عراقيون: اتفاق تقاسم السلطة أمن لنا عيدا هادئا

العطلة انقضت دون أعمال عنف بارزة بخلاف الأيام التي سبقتها

أطفال يمرحون في ساحة ألعاب ببغداد أمس (أ.ب)
TT

لأول مرة منذ سنوات مر العيد في العراق خصوصا بأمان نسبي عزاه العراقيون إلى الاتفاق السياسي لتشكيل حكومة جديدة وإنهاء المأزق الذي استمر ثمانية أشهر. وخرجت الأسر التي ارتدت أجود ملابسها لتملأ المطاعم والأماكن العامة في بغداد التي اعتبرت أخطر مدن العالم لسنوات كثيرة في أعقاب غزو العراق الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 وأطاح بالرئيس العراقي الأسبق صدام حسين. وضجت شوارع العاصمة بالموسيقى الصاخبة وأبواق السيارات والألعاب النارية وازدحمت حدائق المدينة.

وحسب تقرير لوكالة «رويترز»، لم تكن هناك هجمات رئيسية في بغداد أثناء العيد الذي بدأ يوم الثلاثاء بالنسبة للسنّة وانتهى يوم السبت بالنسبة لمعظم الشيعة. ولكن وقعت هجمات بقنابل على الطرق وهجمات متفرقة على أيدي مسلحين في أنحاء البلاد خلال الأسبوع.

وكانت مظاهر الاحتفال في تناقض حاد مع الأيام التي سبقت الاتفاق السياسي الذي بموجبه تم اختيار رئيس الوزراء العراقي والرئيس ورئيس البرلمان. وزادت حدة التوتر قبل العطلة في أعقاب الاعتداءات والتفجيرات على المسيحيين وفي الأحياء الشيعية وسط هجمات يومية بقذائف الهاون والصواريخ على المنطقة الخضراء المحصنة التي تضم المكاتب الحكومية والسفارات في بغداد.

وقال علي أحمد، 40 عاما، الذي اصطحب أطفاله الثلاثة إلى مطعم في بغداد به ملعب صغير للأطفال، إنه يشعر بمزيد من الأمن هذا العيد عن العيد السابق. وأضاف أن هناك حركة أكثر للناس لأنهم يشعرون بأنهم أكثر أمنا، ولا توجد تفجيرات. ورأى أن هذا له علاقة مباشرة بجلسة البرلمان التي جرت قبل العيد. وضم الاتفاق الذي تم التوصل إليه حول المناصب الحكومية العليا في العاشر من نوفمبر (تشرين الثاني) الشيعة والسنّة والأكراد، وقد يساعد على منع الانزلاق مرة أخرى في أعمال العنف الطائفية التي اندلعت بعد غزو العراق الذي قادته الولايات المتحدة في 2003 إذا شعرت الأقلية السنية بتمكينها. وتراجع العنف بشكل عام بدرجة كبيرة منذ ذروة العنف الطائفي في الفترة بين 2006 و2007، لكن عمليات القتل والتفجيرات لا تزال تحدث يوميا ويشن مسلحون كل بضعة أسابيع هجوما مدمرا كبيرا يروح ضحيته العشرات.

وقال أحمد وهو يساعد ابنته البالغة من العمر أربع سنوات لتركب زلاقة في الملعب الصغير، إن الفترة السابقة كانت متوترة للغاية، وكان هناك الكثير من الهجمات والتفجيرات الإرهابية التي خلقت حالة من الخوف والتوتر في الشارع. ولكن أحمد قال إن الصدفة الرائعة جعلت جلسة البرلمان قبل العيد وكان لها أثرها الإيجابي.

واختلف ساسة العراق على المناصب في الحكومة الجديدة لمدة ثمانية أشهر في أعقاب انتخابات غير حاسمة. وسعى المسلحون إلى استغلال الفراغ السياسي من خلال شن هجمات.

ولقي 52 من الرهائن وأفراد الشرطة حتفهم يوم 31 أكتوبر (تشرين الأول) في هجوم على كنيسة سيدة النجاة في بغداد. وبعد يومين أعقب هذا الهجوم تفجيرات في مناطق تسكنها أغلبية شيعية في المدينة راح ضحيتها ما لا يقل عن 63 شخصا. ويقول مسؤولون إن التمرد في العراق قد ضعف بعد قتل الكثير من قادته هذا العام، لكنه لا يزال قاتلا.

ولم تخفف العطلة الشكاوى من نقاط التفتيش التي تنتشر في بغداد، والتي تسهم في اختناقات مرورية شديدة. لكن بعض السكان قالوا إن قلة الهجمات مبعث ارتياح وموضع ترحيب. وقالت افتخار المطلك (60 عاما) التي تقطن بغداد إن تشكيل الحكومة له تأثير على الأمن، وعبرت عن أملها في استمرار الجهود واختيار الوزراء. وأضافت بينما كانت تنتظر في سيارة حتى يحضر زوجها الطعام من أحد المطاعم، أن «الأمر المزعج في بغداد حقا هو العدد الكبير من نقاط التفتيش التي تجعلك تستغرق أكثر من ساعة ونصف الساعة للانتقال من حي إلى آخر».

وقالت أُم حسين، التي كانت تجلس مع زوجها وابنها الذي أكمل عامه الأول على أرجوحة في مطعم بحي الكرادة ببغداد، إنهم سيذهبون إلى بحيرة صناعية بعد تناول الغداء. وأوضحت أنهم قرروا عدم العودة إلى المنزل حتى وقت متأخر، مضيفة أنهم اختبأوا في أعقاب التفجيرات التي وقعت في الكنيسة لكن الاتفاق شجعهم على الخروج.