبناء محافظة صعدة من مختلف الألوان والأطياف في تكتل يقول للمخطئ أنت مخطئ بحيادية، سواء للسلطة أو الحوثي، وهذه من أهم الأسباب التي دعتنا إلى إنشاء «مؤتمر السلام الوطني».

* ما هي أهداف هذا المؤتمر؟

- أهدافه معروفة، وهي تحقيق السلام ومحاولة تلافي الأخطاء التي ارتكبت في الحروب السابقة، السعي الجاد لتغليب لغة الحوار في النقاشات، والحيادية، وكذلك أيضا السعي إلى تجنيب مجتمع محافظة صعدة ويلات الحروب، ومعالجة الآثار التي خلفتها الحروب السابقة، وإعادة الإعمار، وتضميد الجروح، والسعي إلى أن يحصل الناس على تعويضات جراء ما لحق بهم، وضمن أهدافنا تنفيذ دراسات كبيرة جدا فيما يتعلق بمتطلبات التنمية التي تحتاج إليها المحافظة.

* أين يقف فارس مناع، حاليا، مع الحكومة اليمنية أم مع الحوثيين؟

- أنا أقف مع المجتمع، مع أبناء محافظة صعدة وما يعانونه، أنا محايد وأنظر إلى المجتمع المسكين الذي ضرب ولا ناقة له ولا جمل فيما يحصل.

* ما هو الحجم الحقيقي لوجود الحكومة والحوثيين في صعدة؟

- السلطة لديها فقط مدينة صعدة، أما الحوثيون فما تبقى من محافظة صعدة يتقاسمه الحوثيون والشخصيات القبلية البارزة.

* اعتقلت من قبل السلطة في صنعاء لأكثر من شهرين، تقريبا، لماذا؟ وهل لذلك علاقة بالحرب في صعدة؟

- طبعا اعتقالي كان ضمن الأخطاء الجسيمة التي ترتكبها السلطة بحق أبناء محافظة صعدة، وكان اعتقالي عبثيا ولا مبرر له وإنما كان تجاوبا لاحتكاكات شخصية لا تخدم المصلحة، وهي ضمن أمور اتخذت بحق غيري قبل ذلك دون أي سبب.

* ما مدى صحة ما وجه إليك من اتهامك بالارتباط بليبيا؟

- غير صحيح، ولم يثبت أي شيء، وهذه أقاويل كاذبة، وبالنسبة إلي كرجل أعمال لي الحق قانونا ودستورا في أن أعمل داخليا وخارجيا في تجارتي، ولا أدري ما هي أسباب هذه الاتهامات الكاذبة التي ليس لها أساس من الصحة.

* هل فعلا، كما قيل، إنكم بعتم للحوثيين أسلحة، أو سهلتم لهم الحصول عليها؟

- هذا غير صحيح (كررها ثلاث مرات) والذين يسوقون لي هذه الاتهامات هم من يدعمون الحوثي، أما نحن فمواقفنا وطنية ونحن على مبادئ ثابتة، وسبق لنا أن دخلنا في مواجهات كثيرة مع الحوثي بعد اعتداءات من قبله علينا وواجهناه ونعمل انطلاقا من أننا نخاف الله ولا ندخل في أي عمل يضر بمصلحة الوطن، وما يقال هو نتيجة احتكاكات شخصية ليس لها أساس من الصحة.

* شخصية مع من؟ هل هناك أشخاص محددون؟

- مع كثيرين جدا.

* مثل من؟

- عدة أقطاب في السلطة وكذلك مع الأمن القومي (المخابرات).. لماذا نحن موجودون ولنا تأثير، وأنا أستغرب ما يقومون به!

* خلال فترة اعتقالك في الأمن القومي، هل طلب منك القيام بتنفيذ بعض المهام لصالح الحكومة والجيش في صعدة؟

- لم يطلب مني، وأي طلب يخدم البلد لن أتراجع عنه، وأي طلب أراه يضر بالبلد لن أنفذه مهما كان.

* هل تعتقد أنت كما تعتقد الحكومة اليمنية أن الحوثيين تقف وراءهم إيران؟

- والله لا علم لي ولا أدري ولا أظن، وهذه الأقاويل إذا قالتها السلطة، فهي تحاول أن تبرر فشلها في عدم تمكنها من حل المشكلة في صعدة، لأن البعض سيطرح أسئلة حول عدم قدرة السلطة على الحسم ولذلك تبحث عن مبررات فشلها في إخماد المشكلة في صعدة، وهذا من وجهة نظري.

* هل وجهت السلطات إليك تهما بتمويل جهات أخرى غير الحوثيين بالسلاح في اليمن؟

- لم توجه هذا الاتهام وأنا أستغرب لما يقال، أنا أعمالي معروفة.. والوطن عندي أغلى من أي جهة أو مسؤول في السلطة يزايد فيما يخص أعمالنا، ورصيدنا الوطني يفوق كل من يتهمنا بذلك.

* هل أغلقت ملف قضيتك في نيابة ومحكمة أمن الدولة؟

- والله أنا لا أهتم بذلك، والإنسان إذا وثق بنفسه لا يهتم بهذه الأشياء، وهي أصلا ليس لها أي أساس قانوني، ولو القانون يطبق كنت سأهتم بذلك، والاتهامات ليس لها أساس من الصحة ونحن محكومون بقانون ونظام وهما لا يجيزان وجود قضية كهذه، واعتقالي، في حد ذاته، يعتبر خرقا للقانون ومخالفة للنظام، ولذلك لا أهتم بهذه الأشياء.

* هل يعني ذلك أنك لا تخشى الاعتقال مرة أخرى والمحاكمة؟

- أنا لا أخشى أي شيء لأنني أثق بنفسي وبأنني أعمل لصالح وطني، كيف أخشى الاعتقال وأنا أفوق وطنية كل من يهدد أو يتغنى بذلك؟! ونحن سنقف ضد كل من يخالف النظام والقانون، بل نخشى من سيخدم السلطة في قمع حريات وحقوق الناس.

* ما هي أسباب تفوق الحوثيين على القبائل الموالية للحكومة في المواجهات الدائرة الآن؟

- فيما يخص الحروب مع القبائل، فهي أخذت شكلا نظاميا، فالقبائل لم تطبق القواعد القبلية في حربهم مع الحوثيين وطبقت طريقة الجيش في مواجهاته مع الحوثيين، وهذا من أهم الأسباب التي جعلت الحوثيين يتفوقون عليها، نحن مثلا واجهنا الحوثيين ولم يستطيعوا التغلب علينا والحمد لله، ولكن في الشرع القبلي مسألة الأخذ والعطاء وموضوع الحوار في العادات القبلية لحل الاختلافات ولم يتم العمل بذلك، ولذلك لم يستطع الجانب القبلي الصمود ووصلوا إلى مرحلة أنه لا توجد لديهم قضية أو الثبوت على مبادئ معينة وقاموا بعمل مجرد دون تغليب الجانب القبلي والعادات المتعارف عليها.

* إذن، من أين للحوثيين الإمكانات المادية في وجه الجيش من عام 2004 وحتى اليوم؟

- هم بدأوا بداية بسيطة وكانوا متهربين.

* ماذا تقصد بمتهربين؟

- أقصد مطاردين منذ بداية الحرب الأولى، ولكن نظرا للمواجهات التي دارت، تغلبوا على مواقع للجيش وحصلوا على غنائم أصبحت هي المدد الأساسي لهم، ما أخذوه من الجيش هو الذي يمولهم حتى اليوم، وهو الذي يجعلهم صامدين، وهذا معروف لدى كل الناس.

* يلاحظ أن الحوثيين في الآونة الأخيرة يستولون على مناطق حدودية وجبال شاهقة مطلة على الحدود مع السعودية، وذلك في مواجهاتهم مع القبائل.. بم تفسر ذلك؟

- أفسر ذلك بعدم وجود حيادية وعدم تغليب العامل القبلي لحل المشكلات مع القبائل.

* من قبل مَن؟

- من قبل الجانب القبلي، أما بالنسبة إلى الجانب الحوثي فهو من النوع الذي يرى أن هذه فرصة لإضعاف الذي أمامه. أما لو غلبت العادات القبلية لتكاتفت القبائل مع القبيلة المظلومة.

* أنت يا شيخ فارس، كيف تنظر إلى الحوثيين، كقبائل أم كعقائديين؟

- كعقائديين.

* لمن إخلاصهم بالضبط؟

- لعقائدهم وللحوثيين.

* أقصد أن إخلاصهم كشيعة، لجهة من؟

- التيار الفكري الموجود في صعدة منذ زمن معروف، والتيار الزيدي والشيعي معروف، والتيار الذي يتبناه الحوثي، أيضا، معروف، والحوثيون يدينون بالولاء لعبد الملك الحوثي، والتيار الشيعي موجود منذ ما قبل الحروب الأخيرة، وفيه معتدلون ومتطرفون، هناك بعض التيارات الشيعية في صعدة لا ترى توافر الحجة الكاملة لقيام مثل هذه الحروب.

* هناك من يطرح أن ما يحدث في صعدة ضمن ما يسمى «الهلال الشيعي» ومصدره طهران.. ماذا تقول؟

- أنا لست مع هذا الطرح.

* لماذا؟

- لأن الوضع في صعدة بسيط جدا والناس يتعاملون ببساطتهم وإمكاناتهم البسيطة التي نراها هنا، وهي لا تعكس وجود أي امتداد لأحد، وهذا شيء معروف من القدم ولا يشير إلى وجود شيء جديد أو دخيل، وستلاحظ أن الحوثيين إمكاناتهم بسيطة جدا ولا يوجد ما يشير إلى وجود أي دعم خارجي، وهذا من وجهة نظري.

* يقال إنك تعرفت على الرئيس علي عبد الله صالح خارج اليمن وأنت شاب صغير لديه إمكانات مادية كبيرة ثم أصبحت صديقا له.. ما تعليقك؟

- والله الرئيس هو رئيسنا وولي أمر الشعب اليمني، وتعرفي عليه كتعرف أي مواطن برئيسه، وهذا تم منذ زمن وفي اليمن وليس في الخارج.

* متى تعرفت عليه بالضبط؟

- منذ فترة طويلة تصل، تقريبا، إلى 19 أو 20 سنة وعلاقتنا تحكمها ثوابت وطنية ومصلحة الوطن، وعلاقة المرؤوس برئيسه معروفة.

* حدد لي نوع العلاقة؟

- علاقة طيبة.

* بعد الاعتقال والإفراج عنك، هل التقيت به؟

- نعم.

* ماذا دار في اللقاء؟

- لم يدر سوى تبادل الاحترام ومحاولة طي صفحة الماضي، وأيضا مراجعة أي أخطاء قد تكون حصلت، هذا ما دار بالضبط.

* وماذا عن المستقبل؟

- إنه جيد ويحتاج إلى تعاون وأن نتعاون لما فيه مصلحة الوطن وأنا سأكون محايدا ولن أقف مع طرف ضد الآخر ولن أكون مع الحوثي ضد السلطة أو مع السلطة ضد الحوثي، سأكون مع أبناء محافظة صعدة ومع قول الحق كيفما كان ومع أي أحد.

* كيف تنظر إلى الحراك الجنوبي؟

- أرى في موضوع الحراك أن تغلب لغة الحوار وأن يضمدوا جراح الماضي وتضمن الحريات وأن يقدم كل طرف، الحراك والسلطة، تنازلات.

* هل تعتقد أن الفيدرالية حل لمشكلة صعدة والجنوب؟

- لا أدري إن كانت هي الحل الأمثل، الحل الأمثل هو الحوار والحفاظ على الحقوق والحريات وإشراك حقيقي في السلطة لكل الطوائف (الأطياف) الشمالية والجنوبية بكل شفافية ودون أي تحفظ.

* كيف هي الأوضاع الإنسانية لديكم حاليا في صعدة؟

- الأوضاع الإنسانية في صعدة أنظر إليها وأناشد وأطالب السلطة والمنظمات الدولية وكل الدول الخيرة وكل من لديه حس إنساني، بالمساهمة في الدعم الإنساني، لأن أوضاع الناس في حاجة إلى دعم عاجل وسريع في مخيمات النازحين، فالأضرار كبيرة جدا، ونحن في «مؤتمر السلام» على استعداد لتذليل جميع الصعوبات والعقبات التي يدعون أنها موجودة، سنذللها وسنساعد على إيصال المساعدات إلى المناطق التي تحتاج إليها.

* ما هي قراءتك للوساطة القطرية لإحلال السلام في صعدة؟

- قراءتي تتعلق بما سيحدث خلال الأسابيع المقبلة، وهو أن الوضع يحتاج إلى إشراك أبناء محافظة صعدة الفاعلين والموجودين في الساحة، ضرورة إشراكهم وإشرافهم على الاتفاق المبرم والسلام، هم معنيون بهذا أصلا، وفي حالة عدم القيام بذلك، فستكون الأمور صعبة ونسبة النجاح لن تكون كبيرة، وربما لا يحدث نجاح مستقبلا.

* هل من رسالة في النهاية عبر «الشرق الأوسط» إلى الرئيس؟

- أدعو الرئيس، حفظه الله، إلى تثبيت السلام في صعدة والحرص على تحقيقه، وتغليب لغة الحوار، وإلى عدم الاستماع إلى من لا يريدون مصلحة الوطن ولا يريدون النظر إلى مصلحة أبناء محافظة صعدة.