واشنطن عن انتقادات القاهرة: سمعنا رد مصر ولم نغير رأينا

الخارجية المصرية ترفض ما ورد في تقرير الحريات الدينية وتعتبره يصدر من جهة لا حق لها في إجرائه

TT

رفضت مصر تقرير الخارجية الأميركية عن وضع الحريات الدينية بها، واعتبرت الخارجية المصرية أمس أن تقرير نظيرتها الأميركية بهذا الخصوص يصدر من جهة لا حق لها في إجرائه.

في غضون ذلك وبعد أن امتنعت الخارجية الأميركية ليومين عن التعليق مباشرة على انتقادات مسؤولين مصريين لواشنطن لمطالبتها بحضور مراقبين دوليين لانتخابات مجلس الشعب في نهاية هذا الشهر، قال، فيليب كراولي، المتحدث باسم الخارجية الأميركية، أول من أمس، ردا على سؤال من صحافي: «نعم، سمعنا رد مصر، لكننا لم نغير رأينا».

وكرر كراولي الموقف الأميركي الداعي لوجود مراقبين مصريين ودوليين خلال الانتخابات. وقال: «حددنا موقفنا بوضوح حول الخطوات التي يجب أن تحدث داخل مصر، حتى تكون لدينا الثقة في مصداقية نتيجة الانتخابات في نهاية هذا الشهر». وأضاف: «لقد طالبنا بمراقبة داخلية قوية لهذه الانتخابات. في واقع الأمر، على مر السنين، ساهمنا في المجتمع المدني المصرية بهدف بناء القدرة على رقابة ذات معنى للانتخابات المصرية».

وعن المراقبين الأجانب، قال: «نحن نعتقد أن مصر سوف تضع نفسها في موقف أقوى إذا قبلت المعايير الدولية، وضمنت وجود تمثيل دولي كذلك».

ونشرت صحيفة «نيويورك تايمز» خبرا عن ما سمته «استياء» مسؤولين مصريين من الاقتراح الأميركي، ووصفهم له بأنه «تدخل» في شؤون مصر الداخلية، وأن الولايات الوحدة «تتصرف وكأنها رقيب، ولا تحترم سيادة مصر».

ونشرت الصحيفة على لسان السفيرة الأميركية في القاهرة، مارغريت سكوبي، أن الولايات المتحدة ترحب بالتزام مصر المعلن لإجراء انتخابات مفتوحة وحرة، «بما في ذلك تسهيل الرصد المحلي من قبل جماعات المجتمع المدني». وأضافت السفيرة: «بالإضافة إلى هذا، يجب أن تشمل أي انتخابات مفتوحة ميكانيكية ذات مصداقية وحياد، لاستعراض الشكاوى المتعلقة بالانتخابات».

وكانت صحيفة «واشنطن بوست» نشرت كلمة العدد عن الانتخابات المصرية، ودعت الرئيس أوباما للضغط على القاهرة لتكون الانتخابات «حرة ونزيهة» وأشارت الصحيفة إلى أن خبراء من منظمة أميركية ديمقراطية وجمهورية مشتركة مقرها واشنطن، هي «مجموعة عمل مصر»، اجتمعوا مع كبار المسؤولين في البيت الأبيض «لمناقشة الإصلاح السياسي في مصر وكذلك الانتخابات البرلمانية المقبلة والرئاسية».

وقال واحد من الخبراء، أندرو البرتسون: «كان الاجتماع مهما، وفهمنا أن الإدارة تفكر في تغيير سياستها في قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان في مصر».

وقالت الصحيفة: «لحسن الحظ هناك مؤشرات على أن البيت الأبيض أخيرا استيقظ لمواجهة المشكلات في مصر». وأن الاجتماع ناقش إمكانية أن يلقي أوباما بيانا قويا إذا شاب الانتخابات أي نوع من الغش والتزوير. أو أن يرسل أوباما مبعوثا خاصا إلى القاهرة «لنقل قلق الإدارة الأميركية حول العملية الانتخابية».

وأشار مراقبون في واشنطن إلى أن هذا أول اجتماع من نوعه يعقد في البيت الأبيض في عهد الرئيس أوباما. وأن تأسيس اللجنة الجمهورية والديمقراطية المشتركة في بداية هذه السنة كان بسبب آراء خبراء أميركيين، وبسبب افتتاحيات في صحف أميركية كثيرة، خاصة «واشنطن بوست»، عن أهمية أن تكون انتخابات مجلس الشعب، وأيضا، انتخابات رئاسة الجمهورية في السنة القادمة «حرة ونزيهة».

وأشار المراقبون إلى أنه ليست صدفة أن الاجتماع عقد بعد انتخابات الكونغرس التي جعلت الحزب الجمهوري يسيطر على مجلس الشيوخ. وأن البيت الأبيض هو الذي اضطر لقبول الاجتماع لاحتواء الضغط من الحزب الجمهوري.

وكان قادة في الحزب الجمهوري عبروا عن مخاوفهم بشأن استراتيجية أوباما للجوء إلى «الدبلوماسية الأميركية التقليدية التي تفضل الاستقرار على الإصلاح السياسي في الشرق الأوسط».

وكان المتحدث باسم البيت الأبيض وصف الاجتماع مع الخبراء الأميركيين بأنه «مفيد وبناء». وقال «أطلع موظفو الأمن الوطني في البيت الأبيض أعضاء (مجموعة عمل مصر) على الجهود التي تبذلها الإدارة لتعزيز احترام حقوق الإنسان، والمجتمع المدني النشط، والمنافسة السياسية المفتوحة، وإجراء انتخابات تتسم بالمصداقية والشفافية في مصر».

وأشار مراقبون في واشنطن إلى أن واشنطن في عهد أوباما استمرت في تجميد السياسة الأميركية المتمثلة في دعم الديمقراطية في الشرق الأوسط، منذ ولاية الرئيس السابق بوش الابن. وكان ذلك في أعقاب الأداء القوي لمنظمة حماس الإسلامية في الانتخابات البرلمانية في غزة.

وأشار المراقبون أيضا إلى حاجة واشنطن للدور المصري في الوساطة في محادثات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. ولكن، ربما بسبب المأزق الحالي في محادثات السلام، صارت الولايات المتحدة تريد تغيير إستراتيجيتها. في نفس الوقت، يناقش مجلس الشيوخ الأميركي مشروع قرار للضغط من أجل المزيد من الإصلاحات الديمقراطية في مصر. ويدعو القرار لإلغاء قانون الطوارئ الذي ظل معلنا لمدة ثلاثين عاما. وفي الأسبوع الماضي، أثار اهتمام المراقبين رأي كتبه وزير المالية المصري، يوسف بطرس غالي، في صحيفة «واشنطن بوست»، قال فيه إن ما ينشر في الإعلام الخارجي عن لأوضاع الداخلية في مصر «غير عادل».

وأشار إلى أن الوضع الاقتصادي في مصر «تطور بشكل ملحوظ خلال خمس سنوات». وقال إن السياسات الحالية للحزب الوطني الديمقراطي الحاكم «تدافع عن الدولة المدنية، وعن المساواة بين جميع المواطنين دون تمييز». وأن البديل هو «دولة دينية وتفرقة دينية».

على صعيد تقرير الحريات الدينية قال السفير حسام زكى المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية أمس إن مصر تعتبر أن التقرير السنوي الصادر عن وزارة الخارجية الأميركية حول وضع الحريات الدينية في العالم يصدر عن جهة لا حق لها في إجراء تقييم لهذا الموضوع؛ وبالتالي فهو مرفوض من حيث المبدأ.

وأضاف زكي أن مصر معنية فقط بما يصدر عن الجهات والأجهزة التابعة للأمم المتحدة في هذا المجال وهى التي تراجع تنفيذ أي دولة لالتزاماتها في مجال القانون الدولي لحقوق الإنسان، وأن المثال الأفضل على ذلك يكرسه انفتاح مصر وتفاعلها الإيجابي مع آلية المراجعة الدورية الشاملة لمجلس حقوق الإنسان التي تضمنت عددا كبيرا من التوصيات بشأن الحريات الدينية في مصر وناقشتها الحكومة مع المجتمع الدولي بصدر رحب، بل وقبلت عددا من التوصيات المقدمة لها بهذا الصدد.

وأوضح المتحدث أنه من هذا المنطلق، فإن مصر تؤكد علي رفضها قيام أي دولة بتنصيب نفسها وصيا على أداء دول مستقلة ذات سيادة دون مرجعية أو سند، مشددا علي أن كل دولة هي الأقدر على تفهم مشكلاتها وتحدياتها والتعامل معها بفاعلية.

وأعرب المتحدث عن أسفه لأن هذه التقارير تقدم - من حيث المضمون - صورة غير متوازنة عن أوضاع الحريات الدينية في مصر اتساقا مع ميلها للاعتماد على مصادر مستقاة إما من تقارير إعلامية منحازة أو من مصادر غير حكومية تعوزها المصداقية، دون أن تسعى لإفساح مساحة كافية لإبراز وجهة النظر الأخرى.