الانتخابات المصرية: الشائعات تربك خطط المرشحين

طالت برنامجا تلفزيونيا انتقد الحزب الحاكم وروجت لصفقات مشبوهة

مواجهات بين الشرطة المصرية ومؤيدين للأخوان المسلمين في أجواء الحملة الانتخابية في الاسكندرية أمس (إ.ب.أ)
TT

تفشت ظاهرة الشائعات في أجواء الانتخابات البرلمانية المصرية المقررة في 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، بصورة أزعجت وأربكت الكثير من خطط المرشحين، خاصة أن إحدى هذه الشائعات تحققت بعد أيام من انتشارها، في سابقة ربما تعد الأولى من نوعها في تاريخ هذه الانتخابات.

وطالت الشائعات برنامجا تلفزيونيا شهيرا، وموقعا للتواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت، وابن قيادي راحل بالحزب الوطني، كما عادت معها نغمة الصفقات الانتخابية بين الحزب الحاكم وحزب الوفد الليبرالي المعارض، وبين الأخير وجماعة الإخوان المسلمين.

واستهجن عدد من المراقبين هذا النوع من الشائعات، ووصفوه بأنه إفراز طبيعي للفوضى التي سادت القرار السياسي في مصر، الذي شابه اللبس والغموض، ويشعر الحزب الوطني (الحاكم) بالانزعاج الكبير من هذه الشائعات، ويرى أن المقصود بتسريبها هو النيل منها.

ولأسباب مشابهة تحدثت تقارير صحافية عن استبعاد المذيعة منى الشاذلي، مقدمة برنامج «العاشرة مساء» علي قناة «دريم» الخاصة، بسبب احتجاج عدد من أقطاب الحزب الحاكم على انتقادها طريقة اختيار مرشحيه في الانتخابات النيابية، لكن إدارة القناة ردت بالنيابة عن الشاذلي بأن البرنامج تعامل مع القضية بموضوعية، وأوضحت أن الشاذلي استضافت صحافيين محسوبين على الحزب الحاكم. وعادت التقارير الصحافية، على الرغم من ذلك لتؤكد أن مالك قنوات «دريم» أحمد بهجت، لم يقبل أن تضار مصالح القناة، على الرغم من اقتناعه بموضوعية البرنامج، وهو ما جعل الشائعات حول إبعادها تتزايد خلال الأيام الماضية. وأكد أحد العاملين بالقناة، أن القناة ستبرر غياب الشاذلي بتغيير ديكورات البرنامج، حتى يعتاد المشاهدون لعدة أيام على غيابها، ويتم البحث في هدوء عن بديل لها. وفي شائعة شبيهة، روج البعض أن سلطات الاتصالات ستلجأ إلى إغلاق سبيل الوصول إلى موقع الشبكات الاجتماعية «فيس بوك» لغلق باب ظل مصدر صداع لا ينتهي للحزب الحاكم. ودلل أصحاب الشائعة على صدقهم، بالإشارة إلى أن الحزب أنشأ موقعا بديلا للتواصل الاجتماعي، وأخذوا يتندرون على محتوياته.

كما انتشرت شائعة أخرى عن أن الرئيس حسني مبارك سيعمد إلى استعمال صلاحياته الدستورية ليعين معتز كمال الشاذلي ضمن الأعضاء العشرة الذين يتمتع بسلطة تعيينهم في البرلمان المقبل، تكريما لوالده الراحل كمال الشاذلي، أقدم نائب برلماني على مستوى العالم، وتخليدا لدوره السياسي الذي لعبه. المثير في المسألة أن الشاذلي (الأب) طالته شائعة تحدثت عن موته، وظلت تتردد بقوة حتى قبل وفاته ليلة عيد الأضحى، وهي شائعة أطلقها أحد منافسيه فور تقدم الشاذلي بأوراق الترشح عن دائرة الباجور بمحافظة المنوفية، التي يمثلها منذ أكثر من 40 عاما.

وسبق أن طالت الشائعات المجمعات الانتخابية التي تم من خلالها اختيار مرشحي الحزب الوطني (الحاكم) في انتخابات البرلمان، إذ انتشرت الكثير من الأقاويل المقصودة بحصول بعض المرشحين على أعلى الدرجات، بهدف إحباط منافسيهم ومنع مؤيدي المرشحين الآخرين. كما تضمنت الشائعات أيضا، وجود صفقات كثيرة بين الحزب الوطني وحزب الوفد، وبها يحل الوفد مكان الإخوان في البرلمان.

من جانبه، أوضح الخبير السياسي الدكتور رفعت سيد أحمد، أن انتشار الشائعات في الفترة الأخيرة نتيجة حالة الفوضى التي يعيشها المشهد السياسي في مصر، وحالة العشوائية في التعامل مع القرار السياسي والإعلامي. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن الشائعة يتزايد احتمال ظهورها مع احتدام المنافسة، وأضاف أن هذه الفترة تشهد «أقوى انتخابات برلمانية في مصر»، وفيها ينتخب مجلس برلماني يتم من خلاله اختيار رئيس الجمهورية، «لذلك يعد هذا البرلمان الأقوى في تاريخ الحياة السياسية في مصر». واستبعد سيد أحمد «أن يكون إطلاق الشائعات مجرد مؤامرة للضغط على المعارضة أو الحزب الحاكم، مؤكدا أن هذه الشائعات تؤدي إلى شحن المواطن سياسيا، وقد تؤدي في بعض الأحيان للتأثير في مواقفه، وذلك لخدمة مروجي الشائعة». وأضاف سيد أحمد «وللحد من انتشار الشائعات في هذا التوقيت بالتحديد، يجب نشر الحقائق، مستبعدا أن يلجأ النظام المصري مستقبلا إلى التضييق على برامج «(التوك شو) لأن هذه البرامج تلعب دورا مهما وتخدم النظام السياسي».

ويرى الدكتور شعبان شمس، عميد كلية الإعلام بجامعة السادس من أكتوبر، «أن الشائعة أصبحت تستند إلى طرق علمية في إطلاقها وترويجها، ولم تعد تطلق بشكل عشوائي». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن الشائعات من سمات الانتخابات في جميع أنحاء العالم، وكانت تستخدم في الانتخابات الأميركية تحت عنوان «استراتيجيات الحملة الدعائية».